أقلام الثبات
بات واضحاً أن هدف الاصرار "الاسرائيلي" من مواصلة الحرب على غزة وتجميد مفاوضات إطلاق الاسرى وإطباق الحصار الطويل مع بعض العمليات الموضعية التي تنهش غزة وتزيد دمارها، وتجاوز قضيةإطلاق الاسرى، لسلب المقاومة ورقتها القوية عبر اهمال المطالبة بإطلاقهم او المراهنة على موتهم، لإجبارها على الاستسلام، ومع تراجع الفعاليات الشعبية العالمية المؤيدة لغزة فان العدو "الاسرائيلي" يقود معركتين؛ داخل فلسطين المحتلة، ومعركه رديفة على جبهة لبنان، ضمن استراتيجية بدأ بتنفيذها وقد انجز بعض مراحلها دون ان يلتفت الجميع اليها، بسبب تركيزهم على مأساة غزة، بينما يعمل العدو في الخطوط الخلفية؛ في الضفة الغربية، ويقوم بحرب استباقية لتحقيق امرين اثنين :
- تهويد الضفة التي يعتقد انها تشكل خطرا وجوديا أكبر على الكيان، لأنها في قلب "الدولة الإسرائيلية"، فاذا كانت غزه قد أنهكت الاحتلال فان الضفة الغربية ستفجر الكيان من الداخل.
- الغاء مشروع الدولتين او تغيير التقسيم للدولتين، بحيث لا يكون هناك تداخل بين دولة فلسطين ودولة الكيان، والغاء اتفاقيات "أوسلو" وملحقاتها عبر تهويد الضفة الغربية من جديد، وان تكون الدولة الفلسطينية في صحراء النقب وغزة من جنوب فلسطين مع إضافات من سيناء المصرية والأراضي الأردنية، وعدم القبول بتداخل الدولتين على مستوى الجغرافيا، لتكون دوله "اسرائيل" دوله نقية على المستوى الجغرافي والديموغرافي عبر تهجير الفلسطينيين عام 48 والضفة الى الدولة الجديدة، وذلك فق خطة وزير المالية "الإسرائيلي" سموتريتش، الذي اعلن رفضه قيام الدولتين وان بقاء الضفة يشكل تهديداً وجوديا "لإسرائيل"، وانه سيغير نظام الحكم الإداري في الضفة ونقله من الجيش الى نظام مدني منفصل من المستوطنين.
منذ بدء الحرب على غزه يشن الجيش "الاسرائيلي" حربا على الضفة والتي اسفرت عن اعتقال حوالي 10,000 فلسطيني من المقاومين واستشهاد حوالي ال 500 مقاوم بالإضافة الى واقرار بناء أكثر من 5000 وحدة استيطانية، لتثبيت احتلال جديد بصفه مستوطنين، وتحويل الضفة الغربية الى غربال جغرافي يملأ ثقوبه المستوطنون المسلحون، وذلك بعد مصادرة حوالي 25 كيلو متر مربع من الضفة بشكل متفرق شهريا وإعلانها اراضي لدولة "إسرائيل".
نجح العدو "الاسرائيلي" في خطته في الضفة الغربية عبر تقويضه للسلطة الفلسطينية مستفيداً من الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني بين السلطة وقوى المقاومة، بسبب صمت السلطة عما يجري في غزة والتعاون الامني مع العدو ضد المقاومين في الضفة وقد كافأها العدو بانه هدد بتقويضها ومصادرة اموالها المستحقة واعطائها "للإسرائيليين" المصابين في غزة.
نجح العدو بجذب الانظار نحو غزه ليعمل بحرية في الضفة الغربية ويعلو صراخه في الشمال من اجل اعادة النازحين من المستوطنين في عمليه خداع إعلامية كبرى، لإظهار نفسه مظلوماً والذي يريدالسلام ووقف النار، لكن المقاومة هي التي ترفض وعدم تحمله مسؤولية دمار وتضرر أكثر 10,000 وحده سكنية ومحل تجاري، وتهجير حوالي 100,000 مواطن جنوبي، بالإضافة الى عدوانه الجوي المستمر واغتياله للمقاومين خارج منطقه العمليات العسكرية.
انتقلت حرب غزة من حرب موضعية في الجغرافيا الى حرب على مستوى السياسة والوجود ودخلت المنعطف الرئيسي والذي يمكن ان يلغي اتفاقيات "أوسلو" ويعيد خلط الاوراق من جديد والبدء بالتفتيش عن حل سياسي طالما ان الحسم العسكري حتى اللحظة غير متوفر لدى التحالف الأمريكي - "الاسرائيلي" وعند التمكن ستغادر "اسرائيل" وامريكا طاولة المفاوضات الى ساحة الميدان.
"عشريه فلسطين "بدأت وهي على مشارف نهاية عامها الأول، وكلما طالت الحرب على غزة زاد الخطر على الضفة والقدس.