الاجتياح الذي كان يعلمه الجميع ــ د. نسيب حطيط

الخميس 06 حزيران , 2024 01:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يوم ٦حزيران ١٩٨٢ اجتاز جيش العدو "الاسرائيلي" الحدود اللبنانية بقوافل دباباته واسراب طائراته تحت شعار "سلامة الجليل"، وطرد منظمة التحرير الفلسطينية.
سارت الدبابات بقوافل وكأنها في رحلة او استعراض عسكري آمن.. وصلت الدبابات الى قريتنا ظهرا، وكانت القافلة أكثر من ١٠٠ دبابة وناقلات الجند، متلاصقة تمشي بلا خوف ولا قلق، تحتل القرى وفق سرعة الياتها، وقبل وصولها كنا نرى السيارات العسكرية الفلسطينية تفر شمالا باتجاه صيدا.
بسرعة قياسية ووقت قصير واشتباكات محدودة سقط الجنوب وقراه ومدنه، وبقيت قواعد الفدائيين بأسلحتها دون مقاتلين.
عشرات آلاف المقاتلين الذين لا ينقصهم السلاح فروا شمالاً، ليس لأنهم جبناء، بل لأنهم لم يتبلغوا قرار القتال من قيادتهم التي كانت تعرف بقرار الاجتياح لكنها مطمئنة انه لن يتجاوز الزهراني (٤٠ كلم من الحدود).
كان الاجتياح معلوما من الفلسطينيين والكتائب وبعض العرب والسوفيات ومطلوباً من الكتائب التي استنجدت وتحالفت مع "اسرائيل" للقضاء على المقاومة الفلسطينية وإنقاذ "لبنانهم" كما تطالب الكتائب (الآن) بأن يساعدهم العرب للنجاة من المقاومة اللبنانية الشريفة التي تقاتل العدو "الاسرائيلي"، وهم يستنجدون بالعرب كتعبير مجازي للاستنجاد وطلب الغوث من "اسرائيل" واميركا، ومن اللطيف ان الكتائب صارت عربية للقضاء على المقاومة، وكانت تكتفي بالقول إن لبنان ذو وجه عربي.
حزيران ١٩٨٢ وصل الجيش "الاسرائيلي" للعاصمة بيروت خلال أيام واحتل القصر الجمهوري ونفى منظمة التحرير وقيادتها في سفن البحر، حتى وقّعت على اتفاقية أوسلو التي اعترفت "بإسرائيل".
حزيران ٢٠٢٤ بعد ٤٢ عاما استطاعت المقاومة (بكل أسمائها وتنظيماتها ومن دعمها) ان تطارد
الدبابات "الإسرائيلية" الى خارج الحدود، وان تقصف داخل فلسطين المحتلة وتهدد باجتياح الجليل المحتل.
بعد ٤٢ عاما خسرت "اسرائيل" سلامة الجليل.
وخسرت قرار الحرب.
وخسرت الهيبة وقوة الردع.
وخسرت امن مستوطناتها.
وخسرت احلامها بالليطاني.
حزيران ١٩٨٢، تم نفي المقاومين الفلسطينيين بالبواخر.
حزيران٢٠٢٤ صار حلم نفي المستوطنين بالبواخر أكثر واقعية.
الايام والشهور القادمة ساخنة وخطيرة لأن العدو لن يستسلم بسهولة ومن اصطنعه ورعاه من اميركا وبريطانيا والغرب لن يقبلوا إزالة قاعدة مصالحهم، وقتل الشرطي الذي يحرس مصالحهم في المنطقة سيتحالفون ويقاتلون دفاعا عن مصالحهم لحمايته، ولأنهم لا يعترفون بالقانون والاخلاق فهم متوحشون، ولا بد من الحذر والاستعداد للمعركة القادمة التي سيشعلون فيها كل ما يستطيعون لهزيمة المقاومة خاصة الطوابير العميلة والتابعة...
دخلنا مرحلة المعركة الوجودية وستكون ساخنة وطويلة ومتنوع الأساليب والجبهات.
وحدة الصف والكلمة والاستعداد الاقتصادي والغذائي والطبي من ركائز النصر في المعركة التي تدور الآن..
المعنويات مطلوبة ومهمة، لكن الاستعداد والحذر والسلوك العاقل والواقعي من مقدمات النصر وعدم الوقوع بالمغالاة والانفعال وقلة التدبير.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل