حرب لبنان الثالثة: حرب الاغتيالات ــ د.نسيب حطيط

الخميس 23 أيار , 2024 04:19 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تميّزت الحرب اللبنانية - "الاسرائيلية" منذ تشرين الاول 2023، بأنها انطلقت بعنوان اسناد المقاومة لغزة ومشاغلة  جيش العدو، لتخفيف الضغط عن غزة والضفة الغربية ضمن استراتيجية وحدة الساحات والهدف والمصير، لكنها في الاشهر الأخيرة تغيّرت من حيث الاهداف على مستوى الطرفين المتحاربين (المقاومة والعدو الإسرائيلي) فبالإضافة إلى الشراكة في حرب غزة، فان المقاومة اضافت الى احد اهدافها هدف تحذير العدو واستعراض القوة والقدرات والامكانات التي تمتلكها، لردع العدو عن اي خطا قد يرتكبه لاجتياح لبنان مرة رابعة، حيث تعتقد المقاومة ان استعراض القوه والقدرة على التحكم والسيطرة وبلوغ الاهداف في العمق "الإسرائيلي"، يمكن ان يؤخر قرار الحرب "الإسرائيلية" على لبنان وربما يمنع وقوعها، أما من الجهة "الإسرائيلية" فان العدو يتصرف على اساس ان الحرب على لبنان لابد ان تقع بعد الانتهاء من غزة وتمشيط الضفة استباقا لمنع تحوّلها الى "غزة ثانية"، فيعمد "الاسرائيلي" إلى تفريغ المقاومة من طاقاتها القتالية الاحترافية، فيلجأ لاغتيال القادة المدنيين الاساسيين في تنفيذ القرار السياسي وترجمته في الاعمال القتالية ضد العدو "الإسرائيلي".
إضافة لقواعد الاشتباك الاستثنائية وتدرّج مراحل القتال الذي يتبّع قواعد لعبة "البينغ بونغ" العسكرية ،ضربة بضربة ويحافظ حتى اللحظة على نسبه كبيرة من تفاهم نيسان على مستوى المدنيين، لكنه اطاح بتفاهم نيسان من حيث قصف الاماكن المدنية وتدمير البيوت بحجة انها مراكز عسكرية.
لكن اللافت هو الخطة "الإسرائيلية" المنهجية باغتيال القادة الميدانيين للمقاومة، حتى يمكن تسمية هذه الحرب "بحرب الاغتيالات" وليس حرب الاجتياح البري؛ وفق استراتيجية تدمير الجسور القيادية التي تربط بين القيادة المركزية وعناصر التنفيذ، بما يشبه تدمير الجسور، لقطع طرق التواصل وقد استطاع العدو "الاسرائيلي"، للأسف بناء لتكامل المعلومات التي يحصلها عبر الرقابة الجوية المستمرة منذ عام 2006 والاقمار الصناعية، ومنظومة العملاء البشريين، مستفيداً من الفلتان و"الابواب المخلّعة" للمؤسسات الرسمية اللبنانية، خصوصاً داتا الاتصالات ومعلومات لكل المستندات التي تخص اللبنانيين؛ من تسجيل السيارات الى بطاقات الهوية الى معلومات اجهزه الهاتف، الى البطاقات الصحية، والسجلات الجامعية وغيرها، لكل شيء دخل عالم المكننة والمعلوماتية، حيث ان اللبنانيين ومنهم المقاومين وعائلاتهم مكشوفو الهوية والمعلومات، مما يتيح للعدو "الاسرائيلي" الاستفادة القصوى لاغتيالهم.
لقد نجح العدو "الاسرائيلي" في تجفيف البحر البشري للمقاومة عبر تهجير اهالي القرى الحدودية، مما جعل القرى والطرقات خالية الا من حركة المقاومين وبعض الناس واعتمد العدو "الاسرائيلي" استراتيجية ان كل من يتحرك في هذه المنطقة هو هدف عسكري، وكل ضوء في اي بيت هو ضوء في مركز عسكري، مهما كان الموجود فيه؛ مدنيا او مقاوما.
من الامور الاستثنائية في هذه الحرب ايضا ان ينتقل العدو "الاسرائيلي" الى مستوى اغتيال الافراد، وتدرج من تدمير المواقع العسكرية الى تدمير البيوت ثم تفجير السيارات من الجو، ثم الإغارة على الدراجات النارية، وصولا الى اغتيال المقاومين المشاة وهذه امور لم تحصل في حروب سابقة، حيث كان الاجتياح البري او القصف يطال المراكز العسكرية وليس الافراد الذين يتحركون، بالإضافة إلى انه في الاجتياحات والحروب تتحدد جغرافيا المعركة على جبهات القتال، لكن في "حرب الاغتيالات الثالثة" صارت الجغرافيا اللبنانية معرضة للعدوان وضم الجغرافيا السورية الى الجغرافيا اللبنانية تحت عنوان وحده العدو.
لابد للمقاومة ومن ضمن الرد بالمثل، لحماية قادتها ومقاوميها وكما فعلت بالرد بالمثل على القواعد والمراكز العسكرية، ان تبادر للرد على الجيش "الاسرائيلي" بقادته وضباطه وافراده ضمن نفس السياق الذي يقوم به العدو باغتيال قادتها.
القوة لا تردعها الا القوة، ولا يمكن الاستمرار في عملية النزف القيادي، خصوصاً أن الحرب في غزة يبدو انها لن تنتهي قريبا؛ وفق القرار الأميركي - "الاسرائيلي".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل