"إسرائيل" من الحرب الخاطفة.. إلى حرب الاستنزاف ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 09 أيلول , 2024 11:11 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ عام 1967، تفضِّل "إسرائيل" استعمال مبدأ الحرب الخاطفة، أي الحرب التي تقوم على استخدام عنصر المفاجأة والهجوم بقوة وبسرعة لتحقيق انتصار سريع على العدو، بأقل كلفة ممكنة.

ولقد تطور مبدأ الحرب الخاطفة مع الجيش الألماني خلال فترة النازية (الفيرماخت)، والذي طبق هذا المفهوم واستخدمه على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية، خصوصاً خلال الغزو الألماني لفرنسا، وأيضاً خلال عملية "بارباروسا" التي سعى فيها الألمان لاجتياح الاتحاد السوفياتي، لكنها تحوّلت الى حرب استنزاف أرهقت الجيش الألماني وأدّت الى هزيمته في النهاية.

أما حرب الاستنزاف فهي الحرب التي تستمر لوقت طويل دون قدرة أي طرف على إنهائها. وتُعرِّف الموسوعة الدولية للحرب العالمية الأولى حرب الاستنزاف بأنها "العملية المستمرة لاستنزاف الخصم من أجل إجباره على الانهيار الجسدي، من خلال الخسائر المستمرة في الأفراد والمعدات والإمدادات، أو استنزافه إلى الحد الذي تنهار فيه إرادته في القتال". وتهدف حرب الاستنزاف أيضاً الى التأثير على الروح المعنوية لجمهور وشعب العدو، أو ما يشار إليه بـ"الجبهة الداخلية".

وعلى هذا الأساس، تمّ تصنيف الحرب العالمية الأولى بأنها حرب استنزاف، وقد تميزت بخسائر كبيرة في الأفراد والمعدات، وعدم القدرة على إنهاء الحرب بشكل حاسم، والقتال الاستنزافي الدموي، حيث كان الهدف في عدد من الحالات غزو التضاريس التي لا قيمة تكتيكية واستراتيجية لها.

عملياً، وبالنظرة الى تاريخ الحروب العربية "الاسرائيلية"، نجد أن "الاسرائيلي" كان دائماً يلجأ الى مبدأ الحرب الخاطفة السريعة، وذلك انطلاقاً مما حققه في حرب الأيام الستة. فنجد أن حرب اكتوبر عام 1973 كانت حرباً سريعة، ويمكن أن نذكر أيضاً حرب تموز 2006 التي استمرت 33 يوماً، والتي أدّت الى ضغوط كبيرة من المجتمع "الاسرائيلي" أو ما يسمى الجبهة الداخلية، بالرغم من عدم استمرارها لوقت طويل.

واليوم، يشير العديد من المحللين الى أن حرب غزة الأخيرة كشفت أن "اسرائيل لم تعد تخشى الحرب الطويلة"، بدليل أن المجتمع "الاسرائيلي" ما زال يدعم حكومته للاستمرار في الحرب، وهو ما يدفع نتنياهو – بالإضافة الى حساباته الشخصية - الى المماطلة في القبول بصفقة تبادل ووقف لإطلاق النار، ووضع الشروط لتعطيل أي اتفاق. لكن ما يغيب عن ذهن هؤلاء، أن "اسرائيل" كانت وما زالت تفضل الحرب الخاطفة، لكنها لم تعد قادرة على القيام بها، ولو استطاعت أن تحقق أهداف الحرب وتقضي على إرادة المقاومة على الفلسطينيين بسرعة لفعلت.

وهكذا، تحوّلت الحرب التي كان "الاسرائيليون" ومعهم الأميركيون يفضّلون أن تكون "خاطفة وسريعة"، الى حرب استنزاف لم تعد "اسرائيل" تستطيع أن تخرج منها بدون إعلان انتصار واضح ليس متوفراً لها. ويحضر هنا قول ونستون تشرشل عن حرب الاستنزاف: "تنتهي الحرب بإرهاق الأمم وليس بانتصارات الجيوش"، وهذا ما سيحصل مع "اسرائيل" في غزة فعلياً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل