"حماس".. بين الاجتثاث والتدجين _ د. نسيب حطيط

الأحد 10 تشرين الثاني , 2024 12:15 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يستمر الهجوم الاميركي المضاد على حركات التحرر في المنطقة للقضاء على آخر صوت مناهض لمشروع الاستعمار الامريكي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في التسعينات، حيث تعلن الإدارة الأميركية حربها على حركات المقاومة، مع اختلاف اهدافها ومنطلقاتها، فبعضها ضد المشروع الاميركي بشكل مطلق، وبعضها يسبب الازعاج او ان مهمته قد انتهت والتي خدمت أميركا بشكل مباشر او غير مباشر وبتنسيق مع اميركا او وفق تقاطع المصالح او الاهداف المرحلية، وقد بدأت أميركا بإستراتيجية "الاجتثاث او "التدجين" وفق التالي:
- الصراع الفلسطيني - "الإسرائيلي": استطاعت تدجين "حركة فتح" التي تمثل عمود خيمة المقاومة الفلسطينية عبر اتفاقية "أوسلو" وانتقلت الحركة من حركة مقاومة مسلّحة الى حركة - السلطة التي تعمل بالتنسيق الأمني مع العدو.
-  العراق: قامت اميركا بغزو العراق واجتثاث حزب البعث العراقي وحل الجيش العراقي التابع لنظام صدام حسين الذي أعدمته، بعد تعاونها ودعمها له في الحرب العراقية على إيران، وتشجيعه على غزو الكويت، ثم القضاء عليه وعلى نظامه بعد انتهاء الحروب التي أنهكت العراق وإيران والكويت، وربحت اميركا ولازالت على كل المحاور........
- أفغانستان: تدجين حركة طالبان وتوقيع الاتفاقيات معها لاستلام السلطة في افغانستان وانتقالها للحضن الأمريكي بعد صراعٍ معها والاحتفاظ بها، كورقة يمكن استخدامها ضد إيران او روسيا في اللحظة التي تراها اميركا مناسبة.
- اجتثاث "الأفغان العرب" وقتلهم ومطاردتهم والذين احتضنتهم "القاعدة" وقائدها أسامة بن لادن الذي قتلته أميركا ثم أعادت تدوير المنتسبين لها لصناعة "داعش" و"النصرة" التي لا زالت اميركا تستثمرهما في سوريا والعراق..
تستكمل اميركا بالتعاون مع حلفائها وادواتها مشروع اجتثاث حماس في غزة على المستوى العسكري والاداري والسياسي مع استكمال خطة تدجين ما تبقى منها سياسياً في المنفى، حيث طلبت اميركا من قطر إغلاق مكتب حماس ،آخر نافذة سياسية وإعلامية في الخارج لشطب المفاوض السياسي او حصاره ووضعه تحت الإقامة الجبرية السياسية، لإرغامه على التوقيع على ورقة "الاستسلام" من خلال:
- التنازل عن الحكم في غزة وتسليمه للسلطة برئاسة محمود عباس.
- تسليم الأسرى وفق الشروط الإسرائيلية.
- تسليم ما تبقى من سلاح للسلطة الفلسطينية وفق اتفاقيات "أوسلو" أي تسليم السلاح الثقيل لإسرائيل.
- السماح لها بالانتساب لمنظمة التحرير الفلسطينية بشرط الالتزام باتفاقياتها وتعهداتها أي الاعتراف بدولة "إسرائيل".
- السماح لها بالبقاء كحزب سياسي وحركة دينية ضمن منظومة "الإخوان المسلمين".
 وضعت اميركا حركة حماس بين خيارين اما التوقيع والاستسلام او الطرد من قطر في حال رفضت الشروط، فلن يكون لها مقر في أي دوله تابعة لأميركا وستنحصر وجهة مسؤولي حماس اما الى لبنان الذي سيتعرضون فيه للاغتيال، طالما ان الحرب قائمة او الى إيران ،مما يجعل إيران وحماس في مرمى الهجوم الاميركي ويزيد من عزلة حماس داخل الفضاء العام "السنّي" والعربي الذي سيتهمها بأنها في حضن "الشيعة - الرافضة"، وبالتالي لا يجوز الرحمة على مسؤوليها لأنهم خدشوا العقيدة.
في الشتات الأول، لمسؤولي "حماس بعد طردهم من "الأردن" لم يُسمح للطائرة التي حملتهم بالهبوط الا في دمشق التي حضنتهم وأمدتهم بكل ما تستطيع، لكن حماس انقلبت على النظام وأيّدت "المعارضة السورية" ورفعت علمها ،مما أقفل أبواب دمشق ..والتي لن تفتح أبوابها مجدداً!
لن يتوقف الهجوم الأميركي على حركات المقاومة ومحورها، ضمن استراتيجية اسقاط الساحات "تسلسلياً" واحدة بعد اخرى وسيزداد الهجوم الامريكي شراسة مع استلام "ترامب" للسلطة وهو الذي بدأ تنفيذ مشروع اجتثاث وقطع رؤوس حركات المقاومة عندما اغتال في العام  2020 الشهيدين "سليماني" و"المهندس" ثم تابع الديمقراطيون بيد إسرائيلية اغتيال "السيد الشهيد" و "إسماعيل هنية" و "السنوار" وبقية قيادات المقاومة والتي ستكملها اميركا واسرائيل وحلفاؤهم لإعادة السيطرة وحماية النظام الرسمي العربي التابع لأميركا والذي يرى بحركات المقاومة تهديداً لملكه وسلطته!
عندما تنتهي امريكا من حماس ،ستكمل مشروعها في لبنان لاجتثاث المقاومة، لانعدام خيار "التدجين" او الاستيعاب ...ولهذا ستكون الحرب الإسرائيلية على لبنان أكثر شراسة وبسقف زمني مفتوح ...إلا إذا استطاعت المقاومة "بإذن الله" إصابة العدو بضربات نوعية او إذا تراجعت "إيران" عن تردّدها وتأخرها بالرد النوعي المساند لجبهة لبنان او بدء المفاوضات مع أميركا للمساكنة الشاملة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل