أقلام الثبات
منذ اعلان المقاومة في لبنان اسنادها لغزة، عسكرياً، تحرّكت الدبلوماسية الغربية، بالتلازم مع التهديدات "الإسرائيلية" المتكررة بالحرب على لبنان إذا لم توقف المقاومة مشاغلتها لجيش العدو.
كانت الجبهة في لبنان اولى جبهات من محور المقاومة التي بادرت للميدان، وبشكل مباشر، وسخّرت اجهزتها الإعلامية وكل طاقاتها لنصرة غزة، وكانت الناطق الرسمي لمظلوميتها وجراحاتها.
تحرّك الموفدون الغربيون وفي مقدمتهم الموفد الامريكي هوكشتاين في زيارات مكوكية مسبوقة بالتهديدات والتهويل، ومن ثم بالترغيب عسى ان توقف المقاومة نارها وتريح العدو "الإسرائيلي".
تحرّكت المقاومة في العراق ثم في اليمن وصولا الى الضربة الإيرانية "المحدودة" للعدو "الاسرائيلي"، واستطاع الاميركيون تحييد جبهة العراق الى حد ما واطفاء التوتر "الإسرائيلي" - الايراني، ولم يبق اسناد لغزة سوى لبنان واليمن، مع امكانية تخفيف وطأة الحصار اليمني، اما عبر الجسور البرية العربية او عبر تغيير اعلام السفن ووجهتها مادام الإخوة في اليمن حصروا قرارهم بمنع السفن "الإسرائيلية" او التي تحمل بضائعها للمرافئ "الإسرائيلية"، ما يعني انه لن يبق في الميدان مناصر ومساند لغزة، بشكل ميداني وواضح وجدي ومؤلم للعدو، سوى جبهة لبنان.
لماذا يصر العدو "الاسرائيلي" على اغلاق جبهة لبنان؟ وما هي اهدافه؟
- اطفاء جبهة لبنان يعطي زخماً معنوياً للعدو "الاسرائيلي"، وامام الراي العام العالمي، بأنه على حق في ما يقوم به في غزة، والدليل ان العالم العربي والاسلامي، بتنوّعه من انظمة وشعوب واحزاب ومعارضات ومقاومة، قد ترك غزة ولم يناصرها لأنها ليست على حق، وغير مؤيد لمغامرتها!
- ربح المعركة النفسية ضد الفلسطينيين في الداخل، وخصوصا في غزة، أن لا افق لصمودهم ولا لمقاومتهم، وانهم معزولون عالمياً وعربياً واسلامياً، ومن الاشقاء والجيران والأخوة في الدين، ما يزرع اليأس في نفوسهم ويجعلهم ويرفعون "الراية البيضاء" والاستسلام للمشيئة "الإسرائيلية" الأمريكية.
- إراحه العدو وقيادته السياسية والعسكرية من عبء الشمال على ابواب موسم الصيف والعطل الصيفية والسياحة، فهدوء الجبهة ووقف اطلاق النار سيعيد المستوطنين النازحين الى "قراهم" والسياح الى الشواطئ ومنتزهات شبعا وجبل الشيخ، مع فوائدها المعنوية والاقتصادية والنفسية، لأن قرار اقتحام رفح قرار أميركي - "اسرائيلي"، بموافقة عربية، ولا رجوع عنه عاجلا ام اجلا، لتحقيق نصر معنوي او رمزي لنتنياهو وللجيش "الإسرائيلي"، فلابد من اغلاق جبهة لبنان، لان اغلاقها هو اغلاق لآخر ثقب اوكسجين لغزة، واطفاء لآخر ضوء في نفق غزة، ولذا يضغط "الاسرائيليون" عبر فرنسا واميركا وكل الغرب، وربما بعض العرب، لإجبار المقاومة في لبنان على وقف إطلاق النار، مع الوعد ببحث النفط والحدود فيما بعد، واعطاء "شيك بلا رصيد"، والجميع يدرك أن العدو لم يفِ يوما بعهد او ينفذ اتفاقا.
ان لم تنفع "الدبلوماسية"، ولأن قرار رفح وتصفية غزة قرار قائم، الا إذا استطاعت الضغوط وبعض الترغيب من استدراج المقاومة في غزة للموافقة على الشروط "الإسرائيلية"، سواء بغلاف جميل او لطيف (الدور التركي)، فان قرار اقتحام رفح سينفذ، وان لم تلتزم المقاومة في لبنان بوقف إطلاق النار فقد تلجأ اميركا وحلفاؤها الى الضغط؛ إما عبر فتنة داخلية، او معركة صغيرة تصعيدية تتجاوز جنوب لبنان، لإلزام المقاومة بوقف النار حماية لأهلها، او تتحمل الأثمان الكبيرة والتضحيات، فداء لغزة.
الاسابيع القادمة اسابيع ساخنة سياسيا وناريا، لأن مشروع تصفية غزة يقترب على نهايته، وفق النظرة "الإسرائيلية" الأميركية، ويجب ان يُحسم قبل تموز القادم، تحضيرا للانتخابات الرئاسية الأمريكية.
هذا ما يتمناه العدو وامريكا، ويبقى الرهان على التوفيق الالهي وصمود المقاومة {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.