أقلام الثبات
بعد الحرب "الإسرائيلية" المتوحشة على لبنان، والتي قاتلت فيها المقاومة بشكل اسطوري طوال أكثر من 60 يوماً، ولم تنهزم ولم تتراجع، ثم وقّعت "اتفاق تشرين - اتفاق الضرورة"، ليس عجزاً منها، بل لحفظ أهلها (بعضهم لا يزال نازحاً في العراق) الذين كانوا ضحايا مطاردة الطيران "الاسرائيلي" لهم، لقتلهم وتهجيرهم دون أي رادع أخلاقي او قانوي.. وافقت المقاومة على وقف النار بثمن تراه المقاومة منصفاً، يتمثّل في عودة أهلها الى ديارهم، ووقف المجازر والتدمير المنهجي والمتوحش، شرط التزام العدو وضمانة أميركا والأمم المتحدة.
رضيت المقاومة بمهلة الستين يوماً لانسحاب العدو وتأمين عديد الجيش اللازم مع القوات الدولية، لملء الفراغ بعد انسحاب المقاومة من جنوب الليطاني والجيش "الاسرائيلي" ايضاً، ولم يرد في الاتفاق أن مهلة الستين يوما هي مهلة مُقيّدة للمقاومة والجيش والقوات الدولية، ومع حرية الحركة للعدو مقابل 60 يوماً من الحرب والقتال الدامي لتنفيذ ما عجزت عنه "إسرائيل" أثناء الحرب، والتي تحتاج الى تنفيذه في حال استمرارها لأشهر مع خسائر في جيشها ومدنها، وذلك في عملية خداع وغدر "إسرائيلي" وتواطؤ دولي واميركي وعجز حكومي والتزام "حكيم وعاقل" للمقاومة التي ضبطت نفسها ولا زالت.
ما تقوم به "إسرائيل" من خرق فاضح لاتفاق وقف النار يمكن استثماره لصالح المقاومة وأهلها، رغم الخسائر المادية والمعنوية التي تلحق بهم ومن هذه الارباح التي يمكن البناء عليها في الأيام القادمة ما يلي:
- سقوط منطق حماية الأمم المتحدة للبنان.
- سقوط منطق قدرة الدولة والجيش على تأمين الحماية والتصدي للعدو، بسبب عدم توازن القوى والإمكانيات.
- سقوط منطق الثرثارين اللبنانيين من بعض القوى السياسية التي كانت تنادي بتنفيذ القرار 1701 واقفلت افواهها وصمتت عن خروقات "اسرائيل" اليومية.
- سقوط مقولة تحميل المقاومة مسؤولية التحرّش، بالعدو والدليل ان المقاومة التزمت لليوم السابع والعشرين بوقف النار رغم الاعتداءات "الإسرائيلية" وانسحبت من مواقعها جنوبي الليطاني وأكمل العدو بالتعاون مع القوات الدولية تفجير ما تبقى، ومع ذلك لا يزال العدو يجرف ويدمّر ويخطف ويثبت انه عدواني بطبيعته، دون مبرّر او اتهام للمقاومة بالاستفزاز وهو يتعدى على لبنان منذ عام 1948 قبل ان تولد كل المقاومات الوطنية واللبنانية والإسلامية.
قدّمت "اسرائيل" الدليل الحسي والمادي على ضرورة "بقاء" المقاومة في لبنان ووجوب الاحتفاظ بسلاحها وعديدها وفكرها لتأمين حماية لبنان والسيادة المفقودة، لكن أي مقاومة مطلوبة في لبنان؟
- مقاومة داخل الجغرافيا اللبنانية، مهمّتها تأمين المن للبنان وحماية أرضه وتحرير ما تبقى منها.
- مقاومة سياسية، لحفظ المقاومة بتشكيلاتها السياسية والاجتماعية والثقافية.
- مقاومة لا تقوم بمهام إقليمية إلا سياسياً واعلامياً وثقافياً.
- مقاومة تتحرّك ،كعضو جزئي من الأمة، بما يتعلق بالقضية الفلسطينية وليست وكيلاً او نائباً عن الشعب الفلسطيني، خصوصاً ان هذه الأمة تحاصر وتقاتل من يقاتل إسرائيل!
نحيّي المقاومة بشقيها العسكري والسياسي لالتزامهما "باتفاق الضرورة" رغم كل الأثمان والمزايدات ونطالب ان يبقى الالتزام حتى مهله "الستين يوماً"، فإن لم يرتدع العدو ،فلابد من الضغط عليه بخطوات متدرّجة سياسية وحكومية ودوليه وإذا انقضت ال 60 يوما ولم يرتدع العدو، فلابد من سلوك ما يردعه ويحفظ لبنان وأهله وفق نص الاتفاق (ولا تمنع هذه الالتزامات “إسرائيل” أو لبنان من ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس، بما يتفق مع القانون الدولي...).
يحاول العدو، كسر معنويات المقاومة، بسبب التزامها بوقف النار لاستفزازها والتصرّف بانفعالية ومنعها من التقاط أنفاسها وإعادة هيكلة وتنظيم تشكيلاتها بعد الضربات القاسية التي تعرّضت لها ،ويسعى العدو لاستغلال الفرصة ،للقضاء عليها بعد سقوط سوريا.
لا تلتفتوا، للمزايدين او المعترضين بسوء نية او حسن نيّة واحفظوا المقاومة وتفهّموا موقفها الحكيم، فهي تكظم غيظها وتضبط انفعالاتها من أجل اهلها وليس من اجل نفسها..
الرأي قبل شجاعة الشجعان... ونِعمَ الرأي بضبط النفس والصبر والانتظار...
"إسرائيل" تُسقِط الدولة و1701 والأمم المتحدة.. وتَستنهِض المقاومة ــ د. نسيب حطيط
الإثنين 23 كانون الأول , 2024 12:31 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة