أقلام الثبات
ينتهي العام 2024 ولم تنته حرب "الستين يوماً" على المقاومة وأهلها في لبنان، والتي قاتلت فيها المقاومة بشكل كربلائي، وأجبرت العدو على التقدم ببطء، ودون استقرار، مع خسائر كبيرة، مما أجبر العدو على القبول بوقف النار؛ خلافاً لموقفه في غزة التي لا يزال يماطل بعد 14 شهراً من الإبادة.
بدأت مرحله الستين يوما من الهدنة التي كان من المفترض ان ينسحب العدو فيها ويستلم الجيش اللبناني والقوات الدولية، لكنها كانت 60 يوماً لحرب من طرف العدو على مرأى القوات الدولية والجيش اللبناني المقيّد سياسياً، والثرثارين السياسيين في لبنان الذين يكرّرون ضرورة الالتزام بالقرار 1701 الذي التزمت به المقاومة ولم تلتزم به "إسرائيل".
60 يوماً من كظم الغيظ والصبر على التوغل "الإسرائيلي"، إنها ذروة الشجاعة للمقاومة، ورأس الحكمة والعقلانية والموضوعية والحنكة في العمل السياسي وانتصار بالحرب الناعمة التي تواجه الحرب الساخنة "الإسرائيلية"، ولكشف عورات الأمم المتحدة والحكومة والثرثارين والمرجفين، والأغبياء ايضاً، فكل يوم من الستين يوماً للهدنة هو ربح إضافي للمقاومة وأهلها، ودليل يومي يقدّمه العدو، دون قصد، على ضرورة الاحتفاظ بالسلاح وحفظ المقاومة، وصرخة "إسرائيلية" في وجه الذين يقولون "لا شرعية لسلاح المقاومة"، و"لا يمكن وجود شرعيتين في وطن واحد"، لكننا نقول: إذا تزاحمت الشرعيّتان؛ الرسمية المتخاذلة والضعيفة، وشرعية السلاح المقاوم والقوي، فإن الأولوية لشرعية السلاح المقاوم.
أثبت المجتمع المقاوم؛ من المقاومة وأهلها، احترافية عالية في الميدان والصبر، فالشجاعة ان تمتلك الإرادة الحكيمة، وعدم الانفعال او التهور او المغامرة، وربما يمكنك اسقاط مشروع عدوّك وأعوانه في الداخل بصبرك وهدوئك أكثر مما يمكنك فعله بصواريخك وطلقاتك.
60 يوما من القتال من طرف العدو والصبر والالتزام بالاتفاق من المقاومة.. معركة ربحتها المقاومة واهلها، واستعادت ترميم شرعيتها ووجودها، وقدّمت لأجيال الشباب الذين لم يعيشوا تحت الاحتلال ولا تحت القصف ان يروا ما هو مصيرهم لو تخلوا عن المقاومة وسلاحها.
على المقاومة واهلها التزام الصبر وكظم الغيظ في ما تبقى من أيام الهدنة، وفي حال لم يلتزم العدو الانسحاب بتاريخ 26 كانون الثاني 2025 فإنه سيكون احتلالاً للأرض ونكثاً لاتفاق وقف النار، مما يحرّر المقاومة واهلها من صبرهم والتزامهم، ويُلقم الثرثارين والأمم المتحدة حجراً في أفواههم، لتستعيد المقاومة حقها بالمقاومة.
لكن السؤال: أي مقاومة يجب اعتمادها، خصوصاً بعد سقوط سوريا والعالم العربي، وانعدام جبهات الإسناد الحقيقية للبنان، وبسبب نشوة النصر والمغامرة لدى التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" لابد من مناقشة استراتيجية ومنهجية المقاومة لتغييرها وتعديلها وفق التالي:
- العودة الى أساليب الأيام الأولى للمقاومة في اجتياح عام 82، والبدء بعمليات ضد الاحتلال داخل الأراضي اللبنانية، ومشاغلته دون العودة إلى مرحلة القصف بالصواريخ داخل فلسطين المحتلة، لسلب العدو ورقة الاجتياح الجوي الذي لا يمكن للمقاومة ان تمنعه، ومن يمنع المقاومة أو يعارضها سيكون عميلاً للعدو في الداخل، ويتكامل كلامه وموقفه السياسي مع الدبابات "الإسرائيلية" التي تحتل أرض الجنوب.
- تغيير اساليب ونوعية سلاحها، والاعتماد على السلاح الذي لا يمكن حصاره او قطع طرق الإمداد عليه، ولا يستدرج اجتياحاً جوياً في العمق اللبناني.
- إعادة العمل بالمقاومة الوطنية الشاملة، وتحشيد القوى الوطنية الدينية والعلمانية واليسارية؛ كما كان الحال في السنوات الأولى للاجتياح "الإسرائيلي" عام 1982.
- بناء جبهة مقاومة اعلامية وثقافية واقتصادية في الداخل (من أصحاب الكفاءة وليس من المراهقين والمسترزقين والوصوليين) لمواجهة المعارضين للمقاومة، سواء كانوا عملاء مباشرين للعدو او يخدمون العدو بدون قصد.
- التقليل من خطاب التهديد والوعيد، وعدم المبالغة في القدرات وتحديد المهل وتوجيه الإنذارات وتحميل المقاومين فوق طاقاتهم.
- حصر واجب المقاومة ودورها في حماية لبنان وأهلها، والاكتفاء بالمساندة الإعلامية والإنسانية للجبهات الأخرى، بعد الضربات الكبرى التي أُصيبت بها وتغيّر الأوضاع الإقليمية، وإعادة "إعمار" المقاومة والقرى والمدن.
لابد من تقييم المرحلة السابقة لعمل المقاومة التي مرت بمرحلتين،:
- مرحلة المقاومة الشاملة؛ المدنية والعسكرية، بأطيافها الدينية واليسارية المتعدّدة والحزبية والشعبية.
- مرحلة المقاومة التي تحملتها المقاومة الإسلامية لوحدها مع حركة امل.
الحرب لم تنته، ولن تنتهي، ويجب الإعداد لها وعدم الاستسلام، لكن وسط ظروف أصعب وأقسى، فسوريا لم تعد ساحة إمداد، بل ساحة مواجهة وحصار من الخلف، والعدو "الإسرائيلي" يحاصرنا من الجهات الأربع!
أي مقاومة نريد إذا لم ينسحب العدو؟ ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 31 كانون الأول , 2024 11:24 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة