وقف إطلاق النار حاجة أميركية - "إسرائيلية" ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 11 حزيران , 2024 09:11 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تصاعد الحراك الاميركي منذ شهر نيسان الماضي، وبشكل مكثّف، وعلى عدة محاور، لإظهار الحرص الاميركي لإنهاء الحرب على غزة ووقف إطلاق النار بأكثر من صيغة ضبابية تحتمل التأويل ولا تعطي اي ضمانات حقيقية لاستمرار وقف إطلاق النار او عدم عودة الحرب، وكل هذه المبادرات السياسية والإنسانية والعسكرية تهدف إلى تحقيق موضوع واحد هو سلب المقاومة في غزة ورقة القوة التي تمسك بها والمتمثلة بورقة الاسرى "الاسرائيليين"، والمتعدّدي الجنسيات.
قامت اميركا بتحضير الميدان السياسي والإعلامي قبل تقديمها لقرار وقف النار في مجلس الأمن وفق التالي:
- تحرّك طلاب الجامعات الأمريكية بشكل مكثف ومفاجئ، واحتل الحراك الطلابي لمدة ثلاثة اسابيع صفحات الاعلام العالمي
- أطلق الرئيس بايدن مبادرته لوقف إطلاق النار الضبابية وغير الواضحة والموزّعة على ثلاث مراحل .
- شاركت اميركا ميدانياً في عملية تحرير "الاسرائيليين" الاسرى الأربعة.
- شاركت في عملية استقالات الحكومة "الإسرائيلية" السخيفة، والتي لا تسقط نتنياهو، بل تعطيه حرية قرار أكثر.
- تقدّمت اميركا بمشروع قرار لوقف إطلاق النار الى مجلس الامن الذي تمت الموافقة عليه وبشكل هادئ!
المقاومة تطالب بوقف إطلاق النار الدائم مقابل تبادل الاسرى منذ شهر رمضان الماضي، بالتلازم مع اجهاض اميركا لأي مشروع قراردولي لوقف إطلاق النار، واجهاض قرارات المحكمة الجنائية الدولية، بل والتهديد بمعاقبتها وعدم الاعتراف بها، لأنه لا سيادة لا قرارة لاحد في العالم من مؤسسات دولية او قضائية فوق السيادة "الإسرائيلية" والأميركية.
لابد من طرح السؤال...
لماذا هرولَت اميركا للمطالبة بوقف إطلاق النار؟
هل لحماية اهل غزة الذين قتلتهم القنابل الأمريكية وطال حصارهم بسبب الفيتو الأميركي على مستوى المؤسسات الدولية ام ان وقف إطلاق النار حاجة أميركية - "إسرائيلية"؟
بل ويمكن القول ايضا إنه حاجة أميركية الآن حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية قبل ان يكون مطلبا "اسرائيليا"، وبطبيعة الحال ليس مطلبا عربيا او تركيّاً !
ما تطرحه اميركا هو وقف إطلاق النار على مصالحها ومشروعها وقاعدتها الكبرى في المنطقة "إسرائيل"، لإنقاذ مصالحها، ولإنقاذ "بايدن" في حملته الانتخابية، لضمان انتخابه رئيسا لولاية ثانية، والتقاط الانفاس الأميركية لإستيعاب الخسارات التي اصابت "اسرائيل" والمشروع الاميركي في المنطقة، والتحضير للهجوم المضاد بعدما تفاجأ الاميركيون والغربيون بقدرات محور المقاومة التي باتت تهدد بالمعطى الحقيقي المشروع الاميركي والغربي، ويكسر منظومه أحادية القرار الأميركي والسيطرة على المنطقة واحتكار القرار السياسي الا في بعض الاستثناءات.
وقف إطلاق النار الامريكي يهدف الى الأمور التالية :
- تحويل ورقة غزة من ورقة ضاغطة على الرئيس بايدن في الانتخابات الى ورقة داعمة في صناديق الاقتراع.
- إطلاق الاسرى "الاسرائيليين" والمتعدّدي الجنسيات بالجملة او بالمفرّق..
- اعاده تنظيم الوضع السياسي والعسكري للعدو "الاسرائيلي" بعد الضربات القاسية التي تلقاها منذ طوفان الاقصى وعلى طريق القدس خاصه في جبهة الشمال اي جبهة (جنوب لبنان) والبحر الأحمر اليمني.
- تمرير التطبيع مع السعودية كما صرح بلينكن لتامين ( اندماج إسرائيل أكثر في المنطقة)!
لا يمكن لقيادة المقاومة في غزة ان ترفض اي وقف إطلاق نار خاصة بعد صدوره من المجلس الامن الدولي وهذا أخطر ما في المشروع الامريكي المخادع لان اميركا لا تلجا الى المؤسسات الدولية الا إذا كانت وسائلهاغير مضمونة النتائج (وهذا ما كان خلال ثمانية اشهر) وبعد تحقيق مطالبها بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وإطلاق الاسرى خصوصا، فانه لا ضمانة أميركية تاريخيا لأي اتفاق، فقد ضمنت قيام دولة الفلسطينية بعد اتفاق "أوسلو" وضمنت منع الاستيطان وضمنت لصدام حسين مستقبله بعد الحرب العراقية الإيرانية، فأغرقته في الكويت ثم اعدمته في بغداد.
تريد اميركا اطلاق الاسرى اما بصفقة تحت عنوان وقف إطلاق النار او بالتجزئة عبر مفاوضات جانبية مع حماس ويمكن ببعض العمليات الأمنية او تبادر الدول للمطالبة بإطلاق سراح من يحمل جنسيتها وأكثرالاسرى يحملون جنسيات مزدوجة.
مشروع وقف إطلاق النار الاميركي سم في العسل، وخديعة وتضليل، وهو غير وقف إطلاق النار التي تطالب به المقاومة الفلسطينية، وتبقى البندقية الصادقة والشريفة هي الضمانة الميدانية والسياسية قبل وبعد كل قرارات وقف إطلاق النار.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل