أقلام الثبات
تحاول اميركا السيطرة على العالم وقيادته، اما بالغزو العسكري، او بالحصار الاقتصادي تحت عنوان "الاستعباد مقابل الغذاء"، ويبقى العرب والمسلمون اغلب ضحايا هذا القانون.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 79 واعلان تحرّرها من السيطرة الأمريكية ومعاداتها "لإسرائيل"، شنّت اميركا عليها حرباً بواسطة العراق، ثم بدأ الحصار الاقتصادي ومصادرة الودائع الإيرانية التي كان الشاه قد وضعها في البنوك الأميركية، وتوسّع هذا الحصار اقتصاديا ووصل لمنع الدواء والغذاء وكل ما يتعلّق بحياة المواطنين الايرانيين، وصولا الى معادله "النووي مقابل الغذاء"!
ورّطت اميركا صدام حسين بالحرب على إيران ثم ورّطته بغزو الكويت، وبعدها دمرت جيشه وحاصرته وفرضت عليه حصارا دوليا الى ان تم مصادره نفطه وثرواته وكفّ يده عن النفط العراقي، وطرحت قانون "النفط مقابل الغذاء"، الذي انتهى بغزو اميركا للعراق واعدام صدام حسين، ولا تزال اميركا تحتل العراق وتصادر ثرواته..
شنّت اميركا حربا على سوريا بعد العراق لكن بعنوان "المطالب الشعبية"، التي تطوّرت لتصبح باباً "للربيع العربي" وجمع كل الجماعات التكفيرية، وإنهاك سوريا وحصارها اقتصاديا بما عرف "بقانون قيصر"، حيث فشل المشروع الامريكي بإسقاط سوريا لكنه استطاع انهاكها ومشغلتها حتى الان، فطرح معادلة "الاستسلام مقابل الغذاء".
حاولت اميركا تثبيت هذه المعادلة فحاصرت اليمن بالتلازم مع الحرب التي تعرض لها، فأغلقت المطار والمرافئ، ومنعت والدواء والغذاء ووضعت اليمنيين امام خيار واحد: "الاستعمار مقابل الغذاء".
بعد انتصار المقاومة في لبنان والعجز الاميركي وبعض العرب عن السيطرة على لبنان، وبعد توسّع جغرافيا المقاومة لمواجهة "الربيع العربي" في سوريا والعراق واليمن، استغل الاميركيون الفساد في لبنان وقلة الكفاءة في إدارة الدولة، وقامت "انتفاضة تشرين 2019"، والتي استغلتها اميركا ولا تزال بما عرف بخطة "بومبيو" ذات الخمس سنوات، ووصل الامر لانهيار الاقتصادي وتدفق النازحين لتثبيت معادلة "السلاح مقابل الغذاء"، و"قبول النازحين مقابل الغذاء"، وآخرها دفعه المليار دولار!
عندما طرح السادات اتفاقية "كامب يفيد" كان تبريره ان ما يصرف على المجهود الحربي، سيُصرف للتنمية ورفع مستوى العيش للشعب المصري، لكن الواقع لم يتغيّر، ولا زالت مصر تقود التطبيع والانحياز لصالح المشروع الاميركي "التطبيع مقابل الغذاء"، كمساعدات القمح وغيرها.
كذلك الاردن عندما وقع اتفاقيات "وادي عربه" لكي يتحسن الوضع المعيشي، بعد أكثر من 30 عاما لا زال الاردن يعيش على المساعدات العراقية والأميركية والمتعددة الجنسيات، ورقبته تحت سيف "التطبيع مقابل الغذاء"!
اخر مشهديات الاستعباد والاستسلام مقابل الغذاء، ما يجري من مفاوضات في غزة فبعد الصمود الإعجازي للمقاومة واهلها في غزة ومحور المقاومة التي ساندها خصوصاً في لبنان، وبعد العجز "الاسرائيلي" والاميركي والغربي والعربي عن هزيمة المقاومة، تعود اميركا لمعادلتها الثابتة: الاستعباد والاستسلام مقابل الغذاء، فتطرح اتفاقية هدنة عنوانها "الاسرى مقابل الغذاء"، "الاستسلام وتسليم السلاح والتنازل عن الكفاح المسلح مقابل الغذاء"، "الاعتراف بدولة اسرائيل مقابل الغذاء"،
إن لم توقع حماس وحركات المقاومة على هذه الهدنة فسيتم تحميلها المسؤولية عن مذابح "رفح" وعن كل الدماء..
اميركا تضع الجميع امام خيارين: اما الاستسلام والقبول بالعبودية او الموت جوعا وعطشا ومرضا وحصارا ونهبا للثروات..
تكرّر اميركا ما قام به كفار قريش عندما حاصروا الرسول الاكرم (ص) في شعاب مكة وخيّروه بين الموت جوعا وعطشاً او التنازل او التنازل عن الإسلام.. لكنه قاوم وصمد ولم يتنازل.. ثم عاد منتصرا فاتحا لمكة!
لا يزال العرب والمسلمون بمواجهة قانون اميركا الثابت:
"النووي الايراني مقابل الغذاء"
"النفط مقابل الغذاء" في العراق
"الاستسلام مقابل الغذاء" في سوريا
"السلاح مقابل الغذاء" في لبنان
"الاستعمار مقابل الغذاء" في اليمن.
"الاعتراف بإسرائيل وإطلاق الاسرى والقاء السلاح مقابل الغذاء" في فلسطين..
لم تقايض إيران الغذاء بسيادتها، فانتصرت، وصمدت سوريا ولا يزال لبنان يقاوم وندعو ان لا تسقط غزة..
اولى خطوات الانتصار ان تؤمن رغيف اهلك ودواء مرضاك والماء للعطشى..
الاكتفاء بتامين الرصاص لا يعطيك النصر في المعركة، وان حقّقته، فستعود اميركا لتسلبه منك.. برغيف خبز!
لكي تنتصر، مع كل رصاصة ازرع حبة قمح.