دولة الجبنة والكيان القرد _ عدنان الساحلي

الجمعة 14 شباط , 2025 02:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

 يقال إن الرزق السائب يعلم الناس الحرام، فكيف إذا كان هذا الرزق قالب جبنة، والحرامي قرد طماع مفترس وعدواني؛ فيما صاحب الجبنة، المكلف حمايتها، له شركاء في ملكيتها، فيتواطأ مع القرد على إطعامه الجزء الذي لا يعنيه من القالب، ظناً منه أن القرد لن يطمع بحصته وسيتركها له، عندما لا ينفع الندم.
حكاية القرد وقالب الجبنة تتطابق مع علاقات الدولة اللبنانية وكيان العدو "الإسرائيلي"، منذ أن أنشأت بريطانيا هذا الكيان غير الشرعي، على أرض فلسطين، وعلى حساب شعبها.
    فأركان الدولة اللبنانية والنافذون فيها، طالما تجاهلوا احتلال العدو "الإسرائيلي" لعدد من القرى اللبنانية، منذ العام 1948، والبعض يشير بحماس إلى معركة المالكية التي خاضتها قوة من الجيش اللبناني عام 1948، لكنه يتجاهل بأن تلك البلدة هي لبنانية يحتلها العدو وأن اصحابها لبنانيون، جرى إرسال الجيش في ذلك الوقت، للاشتباك مع عصابات الهاغاناه الصهيونية وأمثالها، لكنه، مثله مثل باقي الجيوش العربية، التي "هبّت" لنصرة فلسطين، لم يعمل على تحريرها، بل تركت تلك البلدة من ضمن ثلاثة عشر قرية لبنانية، أسيرة في أيدي الصهاينة، بعدما أجبر اصحابها على الرحيل إلى الداخل اللبناني.
     ولو بحثت على محرك "غوغل" فلن تجد لائحة بالقرى اللبنانية التي يحتلها العدو "الإسرائيلي"، لأن "غوغل" والقائمين عليه ليسوا حريصين أكثر من السلطات اللبنانية، التي تتجاهل وجود أراض لبنانية احتلها الغزاة الصهاينة منذ العام 1948، لكن اللبنانيون يتداولون ويكررون أن: المالكية وهونين، قدس، تربيخا، صلحا، النبي يوشع وآبل القمح وغيرهن من البلدات، المسماة خطأ القرى السبع، هي أراض لبنانية محتلة، يحتاج دعاة الحياد في لبنان إلى دروس في الوطنية والكرامة ليطالبوا بها وبإعادتها إلى اصحابها.  
     وهنا لا بد من ذكر الراحل العميد ريمون إدة، الذي فاجأ الحكومة اللبنانية بتذكيرها، في أواسط ستينيات القرن الماضي، بأن القرى المحتلة ليست سبع، بل هي ثلاث عشرة قرية ومزرعة، من بينها النخيلة وغيرها، يحتلها العدو "الإسرائيلي" من ضمن سياسة القضم التي يمارسها "القرد الصهيوني" بحق لبنان "قالب الجبنة".
    والواقع كما تبينه الأيام والممارسات، أن القرد الصهيوني يطمع بكل الأراضي اللبنانية، من ضمن مشروعه التوراتي المزيف (حدودك يا "إسرائيل" من الفرات إلى النيل). لكن هذا العدو يراعي قدرته على الهضم، من جهة، كما يراعي الحسابات الدولية والإقليمية، التي ترعى مشروعه وتحميه وتتواطأ معه وتقدم له ما يلزمه من دعم.
   وهكذا، استغل العدو "الإسرائيلي" حرب 1967، التي لم يشارك بها لبنان؛ واحتل فيها الجولان السوري، فوسع وجوده العسكري ليشمل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية، المحاذية لمرتفعات الجولان.
   وعندما نفذ العدو ما يسمى "الاجتياح الأول"، عام 1978 وأنشأ دويلة العميلين الضابطين في الجيش اللبناني، سعد الحداد وأنطوان لحد (دولة لبنان الحر)، بدأ عمله لإيجاد حزام أمني له، يفصل به الشمال الفلسطيني عن الجنوب اللبناني. وكرس ذلك في اجتياحه الثاني عام 1982، الذي وصل فيه إلى العاصمة بيروت. وعندما أجبرته المقاومة على الانسحاب على مراحل، من العاصمة والجنوب عام 2000 وفككت دويلة العملاء، أصر العدو على إبقاء نقاط له داخل الأراضي اللبناني، حددها الجيش اللبناني بأحد عشر نقطة، أصر الرئيس الأسبق إميل لحود على التمسك بها ورفض شرعنة وجود العدو فيها، لذلك يسمى الخط الفاصل بين لبنان وكيان الاحتلال بـ"الخط الأزرق"، لأنه ليس الحدود الدولية الفاصلة مع فلسطين المحتلة. كما واصل العدو احتلاله لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

 وهذه الأيام، يستغل المحتل "الإسرائيلي" الدعم الأميركي المطلق لعدوانه، ليسطوا على المزيد من الأراضي اللبنانية، فيتلكأ عن الانسحاب من القرى التي دخلها بعد وقف إطلاق النار، علماً أنه كرر مراراً، أن حدوده يجب ان تصل إلى نهر الأولي، أو إلى نهر الليطاني. وهو يصر حالياً على البقاء في خمس أو سبع نقاط، داخل الأراضي اللبنانية، هي تلال حاكمة، تتيح له الإشراف والسيطرة على مساحات واسعة من الأرض اللبنانية، خصوصاً أن الإدارة الأميركية تغطي له جرائمه في إبادة وتهجير الشعب الفلسطيني، فتضيع الأراضي اللبنانية، في زحمة السجال عن التطهير العرقي والتدمير في غزة؛ وعمليات القتل والتهجير في الضفة الغربية الفلسطينية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل