أقلام الثبات
زار وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لبنان لتقديم مبادرة لتفادي حرب محتملة بين حزب الله و"إسرائيل"، ولتأكيد رفض بلاده "السيناريو الأسوأ في لبنان وهو الحرب"، وقال الوزير الفرنسي إنه يأتي ليطرح مبادرة فرنسية جديدة، وهي المبادرة الثانية التي تقدمها بلاده، التي كانت قد اقترحت في يناير /كانون الثاني الماضي مبادرة لاحتواء التوتر بين "إسرائيل" ولبنان في المناطق الحدودية، لكن الموقف اللبناني كان رافضاً للحديث عن مبادرة لإنهاء الحرب في جنوب لبنان قبل وقف الحرب في غزة.
وبالرغم من عدم كشف البنود التي في الورقة الجديدة، والتي لا شكّ أنها تنطلق من المبادرة السابقة التي تتشابه مع المبادرة التي حملها هوكشتاين الى لبنان، والتي قال الطرفان - الأميركي والفرنسي - إنهما يسعيان لمنع الانزلاق الى الحرب، ولبحث ترتيبات مع بعد حرب غزة، وانتهاء وظيفة جبهة لبنان كجبهة مساندة.
ومن الطبيعي ان تتلاءم المبادرة الفرنسية مع ما كان الاتحاد الاوروبي قد أعلنه في 18 نيسان/أبريل 2024، حيث دعا في وثيقة رسمية دعمه للبنان، ودعا الى عدم الانجرار للحرب مع "اسرائيل"، والى تطبيق القرار 1701، بالإضافة الى تأكيده على دعم الجيش اللبناني، وللاستمرار في دعم اللاجئين السوريين في لبنان، وشدد على عودة آمنة وطوعية وبكرامة للسوريين.
وتتقاطع المبادرتين الفرنسية والأميركية في الخطوط العريضة، وفيها:
- انسحاب حزب الله وبعض قدراته العسكرية بعيداً عن الحدود.
- انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وتوسيع مهام قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
- وقف الخروقات "الإسرائيلية" والطلعات فوق الأراضي اللبنانية.
- الالتزام ب "تفاهم نيسان" عام 1996، والذي أنشأ آلية لمراقبة وقف إطلاق النار، وتحييد المدنيين على جانبي الحدود.
- بدء المفاوضات لتحديد الحدود البرّية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
- دعم لبنان اقتصادياً ودعم الجيش اللبناني للقيام بمهامه في الجنوب.
وبالرغم من ان هناك اعتقاد لدى كثيرين بأن تنافساً ما يحصل بين الاميركيين والفرنسيين، لكن الأرجح ان هناك توزيع أدوار بين الطرفين، فالأميركيون يعطون أدوراً للحلفاء في المناطق التي يتمتعون فيها بنفوذ تقليدي تاريخي أو لديهم قدرة على التواصل مع الاطراف التي لا تستطيع أو لا تريد الولايات المتحدة محاورتهم مباشرة.
لكن من الواضح أيضاً أن الاميركيين لا يتسامحون مع محاولات التفرد التي يقوم بها هؤلاء الحلفاء، فعلى سبيل المثال حاول الفرنسيون طرح مبادرات بعد انفجار مرفأ بيروت، لم تصل الى أي مكان بعدما تبين أن إدارة الرئيس ترامب غير معنية بانفراجة في لبنان، ولن تتراجع عن سياسة الضغوط القصوى التي تأثر بها لبنان.
أما بالنسبة للفرنسيين فإنهم يحاولون أن يجدوا لأنفسهم دور يقومون به بعد تراجع نفوذهم في الشرق الاوسط، وذلك بأن يلعبوا دوراً في التواصل والتفاوض بين الأميركيين وخصومهم (إيران، حزب الله). وتسعى فرنسا أن تسوّق نفسها كضامن لتسوية مقبلة، كونها تتمتع بنفوذ سياسي تاريخي في لبنان، ولديها علاقات واسعة مع القوى السياسية، ولديها كتيبة في اليونيفيل، بالاضافة الى نفوذ اقتصادي عبر الشركات الفرنسية التي أعطيت تراخيص في لبنان، ومنها توتال.