انتفاضة الطلبة الأميركيين من أجل غزة وفلسطين

السبت 27 نيسان , 2024 01:05 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

توافق بعد أسبوع تقريباً الذكرى الـ 54 لمجزرة جامعة "كنت" الحكومية Kent State University، في ولاية أوهايو الأميركية، والتي وقعت في 4 أيار/مايو 1970، وقضى فيها، بحسب الأرقام الرسمية، 4 طلاب، وجُرح 9، أصيب أحدهم بشللٍ دائم، كانوا يحتجون بصورةٍ سلمية على حرب فيتنام، وذلك برصاص "الحرس الوطني" لولاية أوهايو.

جرت تبرئة عناصر "الحرس الوطني" الذين أطلقوا نيران بنادقهم على نحو 300 متظاهر سلمي في حرم جامعة "كنت"، وكان اثنان ممن قتلهم الحرس، وهما طالب وطالبة، يقفان بعيداً مع جمهرة تراقب تظاهرة زملائهم عن بعد 100 متر تقريباً، أي أن بعض من قتلوا وجرحوا من الطلبة لم تكن له علاقة بالاحتجاج.

يمثل "الحرس الوطني" التابع للولايات قوات احتياط للجيش الأميركي عندما يكلَّف مهمةً من طرف الحكومة المركزية، أي الرئيس، خارج البلاد. ويُعَدّ، ما عدا ذلك، قوةً تابعةً لحاكم الولاية يمكن أن يحركها ضمن حدود ولايته فقط في حالات الطوارئ.

العبرة من قصة مجزرة جامعة "كنت" الحكومية في ولاية أوهايو، في عز حرب فيتنام، أن الحكومة الأميركية لا تتورع عن ارتكاب أعمال قتل عشوائية، حين يتعلق الأمر بموقفٍ مفصلي يهدد مصالح النخبة الحاكمة، كما في حالة مناهضة حربها في جنوبي شرقي آسيا في الستينيات والسبعينيات.

لم تكن حادثة جامعة "كنت" فريدة من نوعها طبعاً، فهناك مثلاً إطلاق النار على طلاب محتجين في جامعة "جاكسون" الحكومية، في ولاية مسيسيبي الأميركية، في 14 أيار/مايو 1970، أي بعد 10 أيام بالضبط من حادثة جامعة "كنت"، من طرف قوة مشتركة من شرطة الولاية وقسم شرطة المدينة، الأمر الذي أدى إلى مقتل 2 منهم، وجرح 12، بعد أن فتحت تلك القوة نيرانها عشوائياً على مبنى السكن الجامعي.  ولم يُدَن أيّ من مطلقي النار في تلك الحادثة أيضاً.

هناك أيضاً حادثة جامعة "ساوث كارولينا" الحكومية في 8/2/1968، عندما فتحت دورية من شرطة السير التابعة لولاية ساوث كارولينا الأميركية النار على طلاب محتجين من أجل الحقوق المدنية، فقتلت 3 منهم وجرحت 28.

كذلك، هناك حادثة طعن 11 محتجاً من الطلبة والأساتذة والإعلاميين في جامعة "نيو مكسيكو"، في 8/4/1970، بحراب بنادق عناصر "الحرس الوطني" لولاية نيو مكسيكو الأميركية، على خلفية مجزرة جامعة "كنت" وظاهرة مناهضة حرب فيتنام عموماً.

حادثة "كنت" هي الأكثر شهرة طبعاً، ربما لأن ضحاياها كانوا من الطلاب "البيض"، بعضهم من الطلاب غير المشاركين في الاحتجاج، ولأنها لم تقع في الولايات الجنوبية المضطربة، ولأنها ارتبطت مباشرة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وفي الإمكان الاستمرار طويلاً هنا في الحديث عن ناشطي حركة الحقوق المدنية أو مناهضي النظام الذين جرى اغتيالهم، مثل القائد المسلم مالكوم أكس في 21/2/1965، أو مارتن لوثر كينغ عام 1968، أو الذين "ماتوا في ظروف غامضة" أو جرت تصفيتهم علناً.

للمزيد بشأن هذا الملف الكبير، يمكن مراجعة التقارير المنشورة عن عملية "كوانتلبرو" COINTELPRO، والتي أدارها مكتب المباحث الفيدرالية FBI بين عامي 1956 و1971ضد معارضي النظام الأميركي، ولاسيما مناهضو الحرب أو النظام الجذريون، والمنظمات والقيادات للأقليات العرقية التي تتجاوز "السقف"، مع تعليمات محددة من جي إدغار هوفر، الحاكم المطلق لـ FBI منذ عام 1935، حتى وفاته عام 1972، بـ"فضح، وتعطيل، وتضليل، وتشويه سمعة" المستهدفين بالبرنامج، و"تحييدهم عند اللزوم".

خرج هذا الملف إلى العلن، في صحيفة "واشنطن بوست"، بعد "تسريب ملفات أمنية"، نتيجة صراع بين أجنحة السلطة التنفيذية، على ما يبدو، في إثر تغول جهاز استخبارات الـ FBI عليها، كي يكشف جانباً من الوجه الحقيقي للنظام الأميركي الذي يعاني "فائض ديموقراطية وحقوق إنسان" يصر على تصديره بالقوة إلى سائر العالم، على طريقة "حرب الأفيون" البريطانية على الصين عام 1839.

دلالات الحملة على الطلبة الأميركيين المتضامنين مع غزة وفلسطين

ليس مفاجئاً إذاً اعتقال مئات الطلبة المحتجين من أجل غزة وفلسطين في الجامعات الأميركية مؤخراً، ولا القسوة البالغة الذي جرى التعامل بها مع تلك الاحتجاجات، وتوزيع قرارات الفصل والاعتقال بالجملة، لمن يعرفون الوجه الحقيقي للنظام الأميركي وسجله داخلياً، لا خارجياً فحسب.

تتمتع الولايات المتحدة الأميركية بـ"حرية التهريج"، وبسقوف لا تضبطها ثقافة أو دين أو احترام لمقامات دينية أو دنيوية، ويمنحك نظامها حق الاعتراض والاحتجاج ما دام لا يؤثر جدياً في مصالح النخبة الحاكمة. أما التصادم مباشرةً مع تلك المصالح في لحظة أزمة، فيواجَه بالبطش غير المقيد بقانون أو بالقيم الليبرالية التي يرفع لواءها النظام.

إذا صحّ هذا التقويم لطبيعة النظام الأميركي، فإن طريقة تعامله الشرسة حالياً مع الاحتجاجات الطلابية من أجل غزة وفلسطين مؤشرٌ على أنه متأزم بشدة، وأن أزمته صنعها صمود غزة وبسالة مقاومتها، وأن غزة نجحت في جعل الدعم الأميركي، والذي تصاعد مؤخراً، للعدو الصهيوني، مسألة رأي عام داخلي أميركي، الأمر الذي يتهدد العلاقة العضوية بين الإمبريالية والصهيونية في لحظة أزمة تتجلى حالياً في مظهرين متلازمين: 

أ – تعثر العدوان الصهيوني على غزة وعجزه عن تحقيق أهدافه.

ب – تقدم مكونات محور المقاومة الصفوف لنصرة غزة، الأمر الذي يهدد الهيمنة الأميركية في المنطقة.

العنصر اللافت في انتفاضة الطلبة الأميركية من أجل غزة وفلسطين

كما أدت مجزرة جامعة "كنت"، في خضم حرب فيتنام، إلى زيادة زخم الحراك الطلابي المناهض للحرب من مستوى بضعة آلاف إلى 4 ملايين، بحسب تقرير أحد مراكز الأبحاث، وإلى أكبر إضراب طلابي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق أكثر من 450 حرماً جامعياً أميركياً في احتجاجات سلمية أو عنيفة، فإن محاولة الإجهاز، عبر القبضة الأمنية العارية، على المخيم الاحتجاجي الطلابي في حرم جامعة كولومبيا، إحدى أبرز الجامعات النخبوية الأميركية، ساهمت في تأجج الاحتجاجات المتضامنة مع غزة وفلسطين كالنار في الهشيم في مزيد ومزيد من الجامعات الأميركية، من الساحل الشرقي إلى تكساس في أقصى الجنوب إلى جامعات الساحل الغربي، ولاسيما كاليفورنيا.

اللافت بشدة هو أن الطلبة الأميركيين كانت لهم مصلحة مباشرة في إيقاف حرب دولتهم في جنوبي شرقي آسيا، إذ أصبحت الجامعات ملاذاً قانونياً للتهرب من الخدمة العسكرية حين كان التجنيد إجبارياً.

لذلك، تحولت الجامعات إلى بؤرٍ طبيعية لمناهضة السياسة الخارجية الأميركية، وإلى أكبر احتياطي استراتيجي لحركة مناهضة الحرب، مع ارتباط تلك الحركة بحركة أقدم، هي حركة الحقوق المدنية، والتي بلغت أقصى زخمها في الستينيات.

أمّا في حالة غزة وفلسطين، فإن المادة الكيميائية المحفزة لمناهضة السياسات العدوانية الأميركية لم تكن أي مصلحة فردية من أي نوع لدى الشبان الأميركيين، بل كانت أثر الصورة والفيديو القادمين من غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واللذين أسقطا قناع النظام الأميركي لدى القطاعات الأكثر ليبراليةً والأكثر اتصالاً بالفضاء الافتراضي من الشبان الأميركيين.

وبما أن جزءاً لا بأس من هؤلاء يُعَدّ من الجمهور التقليدي للحزب الديموقراطي، فإن ذلك ضاعف الانقسامات في صفوف ذلك الحزب، عشية انتخابات رئاسية حاسمة تواجه فيها الدولة العميقة خصماً عنيداً من خارجها، هو دونالد ترامب.

تكمن مأساة الرئيس بايدن هنا في أنه ألقى كل ثقله علناً خلف الكيان الصهيوني عشية غزوة "طوفان الأقصى" المظفرة، إخلاصاً للعلاقة الإمبريالية - الصهيونية، نعم، لكن أيضاً للمزايدة على ترامب انتخابياً، وإغواءً لقواعده العنصرية، والمسيحية - المتصهينة، الأكثر التزاماً بـشأن "إسرائيل"، فوجد نفسه يخسر جزءاً من قاعدته الأكثر تأثراً بالقيم الليبرالية، والتي صدمها فيض صور الوحشية والمجازر والاستباحة التي اقترفتها "الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".  

فبدأ الرئيس بايدن يتراجع خطابياً فقط عن دعم السياسات الصهيونية، وبأقل مما يجب، وبعد فوات الأوان، الأمر الذي لم يمر، وخصوصاً أن قيمة جرعة الدعم الأميركية الأخيرة للكيان الصهيوني قيمتها 26 مليار دولار فقط.

تنشأ أزمة وجودية هنا لدى الكائن الليبرالي: إما أن يتخلى عن منظومته القيمية، ويعترف أمام نفسه بأن رداءه الليبرالي رداء حملٍ يرتديه مجرمٌ سفاحٌ، وإما أن ينتصر لمنظومته القيمية، من حقوق الإنسان إلى مناهضة العنصرية، محاولاً تصويب المسار السياسي.  

لذلك، انتشر الحراك المتضامن مع غزة وفلسطين بين الشرائح الأكثر تأثراً بالحس الليبرالي، والاكثر بياضاً ومدنيةً، والأكثر نخبويةً ثقافياً، والأقل ارتباطاً، في الآن عينه، بالهرم الاقتصادي - الاجتماعي، بحكم كونهم طلاباً، لا رجال أعمال أو موظفين حكوميين مثلاً، أو مهنيين.

ضد القتل والمجازر إذاً، وضد العنصرية والمعايير المزدوجة، والمذبحة الجماعية، وضد تغطيتها أميركياً، وضد الدعم غير المشروط للكيان الصهيوني، كان التوجه الذي بدأ يكتسب زخماً غير عادي بمقاييس أميركية بعد بضعة أسابيع من العدوان على غزة.

ثم جاءت الصفعة الثانية، التي أطاحت سائر القناع عن وجه النظام الأميركي ليبرالياً: قمع الحراك المتضامن مع غزة وفلسطين، ومعالجته بالقبضة الأمنية، بالاعتقالات والضرب والفصل.

صرخ المعتصمون في جامعة كولومبيا النخبوية: "الإمبراطور عارٍ من الثياب"، إذ وقفت الإمبراطورية الأميركية بلا رداء "سيدة الحرية"  Lady Libertyوالتي يقف تمثالها عند بوابة نيويورك البحرية، وهي ترفع "مشعل الحرية" بيمناها، وتضم بيسراها نسخة عن "إعلان استقلال الولايات المتحدة الأميركية"، والذي يعلن أن "كل البشر خلقوا متساوين".

دور المجموعات اليهودية في الحراك الطلابي الأميركي المتضامن مع غزة 

يحب البعض التركيز على دور بعض المجموعات اليهودية - الأميركية المناهضة للعدوان على غزة في الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية، من دون الالتفات إلى أن تلك النزعة تمثل استمراراً للانقسامات في المجتمع الصهيوني ذاته، التي تصاعدت بُعيد ما يسمى أزمة "التعديلات القضائية"، والتي أخرجت التناقضات بين العلمانيين والمتدينين، وبين الليبراليين والمحافظين، وبين اليهود الشرقيين (الأكثر تشدداً) واليهود الغربيين.  وللمزيد، انظر "التعديلات القضائية وجوهر الخلاف بين المستعمرين المستوطنين"، في 28/7/2023.

لكن عامة اليهود الأميركيين أكثر علمانيةً وليبرالية وتغرباً (بالتعريف) من يهود الكيان الصهيوني، الأمر الذي جعلهم حاضنة أكثر معارضة لحكومة نتنياهو.  كما أنهم يميلون إلى الحزب الديموقراطي، ويُعَدّون من أهم مموليه. وهم أبعد جغرافياً عن فلسطين المحتلة، في حين تصطف نسبة أكبر من العلمانيين والليبراليين والمتغربين اليهود في الكيان الصهيوني مع العدوان على غزة.

نقول: اللهم زد وبارك في تلك التناقضات وفاقمها، لكن الحذر الحذر من تبني البرنامج السياسي لليهود الأميركيين الداعين إلى وقف العدوان على غزة، من المرشح الرئاسي السابق السيناتور بيرني ساندرز، الذي هجا غزوة 7 أكتوبر بأقذع ما يكون من الألفاظ، إلى مجموعات طلابية مثل "صوت يهودي من أجل السلام" Jewish Voice for Peace، أو "إن لم يكن الآن" If Not Now، والتي تدفع في اتجاه التعايش وتَقَبُّل المحتلين في فلسطين تحت عناوين، مثل مناهضة العنصرية و"إدانة قتل المدنيين من الطرفين".

وبحسب تقرير لـ"أسوشييتد برس"، في 16/11/2023، فإن مجموعة "إن لم يكن الآن" اليهودية - الأميركية بلغت عائداتها نحو 400 ألف دولار عام 2021. وبحسب تقرير لموقع NBC الأميركي في 20/3/2024، فإن مجموعة "إن لم يكن الآن" تلقت 100 ألف دولار من مؤسسة روكفلر في الأعوام الخمسة الأخيرة، في حين تلقت "صوت يهودي من أجل السلام" نصف مليون دولار من مؤسسة روكفلر خلال الفترة ذاتها.

ويضيف التقرير ذاته أن "مؤسسة المجتمع المفتوح" Open Society Foundation، التابعة لجورج سورس، قدمت تبرعات كبيرة إلى مجموعة "صوت يهودي من أجل السلام"، لأن هدف المؤسسة هو المساعدة على "إقامة سلامٍ دائم في المنطقة".

يتباهى البعض بوجود هؤلاء ضمن حركة عريضة تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتتقاطع على برنامج حده الأدنى سحب استثمارات الجامعات من الشركات الداعمة لـ"إسرائيل"، وحق الاحتجاج من دون تعرض الطلاب المحتجين لعقوبات، والمقاطعة الأكاديمية للجامعات ومراكز الأبحاث الصهيونية.

ليس الهدف هنا نفي إمكان وجود يهود مناهضين للصهيونية خارج فلسطين، أي مناهضين لـ"حق الكيان الصهيوني في الوجود"، ومناصرين لحقنا في تحرير فلسطين كاملة، عبر العمل المسلح،  لكنّ ذلك، إن وُجد في حالات مجهرية، فإنه لا يمثل الجانب الأبرز، أو حتى الأقلوي، في ظاهرة اليهود المناهضين لحكومة نتنياهو، والداعين إلى وقف إطلاق النار في غزة.  وحتى يبرز مثل هؤلاء كتيار، فلنهدِّئ خيولنا قليلاً، لأنهم يصبحون أقرب إلى أحصنة طروادة، غايتها تفخيخ الحراك المناهض للصهيونية في الغرب سياسياً وتخفيض سقفه.

الجيلان الثاني والثالث من العرب في الولايات المتحدة الأميركية

تجاوز الحراك المتضامن مع غزة وفلسطين في الولايات المتحدة، في أجزاء مهمة منه، سقف الـ BDS، بطرحه شعار "من النهر إلى البحر"، في حين لا تنفي الـ BDS "حق الكيان الصهيوني في الوجود"، بل تدعو إلى جعل "إسرائيل" أكثر "ديموقراطية"، وأقل "عنصرية"، كما يمكن أن يرى من يتفحص برنامجها السياسي في موقعها عبر الإنترنت.

وفي رأيي المتواضع، تمثل مجموعات الأميركيين من أصل أفريقي، والمساندة لغزة وفلسطين، ظاهرة أهم وأنقى وأوسع تأثيراً من الظاهرة اليهودية، وكذلك مجموعات الأقليات الداعمة للقضية الفلسطينية.

لكن الظاهرة الأهم في الحراك الطلابي المتضامن مع فلسطين وغزة اليوم، والتي لا تنال ما تستحقه من الاهتمام في الإعلام المقاوم، ليست اليهود المنخرطين فيها، بل الجيلان الثاني والثالث من الفلسطينيين والعرب والمسلمين الذين ولدوا في الولايات المتحدة، والذين تجاوزوا الشعور بالرعب من ممارسة أي نشاط سياسي ينتاب المقيمين بصورةٍ غير مشروعة، أو الموجودين بناءً على إقامات يمكن إلغاؤها.

بات هؤلاء مئات الآلاف اليوم، وهم يلقون ظلهم بقوة على المشهد الطلابي الأميركي، وبسقوف مبدئية في كثيرٍ من الأحيان، تتجاوز ما تطرحه المجموعات اليهودية أو الـBDS. ومن هؤلاء على سبيل المثال، لا الحصر، مجموعة فلسطينية - أميركية فعالة جداً وذات انتشار واسع، اسمها "في حياتنا" In Our Lifetime، تطرح في موقعها في الإنترنت النقاط البرنامجية التالية:

أ – الوقوف ضد المشروع الاستيطاني الاستعماري الصهيوني بكليته، وتحرير كل فلسطين.

ب – رفض كل أشكال التطبيع، وأي حوار أو تعاون مع المجموعات الصهيونية.

جـ - الدفاع عن الحق في مقاومة الاحتلال الصهيوني "بكل الوسائل الضرورية" By All Means Necessary، وهي مقولة للقائد المسلم مالكوم أكس طبعاً، في خطاب له عام 1964، ولا يصعب تأويلها كثيراً، وأظن أنها تتضمن أكثر من "إضاءة الشموع".  

د – دعم كل نضالات التحرر القومي حول العالم المناهضة للإمبريالية الأميركية.

أستغرب كثيراً عقد نقص البعض، والتي تجعلهم يثمنون سقفاً شديد الانخفاض لمتضامن يهودي، هو في الواقع صهيوني مشفّر، متجاهلين أهم عامل مساعد على انتفاضة الطلبة الأميركية من أجل غزة وفلسطين، وهو الفلسطينيون والعرب والمسلمون من الجيلين الثاني والثالث، ومنظماتهم ونشطاؤهم، وجهودهم.

ومن البديهي أن تلك المنظمات تتعرض حالياً لعملية تدقيق وشيطنة في المؤسسة الأميركية الحاكمة، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر، "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" Students for Justice in Palestine، و"مسلمون أميركيون من أجل فلسطين" American Muslims for Palestine، وغيرهما كثير من المجموعات، التي قد لا تتمتع بانتشار عبر الولايات، لكنها مؤثرة في بيئاتها المحلية.

 

إبراهيم علوش  ـ الميادين

 

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل