أميركا... ونزع سلاح محور المقاومة _ د. نسيب حطيط

الجمعة 13 كانون الأول , 2024 02:18 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
في الذكرى الواحدة والعشرين لحل الجيش العراقي وتدمير أسلحته، وعلى مشارف الذكرى 46 من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وفي الذكرى السنوية الأولى "لطوفان الأقصى"، استطاع التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" التكفيري إسقاط سوريا وحل الجيش السوري وتدمير الترسانة العسكرية والعلمية السورية التي بناها السوريون منذ حقبة الاتحاد السوفياتي.
يتقدّم المشروع الأميركي بسرعة كبيرة لتفكيك محور المقاومة ونزع سلاحها الثقيل الذي يهدّد الكيان "الإسرائيلي" او الوجود الامريكي، وابقاء السلاح الفردي والمتوسط الذي تحتاجه اميركا لإشعال الحروب الأهلية والطائفية والقبلية والمذهبية والعرقية لإنهاك الشعوب ودفعها للاقتتال، لإراحة اميركا، ثم الاستنجاد بها، للحماية من بعضهم، لتصبح اميركا المحتل والقاضي، القاتل والمطالب بالثأر، السارق للثروات والحارس للكيانات الوهمية الورقية، والقضاء على ما كان يسمى الأمة والأنظمة والشعوب، وتحويل العالم العربي ابتداءً، ثم الاسلامي، الى جماعات بشرية يحملون بطاقات هوية بعنوان "عبيد أميركا"، بربطات عنق وعمائم وعقال وأعلام مزركشة.
سقوط سوريا ليس حدثاً عادياً او انقلاباً محلياً، بل زلزال سياسي وعسكري على مستوى العالم العربي وحركات التحرر، بمواجهة المشروع الأميركي بعيداً عن وجه النظام والسلوكيات الداخلية من فساد او ظلم وهو نسخه طبق الأصل عن الأنظمة العربية او بعض الأحزاب والتنظيمات أيضاً، وندين كل ظلم وفساد سواء مارسه نظام او فرد او جماعة، لكن ما نتحدث عنه هو الدور الاستراتيجي لسوريا، والذي قامت به منذ اكثر من 40 عاما بدعم حركات المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين ودعمت الثورة الإسلامية في إيران وحيدة عند انتصارها، وعندما شن العراق الحرب عليها وكانت سوريا ملجأ الوطنيين والإسلاميين العراقيين هرباً من صدام حسين.
أسقط التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" سوريا بعد إسقاطه المقاومة الفلسطينية المسلحة في غزة وفلسطين، وألحق خسائر بالمقاومة في لبنان، واستطاع تحييدها مؤقتاً عن ساحات الصراع والإسناد في الإقليم، وبالتالي فإن امريكا حيّدت ثلاث ساحات من محور المقاومة وبقي عليها إسقاط او تحييد ثلاث ساحات هي العراق وإيران واليمن، وفي حال نجاح مشروعها يكون الشرق الاوسط او غرب آسيا قد سقط بيدها.
وضعت أميركا الآن العراق بين خيارين، إما ان تغزوه "داعش" مرة ثانية، وبقوة وحشود أكبر، وإسقاط النظام (الشيعي)، وتدمير الحشد الشعبي في معركة ربما تطول سنوات او إستنساخ ما جرى في سوريا بشكل معدّل، بحيث تقوم الحكومة العراقية بحل الحشد الشعبي كقوّة منفصله ودمجه في الجيش العراقي وخضوعه كلياً للحكومة العراقية ونزع سلاح الفصائل المقاومة العراقية التي لا تنضوي في الحشد الشعبي، وذلك لتحييد العراق واختصار المسافة الزمنية للانقضاض على إيران، ويبدو ان مفاوضات ممثل الامم المتحدة والضغوط الأميركية والانقسام الشيعي والترّد الايراني وإغتيال "السيد الشهيد" في لبنان سيؤثرون على القرار العراقي، ويمكن ان يقبل التحييد وفق النظرة الأميركية، مع حفظ ماء الوجه، او يدخل في الاشتباك الشيعي - الشيعي، ثم الاشتباك الشيعي - "الداعشي" مدعوما من بقايا البعث الصدامي والأحزاب السّنية التي تريد استعادة الحكم .
إذا نجحت الخطة الأميركية في العراق، فليس من المستبعد ان تبادر اميركا في الذكرى 46 لانتصار الثورة في إيران في شباط القادم، بإشعال ثورة "المايوه" في الجامعات، للبدء بإسقاط النظام من الداخل، مستفيدة من سيطرة الإصلاحيين على النظام والإرباك الذي اصاب إيران بعد غزة ولبنان وسوريا وتحييد العراق.
ان لم تبادر إيران للخروج من دائرة التردّد والمفاوضات والوعود والضمانات وتقوم بعمل استباقي لرد العدوان عن العراق وإيران واليمن، لاستنقاذ ما تبقى من محور المقاومة وإعادة ترميم ما سقط منها، فإن سيناريو إسقاط الساحات واغتيال قادة المقاومة او اسقاطهم او تحييدهم سيتكرّر في إيران بضربة قاضية (لا قدّر الله)، وتنهي مشروع الإمام الخميني العالمي، فتكون امريكا قد ثأرت لنفسها واستعادت الحكم في إيران بعد 46 عاما..
 على إيران الا تتأخر باستخدام سلاحها وقدراتها حتى لو كان نووياً، وإلا ستدمّره اميركا، كما دمرت سلاح سوريا والعراق.
لا زالت الفرصة متاحة وإمكانية الانتصار لها بعض الملامح، وعلى الأقل ألا تسقط المنطقة بيد اميركا دون خسائر أميركية، وبلمحة بصر.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل