أقلام الثبات
تعيش غزة حرب ابادة جماعية ومستمرة، حيث تتمرّد اميركا و"اسرائيل" على القوانين الدولية والإنسانية، وعلى الراي العام العالمي والقيم الأخلاقية، وتمتنعان عن الموافقة على قرار انهاء الحرب الا وفق شروطهما المتمثلة باسترجاع الاسرى "الاسرائيليين" واستسلام المقاومة طوعيا بعد العجز "الاسرائيلي" والاميركي عن هزيمتها عسكريا حتى الآن.
وتتماثل حرب غزة مع الحرب على لبنان في نسختيها اجتياح عام 78 واجتياح عام 1982 والذي استمر على مدى 20 عاما من الاحتلال وصولا لتنصيب رئيس للجمهورية بالدبابات "الإسرائيلية" واقامه شريط حدودي وتأسيس جيش "حداد"؛ العميل، وضم جنوب لبنان الى جغرافيا الاحتلال حتى تحريره على ايدي المقاومين في عام 2000.
ان الغرور ومنهج السيطرة الذي يرتكز عليهما العقل الاميركي و"الإسرائيلي"، يدفعهما لارتكاب المجازر، لفرض سيطرتهما وقراراتهما الظالمة سواء بالحرب العسكرية او الحصار الاقتصادي والسياسي، الا في بعض الاستثناءات التي تم هزيمة الاميركيين واكراههم على الانسحاب، كما حصل في فيتنام وكما حصل مع الاحتلال "الاسرائيلي" في جنوب لبنان تعيش غزة بين خيارين:
- الخيار الأول: خيار بيروت عام 1982، والذي انتهى بعد حصار وقصف "اسرائيلي" على مدى ثلاثة أشهر وافراغ بيروت من سكانها وقيام مجلس الامن عبر الوسيط الأميركي فيليب حبيب بصياغة اتفاق ينص على نفي المقاومة الفلسطينية من بيروت وتوزيعها على الدول العربية، لتحقيق مطلب "اسرائيلي" اساس هو اخراج المقاومة الفلسطينية في لبنان وهذا ما حدث فعلا وانتهى في مرحلته الثانية بتوقيع اتفاقيات "أوسلو" وتخلي حركة "فتح" رائدة الكفاح المسلح الفلسطيني عن الكفاح المسلح ومبادلته بالسلطة الفلسطينية في الضفة وغزة وعنوانها التعاون الامني مع الاحتلال.
- الخيار الثاني: هو خيار المقاومة في جنوب لبنان، والذي رفض اتفاق 17 ايار واسقطه كاتفاقية سلام بشروط "إسرائيلية" واستمر في حرب استنزاف مستمرة على كل الجغرافيا المحتلة في لبنان، وبشكل مكثف، وانتهت بتحرير الجنوب بالقوة دون مفاوضات سلام ودون اتفاقيات ودون شروط والزم العدو "الاسرائيلي" باتخاذ قرار الفرار من جنوب لبنان، ولأول مرة منذ تأسيس الكيان الصهيوني، مع كل الاثمان التي دفعها المقاومون على اختلاف تنظيماتهم من الاف الاسرى ومئات الشهداء والمهجرين وتدمير القرى وحالات الابعاد وعذابات الاهل المقيمين تحت الاحتلال.
ان حالة غزة تشبه حالة جنوب لبنان، حيث كان الحصار العربي والغربي وحصار الحكومة اللبنانية المؤيدة لاتفاق 17 ايار والتي حاصرت المقاومين واعتقلتهم وقتلت بعضهم في مظاهرات مدنية في بيروت وكانت المقاومة في اغلبها خارج السلطة ،لكن اصرار المقاومين على القتال واسقاط اتفاق 17 ايار وتضامن وتحمّل اهل المقاومة لكل الاثمان مع ان اغلب القوى السياسية في لبنان كانت اما حليفة للعدو الاسرائيلي بشكل مباشر او حليفه له ومؤيدة بعنوان الحياد السلبي ومع ذلك استمر الشرفاء بالمقاومة وحققوا النصرة وتحرير الجنوب ...وكما تم التحضير لنفي المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 82 عبر القوات المتعددة الجنسيات أيضا، يبدو ان طلب القمة العربية لقوات دولية.. بداية خطة لنفي المقاومين المسلحين من غزة!
ان الخيار العقلاني والشريف امام المقاومين في غزه هو استمرار القتال دون اكتراث لحفظ الجغرافيا ودون الوقوع في اغراء الشراكة بالسلطة وكما رفضت المقاومة في لبنان بيع سلاحها مقابل مليارات الدولارات في التسعينات او الشراكة في السلطة، مقابل التنازل عن السلاح ،فعلى المقاومين في غزة ان يستفيدوا من التجربة اللبنانية المقاومة وان لا يتخلوا عن السلاح حتى لو وصل الى مستوى البندقية والقنبلة اليدوية فتحرير غزة ان بقي الاحتلال فيها لا يحتاج الا لإرادة قتال وبنادق فردية وعبوات ناسفة، كما كان في جنوب لبنان.
نداؤنا لكل مقاوم في غزة والضفة:
لا تترك سيفك حتى تبقى لك الحرية.. وستعود لك السلطة.
لا تبادل السلطة بسلاحك الذي هو الضمانة لمستقبلك، ولقيام الدولة الفلسطينية.