"حِلُّوا" عن الجيش والشعب والمقاومة _ أمين أبوراشد

الجمعة 06 كانون الأول , 2024 02:18 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ليست عبارة "خط أحمر" ملكية حصرية لرجال الدين وأهل السياسة في لبنان، بل هي ملك كل أبناء الوطن متى كانت المصلحة اللبنانية العليا تقتضي ذلك، وبدل أن نسمع هذه العبارة من دُعاة السيادة ضد الخروقات الصهيونية التي ناهزت الثمانين منذ إعلان وقف إطلاق النار،  نرى خطوطاً حمراء معترضة على هذا المرشح أو ذاك لرئاسة الجمهورية، ولا اعتراض لدينا على حرية الرأي والاختيار ولكن، هل من المنطق والوعي، أن يكون اسم قائد الجيش العماد جوزف عون بصفته الوظيفية الحساسة، مطروحاً للبازارات الإعلامية السلبية، فيما قيادة الجيش في مقلب آخر من الاهتمامات والهموم الوطنية للانتشار في الجنوب، ومن بعده الاستعداد لمواجهة واردة  مع العناصر الإرهابية التي دخلت محافظة حماه السورية وهي على أبواب حمص، وبالتالي على الحدود اللبنانية الشرقية والشمالية؟

سواء أحببنا أو كره البعض العماد جوزف عون، فهذا قائد ملتزم بمؤسسة هي الأهم في الدولة اللبنانية، وقد تكون الأكثر صموداً بعد انهيار المؤسسات الرسمية، وعرف هذا القائد، كيف ينأى بها عن كل التجاذبات والأزمات الداخلية بحكمة وحيادية، ومنذ الثورة المشؤومة في 17 تشرين والجيش يقوم بوظيفة أمن داخلي في كل البؤر "الثورية" المُتنقِّلة، رغم معاناته من نقص في العديد والعتاد والتموين والتمويل، فما هو المطلوب منه بعد برأي جهابذة التحليل السياسي والعسكري والإستراتيجي، خاصة مع المخاطر المستجدة القادمة من الحدود الشرقية والشمالية، عندما يتطلب الأمر انتشار هذا الجيش على تلك الحدود إضافة إلى الجنوب، وهو بدأ إرسال قوات برية إلى الجرود الشرقية؟

كل ما هو مطلوب من الأحزاب والشرائح السياسية التي تستعد لتلك الجلسة "التاريخية" لمجلس نيابي عقيم بهدف انتخاب رئيس للجمهورية، إقصاء معادلة الجيش والشعب والمقاومة عن الألسن الببغائية الغبية، التي تعكس انعدام الوعي لما ينتظر لبنان من الشرق والشمال إضافة الى الجنوب، وكيف لهذا الجيش المواجهة منفرداً، والمخاطر قادمة براً من الجهات الثلاث؟

دقّ الأسافين بين الجيش والمقاومة حصل ويحصل من طرف فريقين؛ الفريق الذي يشكك بإمكانية وصول قائد الجيش الى الرئاسة نظراً للعقبات الدستورية التي تُلزمه بالاستقالة من منصبه، قبل ستة أشهر من موعد جلسة انتخاب الرئيس، إضافة الى عدم توافر بعض المؤهلات لديه لمنصب الرئيس، دون أن يوضح هذا الفريق نوعية هذه المؤهلات التي قد يمتلكها زياد بارود، ونعمت افرام، وجورج خوري، وابراهيم كنعان، والياس البيسري، وناجي البستاني، وناصيف حتي، ولا يمتلكها جوزف عون- مع حفظ الألقاب للجميع- والفريق الثاني المتمسك بمرشحه دون سواه، سواء كان من 8 آذار المُصرّ على سليمان فرنجية، أو 14 آذار المتمسك بجهاد أزعور؟

وهذا التمادي بتناول اسم قائد الجيش في السجالات الانتخابية، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، ليس مناسباً، لأنه بتوقيت غير مناسب، حيث الجيش يواجه باللحم الحيّ تجاوزات العدو الصهيوني في الجنوب، ومخاطر التكفيريين القادمين من الشرق والشمال، بعد أن اجتازوا حماه وباتوا على أبواب حمص الحدودية مع لبنان، ومطلوب من هذا الجيش ما هو أهم من تداول اسم قائده في البازارات الانتخابية، ولينتخبوا مَن ينتخبون لبعبدا ولكن، ليبعدوا ألسنتهم عن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، لأن الظروف التي أوجدت هذه المعادلة ما زالت قائمة للحفاظ على جمهورية وهُم أعجز من أن ينتخبوا ناطوراً لها.

سوريا دخلت في معركة سياسية كبرى وغير مسبوقة بالتزامن مع المعارك الطاحنة، وأبو محمد الجولاني بعد ظهوره في قلعة حلب، دخل الحلبة السياسية وكُشِف عن اسمه الحقيقي "أحمد الشرع" هو الذي خلع عباءة النصرة سابقاً، وخاطب الآن رئيس الوزراء العراقي بطريقة "دبلوماسية"، وبعث برسائل للسفارات للطمأنة أن ما يحصل هو لبناء دولة مدنية، ولا تعليق على هكذا مدنية قائمة على الإرهاب، لكن لا يُعتقد أنه من مصلحة الدول العربية قيام دولة شبيهة بنظام طالبان في بلاد الشام، بدعم "عثماني" تحت راية العلم التركي، بالتكافل والتضامن مع الكيان الصهيوني والراعي الأميركي، وسط مواقف وإجراءات غير كافية من روسيا وإيران لغاية الآن.

وننهي مع الواقع اللبناني الحالي، وتداعيات الوضع السوري، بأن الجيش اللبناني يؤدي واجبه على الحدود الشرقية ضمن إمكاناته، والمقاومة مدركة لواجبها في هذا الإطار ولكن، لا يجب أن نُسقِط دور الشعب اللبناني من المعادلة الذهبية، هذا الشعب الذي تجاوز بنجاحٍ مُبهر، معمودية الاندماج الوطني على مدى شهرين من استضافته للأهل النازحين، رغم المعاناة المعيشية للضيوف والمضيفين، وهذه المعمودية يُبنى عليها بالمزيد من اليقظة الشعبية، أن هناك خلايا نائمة من الإرهابيين في لبنان، وإذا كان البعض من السياسيين لا يعترفون بوجود خلايا نائمة فهذا يعني أنهم نيام، وليتركوا الأمور بعهدة الجيش والشعب والمقاومة، ولبنان مع هذه المعادلة سيكون بخير.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل