وحدة الساحات... وتجار المفرق ــ عدنان الساحلي

الجمعة 21 حزيران , 2024 11:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يعيش الكيان "الإسرائيلي" المصطنع قلقاً وارباكاً طالما توجس منه صانعوه ورعاته، فاضطراره للقتال على أكثر من جبهة هو حلم طالما راود المقاومين العرب وخشيه "الإسرائيلي"، وها هو الحلم أصبح حقيقة أبطاله رجال محور المقاومة، المدعوم بقوة من إيران الإسلامية، بعدما تمكن المحور الأميركي - الصهيوني - التبعي العربي، بشتى الوسائل، من تحييد معظم الدول والأنظمة العربية التي كانت تصنف نفسها قوى تصدٍّ وصمود في وجه الغزوة الصهيونية – الغربية.
حاول النظام الرسمي العربي، عندما كان بقيادة مصر جمال عبد الناصر، حصار الكيان "الإسرائيلي" بما سمي حينها "الجبهة الشرقية" و"الجبهة الغربية" ودول المواجهة ودول المساندة، لكن بينت الوقائع أن العمل على مستوى الأنظمة كان أضعف من أن يواجه القوة الأميركية والغربية، التي تولت رعاية وحماية ودعم الكيان الذي يحتل فلسطين بالمال والسلاح والمتطوعين، وبالتدخل العسكري المباشر عند اللزوم، بتواطؤ فاضح من أنظمة ودول عربية، أكملت التحاقها بالمشروع الصهيوني، من خلال التطبيع معه والاعتراف بدولته واقامة شتى العلاقات معه.
وما تعرضت له محاولات إقامة جبهة عربية واسعة وصلبة، في السابق، يتعرض له محور المقاومة حالياً، من تشكيك وتهوين، خصوصاً تلك الحملات المفضوحة والمدفوعة الأجر، من قبل الذين سبق أن تعاملوا مع العدو "الإسرائيلي" واستقووا به في مناسبات عدة؛ والتي ترفض "وحدة الساحات" وتحرض على رفض الانخراط في معركة مساندة الشعب الفلسطيني التي يخوضها في غزة والضفة الغربية.
ويدعي رافضو وحدة الساحات أنهم معادون للمشروع الصهيوني الاحتلالي الاستعماري الإلغائي، لكنهم يرفضون الانخراط في مواجهته، أو خسارة علاقاتهم بأميركا والغرب، في حين أن ما تجوز تسميته بـ"المحور الأميركي"، باعتبار معظم الدول الغربية ملحقة بالإدارة الأميركية، وخلفها دول التطبيع العربية، يتحرك علناً في دعمه بكل الوسائل للكيان العدواني "الإسرائيلي". وما جرى طوال عمر هذا الكيان يكذب ادعاءات جماعات أميركا والغرب في بلادنا.
فبريطانيا التي أنشأت الكيان "الإسرائيلي" قاتلت بجيشها دفاعاً عنه. ولم تخرج من استعمارها لفلسطين، إلا بعد أن اطمأنت على تأسيسه وتملكه كل أسباب القوة الذاتية، وكذلك على نظام الحماية والأمان الذي وفرته له بتفتيتها مع رديفها الفرنسي، العرب إلى دويلات وإمارات ومشيخات متنافرة، بعضها ارتبط مبكراً بعلاقات مع الوكالة اليهودية والحركة الصهيونية، وما تزال بريطانيا على عهدها الصهيوني، ترسل بوارجها وحاملة طائراتها لطمأنة الكيان، في وجه عملية طوفان الأقصى البطولية التي شنها المقاومون الفلسطينيون، ضد جيش الاحتلال ومستوطناته في غلاف غزة. كما تشارك مع الولايات المتحدة الأميركية في شن الغارات على شعب اليمن وثواره من "أنصار الله".
وفرنسا، التي يزايد رئيسها إيمانويل ماكرون، على الرئيس الأميركي جو بايدن في صهيونيته، هي التي أعطت للكيان "الإسرائيلي" القنبلة الذرية وتقنية صناعتها، في خمسينيات القرن الماضي. في الفترة ذاتها التي كانت فيها ترتكب جرائم إبادة بحق الجزائريين، تشبه ما ترتكبه "إسرائيل" بحق الفلسطينيين، وهي حالياً تجرم كل من يشهر تأييده لفلسطين من الفرنسيين أو المهاجرين.
أما الولايات المتحدة، التي هُرع رئيسها ووزيرا خارجيتها ودفاعها، إلى الكيان "الإسرائيلي" لطمأنته، في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، فإنها لم تبخل على الكيان وحكامه المجرمين بكل أنواع الأسلحة وبمليارات الدولارات وبعشرات الطائرات الأكثر حداثة "إف 35" الشبح، لتمعن قتلاً بالفلسطينيين وبكل من يقف معهم ويرفض الجرائم الصهيونية بحقهم. كما أرسلت أساطيلها وحاملات طائراتها وأطلقت تهديدات لكل من يتجرأ على مقاتلة "إسرائيل". وأرسلت جنوداً لمؤازرة جيش العدو في عدوانه على غزة. كما تشن غارات على شعب اليمن، الذي تقدم لمساندة شعب فلسطين في غزة؛ وللضغط لوقف العدوان الذي يتعرض له.
كل ذلك لا يكفي جماعات "لا نريد الحرب"، الذين يرفضون شعار وحدة الساحات في وجه الغزوة الصهيونية- الغربية. فهم اما يدعون، عن عجز أو خبث، لمواجهة العدو بالمفرق، فيما هو يغزوهم جماعة وبحلف واسع؛ واما هم متواطؤون مع هذه الغزوة فيرفضون قتال حليفهم وسيدهم، الذي سبق ان استقووا به في أكثر من حادثة ومرحلة. في حين تكتب وحدة الساحات تاريخاً جديداً، لمنطقة ستلفظ الكيان المصطنع عاجلاً أو آجلاً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل