تكليف تركيا إدارة المشروع الأميركي في المنطقة ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 23 نيسان , 2024 09:55 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد سبعة أشهر من الحرب على غزة، والتي توسّعت على المستوى الاقليمي والدولي، واستدرجت اميركا وبريطانيا للميدان العسكري، شكّل الرد العسكري الايراني المباشر على "اسرائيل" نقطة تحوّل على مستوى الصراع، حيث اضطرت اميركا، وبشكل عاجل، لإعادة تنظيم جبهة ومحورها، وكانت الخطوة الاولى تكليف تركيا ادارة المشروع الاميركي على مستوى المنطقة، وسحب الورقة الفلسطينية من الطرف العربي (مصر وقطر).
ان الدخول الايراني المباشر على مستوى الميدان بعد أكثر من 40 عاما من انتصار الثورة الإسلامية، والذي كاد ان يؤسس لجبهة مواجهة مفتوحة بين "اسرائيل" وايران، ونتيجة لغياب القوة العربية الفردية او الجماعية لمواجهة ايران عسكرياً، وبعد العجز والفشل "الاسرائيلي" والهزيمة المعنوية والمادية للجيش الاسرائيلي ووصول المحور الاميركي لمنعطف خطير، بعدما استطاع محور المقاومة بناء منظومه توازن ردع او ندّية في الضربات وفق "لعبة التنس" العسكرية (ضربة... بضربة) شعر الاميركيون انه لابد من تغيير قيادة المشروع الاميركي لتحقيق التوازن بعد دخول ايران كطرف اساسي في الصراع، ولا يمكن مواجهة ايران على المستوى السياسي او العسكري او الديني الا عبر تركيا بقيادة أروغان، نتيجة  القدرات التي تمتلكها تركيا، سواء موقعها الجيوسياسي المركزي للمنطقة وتماسّها مع العراق وسوريا وامتداداتها في اسيا الوسطى والجيش والامكانيات العسكرية التي تمتلكها كعضو للناتو، والاهم من ذلك انها تستطيع ان تشكّل ندّاً لإيران على المستوى الديني والتنظيمات الدينية التي ترتبط بها لاسيما الجماعات التكفيرية، بحيث تستطيع تركيا مشاغلة حركات المقاومة التي تتحالف مع ايران بواسطة هذه الجماعات.
نتيجة لطموحات "أردوغان "والتأخر في تنفيذ مشروعه الامبراطوري منذ انقلابه على سوريا وهزائمه الانتخابية التي تؤشر الى نهايته السياسية كشخص او حزب في الدورات المقبلة، فإن تقاطع المصالح التركية مع اميركا و"اسرائيل" دفع هذا الثلاثي لإعادة تنظيم المواجهة مع إيران ومحور المقاومة.
ولتأمين الفضاء الامني والسياسي والجغرافي للدور التركي الجديد بادر أردوغان لتأسيس قاعدة الانطلاق وفق التالي:
- انشاء منطقة عازلة في سوريا.
- انشاء المنطقة العازلة في العراق باتفاق رسمي مع الحكومة العراقية، بحجة القضاء على حزب العمال الكردستاني.
-  تسلم ملف المفاوضات من "حماس" لإنهاء الحرب على غزة، حيث تم الضغط الاميركي على قطر للتخلي عن هذا الدور ونقل الوساطة والملف من يد الثنائي "المصري - القطري" الى المفاوض التركي.
- اعلان مرجعتيه وولايته على اهل السنّة في العراق، والذين يشعرون أنهم "يتامى سياسيون" على المستوى الاقليمي، وان تركيا يمكن ان تشكل الحاضن والراعي والولي السياسي.
المؤشرات الاولى لاستلام تركيا ملف تنفيذ المشروع الامريكي في المنطقة لا تبشر بالخير، ابتداء من تصريح وزير الخارجية التركي فيدان،  - والذي لم تنفه "حماس" - بأن "حماس مستعده للقبول بالدولة على راضي 67 والاعتراف بإسرائيل والتحول الى حزب سياسي والتخلي عن الكفاح المسلح "، ثم ما صرح به أروغان، والذي ساوى بين "اسرائيل" وايران عندما قال إنه "لا يمكن الوثوق بما تقوله ايران او إسرائيل"، وتابع متهما بشكل ضمني ايران بان ضربتها كانت مكسباً لإسرائيل لأنها حوّلت الراي العام عن غزة ولابد من اعاده الأنظار الى غزة".
السؤال: هل استطاعت اميركا استيعاب هجوم محور المقاومة وبدأت باستراتيجية "الحرب البديلة" لإشعال حرب تركية - ايرانية للإيحاء وترويج للحرب بين المشروع الأميركي - السني بقيادة تركيا، والشروع المقاوم - الشيعي بقيادة ايران، خصوصاً أن العقل الإسلامي مايزال مشدوداً للتاريخ والعصبية المذهبية.
هل يمكن ان تعيد اميركا احداث التاريخ الدموي بين المسلمين؛ كما كان الصراع بين الدولة الصفوية والخلافة العثمانية، او كما الصراعبين الخلافة العثمانية والدولة السعودية..؟  
نحن في مرحلة خطيره وحساسة انتقل فيها الصراع الى صراع على مستوى المشاريع الكبرى الإقليمية والدولية.
نحن الان في صراع مباشر مع اميركا وحلفائها وادواتها، اما "اسرائيل" فصارت تفصيلا ثانويا في الحرب "كداعش" و"النصرة" وامثالهما.
كما غيّرت اميركا تكتيكها وخططها نتيجة متغيّرات المعركة لا بد لمحور المقاومة من إعادة رسم خطط جديدة تستطيع مواجهة التشكيل الجديد للمحور الأميركي.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل