أقلام الثبات
أبرمت الفصائل الفلسطينية اتفاقاً في العاصمة الصينية بكين، وهو الاتفاق رقم 13 الذي توقع عليه كل من "فتح" و"حماس" بمشاركة فصائل أخرى فلسطينية، ولعل المتغير الأكيد في هذا الاعلان اليوم هو المكان الذي وُقع فيه؛ أي في الصين، والإبادة التي تمارسها "اسرائيل" على قطاع غزة، والتي تجبر الفلسطينيين على الوحدة.
اتفقت الفصائل الفلسطينية الأربعة عشر على ثماني نقاط، أبرزها الالتزام بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس؛ طبقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وعلى حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وإنهائه وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، والوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة في إطار منظمة التحرير، وأن يتم تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل، وبقرار من الرئيس الفلسطيني، بالاضافة الى رفض كل أشكال الوصاية ومحاولات سلب الشعب الفلسطيني حقه في تمثيل نفسه أو مصادرة قراره الوطني المستقل.
لا شكّ، يعكس هذا الاتفاق أن الدبلوماسية الصينية تعمد الى إبراز نفسها عنصراً مساهماً في السلام في الشرق الأوسط، خصوصاً بعدما نجحت في عقد اتفاق تاريخي بين كل من السعودية وإيران، ساهم في عودة سوريا الى الجامعة العربية، ومصالحة "حماس" مع السعودية، وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والدول الخليجية الأخرى.
بالإضافة الى الدور الصيني، جاء نص الاتفاق ليحمل أهم المطالب التي يتفق عليها الفلسطينيون، خصوصاً بعد السابع من تشرين الأول / اكتوبر، بهدف ترتيب البيت الفلسطيني الداخل، ولنزع الذرائع من الاحتلال الذي يعمد الى استغلال الوضع الفلسطيني لشيطنة المقاومة.
وبالرغم من الترحيب الدولي بهذا الاتفاق الذي يعكس حاجة المجتمع الدولي الى تسوية ما تضمن نوعاً من الاستقرار في ما يسمى "اليوم التالي" في غزة، لكن مصير الاتفاق بالذات يبقى مرهوناً بإرادة الفلسطينيين على تطبيقه، بعدما كانت هناك اتفاقيات سابقة لم يتم الالتزام بها. لكن، يجد الفلسطينيون أنفسهم اليوم في ظل إبادة غير مسبوقة، وفي ظل قرار الكنيست "الاسرائيلي" الذي يرفض حل الدولتين، وهو ما يعني الغاء لكل اتفاقيات اوسلو التي تتمسك بها السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، وهو ما يدعوهم للتمسك بالاتفاق.
لا شكّ، على الفلسطينيين اليوم مسؤولية تاريخية يجب عدم اضاعتها، وإلا تحملوا وزر إضاعة القضية في ظل توحش الاحتلال "الاسرائيلي"، وفي ظل رغبة الدول المتزايد في الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة وقيام الغالبية العظمى من الدول في الامم المتحدة بالتصويت على حق فلسطين في الانضمام الى الامم المتحدة كدولة. في خضم هذه التطورات والتغيرات في العالم، ليس من المنطقي أن يضيّع الفلسطينيون فرصتهم للوحدة، ولإظهار أنفسهم للعالم قادرين على إدارة دولة بما يحقق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني.
اتفاق بكين... وواجب الفلسطينيين ــ د. ليلى نقولا
الإثنين 29 تموز , 2024 09:52 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة