أقلام الثبات
تُلمّح معطيات يمنيّة مستجدّة الى اقتراب الرّد الموعود على "اسرائيل"، والذي قد يكون خارج حساباتها- ردّا على استهدافها لميناء الحديده، وهو ردٌّ اخذ وقتا كافيا من التجهيز ربطا بأهميّته القصوى- وفق اشارة المعطيات، في وقت تنتظر "اسرائيل" ايضا الرّد الايراني على اغتيال الشهيد اسماعيل هنيّة على اراضيها وحيث يبدو –تبعا لمحلّلين ايرانيّين، انه سيكون "امنيّا" بامتياز، ولربما لن يقلّ اهميّة عن ردّ حزب الله الأوّلي فجر الأحد الماضي، والذي ارسى ارباكا وغموضا وتناقضا في البيانات "الاسرائيلية" واستدعى تدخّلا سريعا للرّقابة "-العسكرية التي فرضت تعتيما مطبقا حول الضربة، ما يُفسّر "انّ شيئا كبيرا حدث وفق تعقيب المحلّل "الإسرائيلي" يؤاب شتيرن، والذي اعتبر " انّ كثرة الرّوايات الإسرائيلية المتناقضة حيال هذه الضربة، تكشف زيف هذه الروايات هذا قبل تواتر معلومات صحفيّة بريطانيّة اكّدت " الاطاحة بشخصيّة امنيّة "اسرائيليّة" رفيعة المستوى وعدد من الضبّاط جرّاء ضربة حزب الله..
في توقيت مدروس بعناية، وفي أَوج حال الاستنفار في "اسرائيل" برّا وبحرا وجوّا، كما استنفار الاساطيل والقطع البحريّة والجوّية الاميركية، وأثناء وجود رئيس اركان الجيش الاميركي تشارلز براون في تل ابيب، اعطى حزبُ الله اشارة بدء تنفيذ ردّه الأوّلي على اغتيال الشهيد فؤاد شكر، ونجح في تنفيذ مهمّة ضرب "هدفه الثّمين" قرب تل ابيب ، -قاعدة غليلوت-اهمّ قاعدة استخباريّة "إسرائيلية"..
رغم محاولة " اسرائيل" "تقزيم" ردّ حزب الله الأوّلي ، الا انّ وسائل اعلام،"عبريّة التي وصفت ساعات قصف حزب الله بأنه "عمليّة حرق كاملة للشمال لفتت الى انّ اكثر من 11 موقعا عسكريّا "اسرائيليا" قد اصيب بشكل كامل. وما لم تستطع وسائل الاعلام هذه انكاره، هو هروع اكثر من 5 ملايين مستوطن الى الملاجئ في تل ابيب وغوش دان منذ بداية خبر شيوع بدء حزب الله ردّه "المُنتظَر على" إسرائيل!
امّا وانّ "اسرائيل" ذهبت بعيدا في تحدّي حزب الله عبر اغتيال ارفع شخصيّة قياديّة لديه، فإنّ الثّأر لاغتياله يستوجب ردّا متكافئا، حيال اقتناص شخصيّة امنيّة اسرائيلية" رفيعة المستوى ايضا، فجاء اختيار قائد الوحدة 8200 –الذي عادة" ما تُحاط هويّته بالسرّية خلال فترة ولايته.. هدف ثمين تمّت دراسة الوصول اليه "طيلة الايام ال25 التي تلت عمليّة اغتيال الشهيد شكر،" وأُنجزت المهمّة بنجاح جملة مُقتضبة المح اليها رئيس جهاز امني لبناني امام شخصيّة صحافيّة استوضحته حيال حقيقة "الهدف البشري الثّمين" الذي شمله ردّ حزب الله.
معلومات صحفيّة بريطانيّة انتشرت في اليومين الماضيين، مفادها " انّ هويّة قائد الوحدة 8200 "الاسرائيلية"- الذي يقود واحدة من اقوى وكالات المراقبة في العالم، والمُفترَض انها سرّ يخضع لحراسة مشدّدة، هو يوسي سارييل- "الذي بات من المؤكد انه كان المُستهدَف بعمليّة حزب الله"، وأردفت " انه فُقد الاتصال معه منذ هجوم صبيحة الأحد، وهو ليس الوحيد الذي لقي مصرعه في الاستهداف بل قُتل ايضا نائبه وعدد من مساعديه الضبّاط"..معلومات لربما ليست كافية لإثبات هذه الحصيلة، لكنها دُعمت ايضا بأخرى استخباريّة المانيّة اكّدت المعلومات نفسها- وفق ما نُقل عن الخبير العسكري في جامعة الجيش الألماني في ميونيخ كارلو ماسالا.
وبالتأكيد لن تقرّ "اسرائيل" على جري عادتها، بهذه الضّربة القاسية التي ربما لم تكن تتوقّعها،- سوى اكتفاء هيئة البثّ "الاسرائيلية" بذكر "استهداف مؤسّسة استراتيجيّة وسط اسرائيل".. لكن ستكشف الايام وربما السنين حصيلة استهداف القاعدة التجسّسية الاشهر في الكيان، تماما كما تكشّفت بعد حين، نواتج عمليات اخرى تعرّضت لها مقار "اسرائيلية" لضربات قاسية، بينها حصيلة تفجير المقرّ العسكري "الاسرائيلي" في مدينة صور اللبنانية عام 1982 الذي نفّذه، الشهيد احمد قصير، وأفضى حينها الى مصرع 91 في صفوف ضباطه وجنوده واستمرّت "اسرائيل" منذ حينه وعلى مدى سنوات طوال، في زعم انّ تفجير المقرّ نتج عن "تسريب غاز"، قبل ان تقرّ في شهر تموز الماضي، اي بعد 42 عاما على العمليّة الاستشهادية، " انّ عملية التفجير لم تكن بسبب "تسريب غاز" بل كانت عمليّة انتحاريّة".
وبالتالي، وبمعزل عن حصيلة الاضرار والإصابات البشريّة التي لحقت بقاعدة غليلوت، يكفي وصول معظم المسيّرات والصواريخ الى اهدافها-سيّما القاعدة الاستخبارية الأشهر في "اسرائيل"، ليسجّل حزب الله انجازا استخباريا وعسكريا لا يستطيع الكيان انكاره، خصوصا انه حتى في هذه الضربة الكبيرة، لم يلجأ لاستخدام نخبة صواريخه الباليستية للولوج الى عمق الكيان، بل اكتفى بصواريخ الكاتيوشا –على عكس ما تفعله "اسرائيل"، واستطاع الحزبُ توجيه ضربة موجعة لإسرائيل بالنَّيل من قاعدة غليلوت- تحديدا الوحدة 8200، المسؤولة من ضمن مهامها عن رصد وإعطاء الانذار المبكر قبل اي هجوم يستهدف الكيان، وهذا بحدّ ذاته خرق كبير وصفعة ل"هيبة" اجهزة استخباراته.
وعليه، وإزاء "تمريرة" الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله في خطابه يوم تنفيذ الردّ الاولي على اغتيال الشهيد فؤاد شكر الاحد الفائت، وتصويبه على "تجهيز ردّ لاحق اذا ما تبيّن انّ الرّد الاولي ليس كافيا، بات على "إسرائيل "ابتلاع الضّربة" لأنها لا تملك سوى الصّمت- وفق ما قاله المحلّل "الإسرائيلي" عاموس هآريل، مضيفا "انّه من الطبيعي ان تتكتّم اسرائيل عليها لأنها ضربة قويّة فعلت فعلتها"..قبل ان يدلو المحلّل العسكري في صحيفة"يديعوت احرونوت" يوسي يهوشاع بدلوه ويقول" إنّ ردّ حزب الله جاء بمثابة ضربة على الرأس "والشعب "الاسرائيلي" يعيش الان خيبة امل صادمة".
وبانتظار الرّدَين الايراني واليمنيّ. تجهد تل ابيب في محاولة فك رموز ماهيّة كلّ ردّ، وكان لافتا ما صدر عن بعثة ايران لدى الأمم المتحدة ومفاده" عندما تكون أعينهم ثابتة على شاشات الرّادار، سيُفاجأون من الأرض، وربما من السّماء ايضا".. ثمّة من يسأل" ماذا في اليوم التالي؟ والى اين تتّجه رياح المنطقة السّاخنة"؟
اما وانّ التسويات الكبرى لا تأتي "الّا على الحامي"، بدا لافتا ما قاله احد: الدبلوماسيّين الغربيين في بيروت امام احدى الشخصيّات اللبنانية التي التقاها مسار الحرب في المنطقة لا يزال طويلا، اقلّه حتى الانتخابات الرئاسية" "الاميركية، والحلّ النهائي لن يأتي الا بعد "ضربة كبيرة.
المؤكد في المقابل، انّ "اسرائيل" ليست قادرة على شنّ حرب شاملة ضدّ حزب الله، ولو كان باستطاعتها ذلك لما انتظرت الى الان.. وكلّ المعطيات باتت تُجمع على "اللا حرب الشاملة"، وبقاء الامور تحت سقفها الى حين.. لكن، قد تحمل المرحلة المقبلة في طيّاتها مفاجآت قد تتجاوز التقديرات "الاسرائيلية" خصوصا في الضفّة الغربية، من دون اغفال انّ "حماس" لم تقل كلمتها بعد ازاء اغتيال الشهيد اسماعيل هنيّة.. وما بينهما "حدث ميداني كبير" في سورية قد يهزّ الشباك الاميركية هناك- وفق تلميح شخصيّة صحفيّة لبنانية مخضرمة –"نقلا عن مصدر عسكري روسي رفيع "- وفق اشارتها.