أقلام الثبات
ينظر الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية الى نتائج الانتخابات في المملكة المتحدة التي حصلت مؤخراً، بقلق عميق، إذ يمكن أن تكون الانتخابات البريطانية مؤشراً لما يمكن أن يحصل في الانتخابات الاميركية التي ستحصل في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم في الولايات المتحدة الأميركية. وكان الاقتصاد وحرب غزة وأداء مسؤولي المحافظين مثل بوريس جونسون وليز تروس وبعدهم ريشي سوناك عاملاً أساسياً في تلك الخسارة.
في نتائج لم تشهدها المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، فاز حزب العمال البريطاني على حزب المحافظين، الذي فقد أكثر من 120 مقعدًا في المجالس المحلية، وخسر ثلاثة مجالس، بينما حصل حزب العمال على 52 مقعدًا في المجالس المحلية.
وينظر الحزب الديمقراطي الأميركي الى تلك النتائج بقلق بالرغم من أن حزب المحافظين هو أقرب ايديولوجياً الى الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، وذلك لأسباب متعددة منها:
1- يحمّل الاميركيون مسؤولية تردي الاقتصاد الى جو بايدن وإدارته بعدما ارتفع التضخم وارتفعت الأسعار خلال ولاية بايدن الى حدٍ غير مسبوق، وذلك بتأثير كورونا وحرب اوكرانيا وغيرها.
2- شهدت الانتخابات البريطانية تأثيراً لافتاً لحرب غزة على مسار التصويت في بريطانيا، فقد أظهرت النتائج أن حزب العمال الذي يستند الى شعبية واسعة من الناخبين المسلمين، قد خسر ما يقارب 21% من أصواته في 58 ولاية محلية فيها أقليات مسلمة وازنة انتخابياً.
ويعزو المراقبون انخفاض ثقة الناخبين المسلمين في حزب العمال الى موقفه من حرب غزة، حيث رفض الحزب أن يدعو الى وقف إطلاق النار في غزة إلا لغاية شباط/فبراير من عام 2024، وهو ما يعتبره المتضامنون مع الفلسطينيين تأخراً كبيراً ودعماً "لإسرائيل".
أما انخفاض حصة حزب العمال من الأصوات في المناطق التي يوجد بها عدد كبير من السكان المسلمين، فكانت لصالح المرشحين المستقلين، خصوصاً حزب الخضر الذي دعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار" بعد بدء الحرب الاسرائيلية مباشرة.
هذه النتائج تقلق الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية لان قيام الشباب والمسلمين والعرب والمؤيدين لغزة داخل الحزب الديمقراطي بالتصويت للمستقلين أو لحزب الخضر كتصويت اعتراضي من المحتمل أن يؤدي الى خسارة جو بايدن وفوز دونالد ترامب كما حصل عام 2016.
في النتيجة، يدرك جو بايدن وإدارته أن تأييدهم "لإسرائيل" في حرب غزة وتعاملهم بالشدة مع الطلاب المعترضين على الحرب وعلى الدعم والتعاون الذي تقوم به إدارات الجامعات مع "إسرائيل"، سيؤدي الى تصويت اعتراضي أو انكفاء عن التصويت داخل الحزب الديمقراطي، لذا يحاولون حالياً أن يمسكوا العصا من الوسط، وهو ما لم يرضِ المتشددين في "إسرائيل" الذين يطالبون الولايات المتحدة ببذل مزيد من الدعم لآلة القتل في غزة والسماح باجتياح رفح، ولن يرضي القواعد الشعبية للحزب الديمقراطي التي تريد وقفاً لإطلاق النار وأن يكون الحزب على قدر التطلعات منه بالحفاظ على الأرواح البشرية واحترام القانون الدولي ومنع الابادة في غزة.
الديمقراطيون في أميركا.. ودروس انتخابات بريطانيا ــ د. ليلى نقولا
الإثنين 06 أيار , 2024 12:31 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة