العرب بين غزة او السقوط الكلي _ يونس عودة

الثلاثاء 18 شباط , 2025 11:09 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لا يتوانى الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن التعاطي مع الحكام العرب على انهم ليسوا مجرد اتباع يجب ان يخدموا مصالح الولايات المتحدة , بل وايضا كأنهم موظفون في احدى شركاته , ومنها يأكلون الوجبات التي يحددها بنفسه .
لقد أغرق ترامب الحكام العرب بغالبيتهم , والاصح الذين يعتبرون أنفسهم , حلفاء للولايات المتحدة الاميركية ,في مأزق خطير , على خلفية فرض رؤيته عليهم بشأن غزة , وتهجير اهلها بكل السبل بما فيها استخدام القوة الاميركية الغاشمة مباشرة او عبر الكيان الصهيون وهو ما عبر عنه المجرمون الذين في يشغلون سلطات الاحتلال , وكذلك الذين خارج تلك السلطة .
ليست جولة وزير الخارجية الاميركية الجديد ماركو روبيو التي استهلها بلقاءات مع المجرمين وعلى رأسهم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه ، يسرائيل كاتس، الا في السياق , وهو عكسه نتنياهو باعتباره أن خطة الرئيس الأميركيّ، دونالد ترامب، لتهجير أهالي غزة من القطاع، هي "الوحيدة" التي يمكن أن تنجح، وإذا أراد سكان غزة الهجرة فهذا خيارهم"، و"أنا والرئيس ترامب نعمل بتعاون وتنسيق كاملين؛ لا أستطيع الخوض في كل التفاصيل، لكن لدينا إستراتيجية مشتركة،
وبالتوازي مع انتقال روبيو الى السعودية حيث كانت خطة ترامب على الطاولة, بدأت مجموعة نتنياهو تعد عملياتيا للتهجير بعد يومين من حصولها على بناء على قرار ترامب على   شحنة من قنابل “إم.كيه-84” الثقيلة , الاكثر فتكا ,من الولايات المتحدة، بعد أن رفع الرئيس الأمريكي حظرًا فرضته إدارة سلفه جو بايدن على تصدير الذخائر، وفي السياق قرر وزير الحرب "الإسرائيلي"، يسرائيل كاتس، إنشاء إدارة خاصة داخل وزارته مهمتها تنظيم ما وصفه بـ"الخروج الطوعي" لسكان قطاع غزة إلى دول ثالثة.، في ظل دعوات متكررة داخل الحكومة الإسرائيلية لفرض تهجير قسري على سكان غزة، بموازاة محاولات لإقناع دول باستقبال الفلسطينيين المراد تهجيرهم من القطاع.
ليس من المستهجن او الغريب ما يصدر عن المحتلين التوسعين , لكن ان يلاقي بعض العرب خطة ترامب في منتص الطريق باعتبار ان لا بدائل , فهو أكثر من مخز , وهنا يلفت حتى دبلوماسيون غربيون الى موقف دولة ال نهيان عبر ما قاله سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة عندما سُئل عما إذا كانت حكومته قادرة على إيجاد "أرضية مشتركة" مع ترامب بشأن غزة: "النهج الحالي سيكون صعبًا"، وربما شعر أن الأمر كان قويًا بعض الشيء، فاستمر في القول "نحن جميعًا في مجال البحث عن الحلول" ولا "أرى حقًا بديلاً لما يتم اقتراحه".
الموقف الاماراتي تزامن وصول روبيو الى ابوظبي ومع تسلم وكيل وزارة الخارجية الإماراتية عمر عبيد الحصان الشامسي نسخة من أوراق اعتماد يوسي شيلي، السفير الجديد لإسرائيل لدى الدولة، وتأكيد حرص دولة الإمارات على تعزيز شراكتها مع إسرائيل في شتى المجالات، ولم يشر , ولو من باب الدبلوماسية الى اهمية وقف حرب ابادة الشعب الفلسطيني والعدوان المستمر على لبنان , وكذلك سوريا .على اساس يمكن ان تكون ورقة تخدم تعزيز "الشراكة الاستراتيجية ".
من المفهوم ان الامارات تحت السطوة الاميركية الكاملة ,وبالرغم من ذلك فإنها قادرة على المناورة في حيز يخدم مصالحها حصرا , كما لديها قدرة على استخدام اوراق مهمة كبلد ثري يحظى بعشق ترامب كما غيرها من البلدان الثرية , سيما انها قدمت عشرات المليارات لسيد البيت الابيض الجديد وبقيت تضرب بسيفه , لا بسيف السلطان .كتعبير عن الخشوع امام صنم من الرمال يراود عن نفسه لأربع سنوات .

يبدو ان المأزق العربي يستحيل الخروج منه بأضرار مرحلية , لان المنطقة برمتها تحت الضغط غير المسبوق , لتصفية القضية الفلسطينية من جذورها , مع اقتلاع الشعب الفلسطيني من ارضه , وتشريده في اصقاع الارض , ضمن عملية ما يسمونه "التطهير العرقي " وقد تبدت ملامحها بحرب الابادة على غزة .ولم يبادر غالبية العرب الى العمل لوقفها , وجل ما كانوا يرددون ضرورة وصول مساعدات عينية لمن تبقى على القيد الحياة , والذين يتناقصون يوميا .

ليس ما يجري من حملات ممنهجة من جانب الاعلام الاسرائيلي  ضد مصر  غير القادرة على معاندة الادارة الاميركية الترامبية بقسوة , لكنها قادرة على ان تكون بالتنسيق مع السعودية كهدفين ترامبيين لتهجير الفلسطينيين قاعدة مهمة لإزالة وهم ترامب بان مصر والاردن - المرتعب - يمكن ان يشكلا ملاذا نتاجا لعمليته القهرية غير المسبوقة في التاريخ ,وبالتالي , ازالة "المونة", بهذا الموضوع بانهما سيرضخان , ومن دون تملق , او غش .وقد يساعدهما في ذلك قرار ترامب بوقف عمل وكالة التنمية الاميركية USAID , كفرصة ,بدل الابتزاز الذي تمارسه ادارته بالمقابل .ويبدو ان الاردن في هذا الاتجاه مكلوم , وفق ما ظهر على محيا الملك عبدالله الثاني امام نزق  ترامب الذي يشكل خطرا كبيرا على الاردن المستباح اميركيا .

من هنا فان لخطة ترامب مرامي اخرى , تساوي في خطرها تهجير الفلسطينيين إذا نجحت الخطة ,ويجب ان يكون الامر مستحيلا , لأنه بخلاف ذلك يتحقق الجزء الاخطر , وهو الانفجار الشعبي ,سيما ان شعوب المنطقة مثقلة بالهموم , وعلى رأسها الهموم الاقتصادية والمعيشية ,خصوصا تلك الموقعة معادات "سلام" مع الكيان , ما يضع اي بلد في دائرة نار داخلية .
ولذلك , فان اهون الاثقال هو رفض حقيقي لخطة ترامب التي دونها دماء وبالتالي تخفيض مستوى التبعية , واعادة تكوين سياسة عربية تكون في صميمها القليل من الشيم التي زالت حتى من المسلسلات التلفزيونية , مثل اهمية عدم قبول الاهانة المتواصلة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل