أقلام الثبات
رغم أن المواقف المتبادلة بين الجانبين السوري والتركي لم تتعدَّ الكلام الإيجابي، لكن لا ريب أنها ترمي إلى إعادة تعزيز الثقة بينهما، كأولى الخطوات التمهيدية على طريق إعادة تفعيل العلاقات الثنائية بين دمشق وأنقرة، على أن تعود إلى ما كانت إليه قبل منتصف آذار 2011؛ تاريخ بدء الحرب الكونية على سورية، أي عودة العلاقات الطبيعية بينهما، والمرتكزة على احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، والحفاظ على استقرارها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وكف النظام التركي عن دعم المجموعات الإرهابية المسلحة التي تعبث باستقرار البلاد السورية وأمنها، كثوابتَ أساسيةٍ تتمسك بها القيادة في دمشق، كممر إلزاميٍ لإعادة تفعيل العلاقات المذكورة.
بناءً على ذلك، وتحديدًا لجهة الثابتة الأخيرة، أي (قطع الدعم التركي عن المجموعات التكفيرية المسلحة في الشمال السوري)، بات مصير تلك المجموعات على المحك، بعدما شارف دورها نهايته. فأي مصيرٍ ينتظرها، وهل تشملهم المصالحة الداخلية؟
هنا يؤكد مرجع قيادي في العاصمة السورية أن "دمشق كانت ولا تزال تشجع على عقد المصالحات الداخلية مع المواطنين الذين خرجوا على سلطة الدولة، ثم قرروا إلقاء السلاح غير الشرعي، والعودة إلى "حضن الوطن"، بدليل أن القيادة السورية سلكت هذا الطريق اي (المصالحات) لدى تطهير غوطة دمشق الشرقية من الإرهاب، وقبلها حلب وحمص على سبيل المثال، خصوصًا أن رئيس الجمهورية العربية السورية أصدر قوانين عفو يستفيد منها كل من قرر العودة إلى كنف الشرعية".
لكن من المؤكد أن المصالحة لن تشمل عناصر الجماعات المصنفة بالإرهابية، وفقًا لقوائم الأمم المتحدة ودول الغرب، كتنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، علمًا أن هذه الأخيرة لم يستهدفها يومًا التحالف الغربي التي تقوده واشنطن تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، التي تحتل قواتها بذريعته أراضي في سورية والعراق.
وفي هذا السياق، ترجّج مصادر متابعة أن "لا يكون السلطات السورية المعنية مشكلةً مع عناصر التنظيمات الإرهابية في حال قرروا اللجوء إلى الشرعية، في شكلٍ إفراديٍ، وفي حال لم يكن في حق من اتخذ هذا القرار حكمًا قضائيًا أو ادعاء شخصيًا ضده" (أي أن أي مصالحةٍ داخليةٍ مرتقبةٍ لن تشمل التنظيمات الإرهابية برمتها)، فالقرار الدولي 2254، يمنع تأمين ملاذاتٍ آمنة لـ"داعش" و "النصرة" ومن لف لفيفهما على الأراضي السورية.
أما في شأن التنظيمات الأخرى، أي (غير المصنّفة إرهابية، فتشير المصادر إلى أن "هناك احتمالات عدة قد تؤدي إلى إنهاء حالتهم الخارجة على القانون، منها: حل هذه التنظيمات بالتوافق مع الجانب التركي، أو استيعابهم في كلٍ شكلٍ مؤقتٍ في هيكلياتٍ عسكريةٍ معيّنةٍ، تحت إشراف الدولة، كمرحلةٍ انتقالية في انتظار عودة الأوضاع في مناطقهم إلى ما كانت عليه قبل الحرب على سورية، ومعها عودة هؤلاء المسلحين إلى الحياة المدنية، وخير مثال على ذلك ما حدث في درعا، حيث تم استيعاب بعض من خرج على سلطة الدولة في تشكيلاتٍ عسكريةٍ مؤقتةٍ، برعاية القوات الروسية العاملة في سورية".
في ضوء "التقارب السوري - التركي"... أي مصير ينتظر الجماعات المسلحة المدعومة من أنقرة؟ _ حسان الحسن
السبت 20 تموز , 2024 06:56 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة