"إسرائيل".. بين فرقة الموسيقى وفرق المقاومة في لبنان ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 04 حزيران , 2024 10:05 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
في الذكرى الثانية والاربعون للاجتياح "الإسرائيلي" للبنان عام 1982، نستذكر شعار العدو انه يستطيع احتلال لبنان بفرقة “موسيقة”،  وبنى استراتيجيته العسكرية على اقامة خطوط دفاع باتجاه الجبهة المصرية (خط بارليف) والجبهة السورية، لكنه لم يبن خط دفاع بمواجهة لبنان وبنى مستوطناته حتى الحدود حتى يكاد بعض بيوت هذه المستوطناتيستطيع سماع أصوات اللبنانيين في بيوتهم، واعتقد ان شمال فلسطين المحتلة منطقة آمنة لمشاريعه الاقتصادية والعسكرية والقواعدالعسكرية الاستراتيجية.
لم يكن الاعتقاد "الاسرائيلي" مرتكزا على فراغ... او عبثيا وخاطئاً في ذلك الوقت، فالدولة اللبنانية بعد الاستقلال لم تقم باي جهد لتسليح الجيش اللبناني وحماية الحدود، واعتبرت الجنوب جزءاً غريبا عن الدولة ومنطقة لقيطة، ليست مسؤولة عنها وطلقت شعار (قوة لبنان في ضعفه)، واعتمدت "اسرائيل" على ان لها في لبنان قوى حليفة على المستوى السياسي والطائفي وقوى محايدة ايضا لم تقم باي جهد مسلح ضدهاوكانت نتائج هذا الواقع ثلاث اجتياحات "إسرائيلية" وصل فيها العدو عام 1982 واحتل العاصمة بيروت وبقي محتلا للجنوب أكثر من 20 عاما !!
لم يكن العدو قيادة وشعبا وجيشا يفكر في لحظة ما ان شمال فلسطين سيكون تحت النار او انه مهدد بالتهجير او أن خطرا حقيقيا يأتي من جنوب لبنان حتى كانت بعض اجزاء الحدود اللبنانية - الفلسطينية دون فاصل حتى بشريط شائك، قبل ولادة المقاومة في لبنان وبعد نفي المقاومة الفلسطينية عام 1982 !
يستفيق العدو "الاسرائيلي" الآن على مفاجأة قوة المقاومة في لبنان وصمود اهلها وصبرهم واحتضانهم للمقاومة، وتبدو فرق "الإسرائيلية" وتبدو فرق الجيش "الاسرائيلي" عاجزة عن اجتياح لبنان وعاجزة عن حماية المستوطنات في شمال فلسطين وابعد من حدود فلسطين.
استطاعت المقاومة واهلها ان تغير شعار لبنان الرسمي من شعار (قوةلبنان في ضعفه) الى (قوة لبنان في قوته) (وضعف اسرائيل في قوة المقاومة في لبنان).
لكن هذا لم يكن بلا اثمان دفعها الجنوب واهل المقاومة في كل لبنان شهداء وجرحى دمار قرى ونزوح خوفا وقلقا وعدم استقرار وهم يعيشون منذ العام 1948 تحت القصف "الاسرائيلي" بلا ملاجئ وبلا حماية رسميه لبنانية، بالتلازم مع عيش اللبنانيين لحياتهم بعيدا عن القتل والقصف والخوف، بل ان بعض اللبنانيين يدينون اهل المقاومة لحملهم السلاح دفاعا عن أنفسهم ويصلون الى الوقاحة والجرأة بالمطالبة لعدم دفع التعويضات للمتضررين من العدوان "الإسرائيلية".
استطاعت المقاومة واهلها ان تحوّل الجيش الاسرائيلي الى "فرقة موسيقيّة" تعزف نشيد الموت والخوف والخيبة او الى فرقة "إطفاء" لإطفاء الحرائق ولا زالت المقاومة واهلها يعزفون نشيدا العز والكرامة، وهم يحمون لبنان بقوة السلاح والإرادة وليس بقوه القرارات الدولية التي لم تحرّر شبرا ولم تحم بيتا ولم تسترجع ارضا محتلة.
لقد مضى زمن الاجتياحات السهلة، ولن يستطيع العدو "الاسرائيلي" ان يصل الى بيروت من الناقورة المحتلة بعدة ايام وفق سرعة دباباته كما جرى عام 82 ولم يوقفه اي مسلح او جيش لمنع احتلاله للعاصمة.
جاء الزمن الذي لا يستطيع العدو ان يتقدم أمتارا داخل الحدود، وإذا دخل سيعود قتيلا او جريحا او اسيراً.
لكن للتحرير اثمانه وللمقاومة أثمانها ايضا وقد ارتضى اهل المقاومة ان يدفعوا هذه الاتمان صبرا واستشهادا ونزوحا وتهجيرا وتدميرا دون انتظار لاحد وقدموا ابنائهم لتشكيل فرق المقاومة الحرة والشريفة.
لكن مرارة لأهل المقاومة ان الطبقة السياسية الحاكمة طعنتهم من الخلف جوعا وسرقة ودائع لإضعافهم وانهاكهم وتهجيرههم للخارج، لمنعهم من الصمود وزيادة معاناتهم فصار اهل المقاومة بين القذيفةالإسرائيلية وسوء الإدارة والفساد في الداخل.
لكنهم لن يخذلوا المقاومة ولن يرفعوا الراية البيضاء، ولن تتزعزع عقيدتهم، وسيبقون اهل الشرف والكرامة..
الفاتحة والسلام للشهداء والمقاومين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل