أميركا وحربها على "الثورية الشيعية"... بعد تفكيكها "للشيوعية" _ د. نسيب حطيط

السبت 20 نيسان , 2024 07:47 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان في ثمانيات القرن الماضي بادرت اميركا لاستنزاف وقتال الجيش السوفيتي عبر ما عُرف "بالأفغان العرب"، حيث قامت السعودية بتمويل هذه الجماعات للقضاء على "السوفييت الكفرة"، وتعهد السادات بتأمين السجناء من الجماعات الإسلامية (وفق ما أعلنه مستشار الامن القومي الأميركي زبغنيو بريجنسكي)، وإطلاق سراحهم، وتم استيلاد ما عُرف "بالأفغان العرب" ثم "القاعدة" بزواج عرفي بين السادات والسعودية، و"المأذون" هو الأمريكي.
 استخدمت اميركا الخطاب الديني للاستعانة بالجماعات التي عرفت بالجماعات التكفيرية وكانت وبريطانيا و"إسرائيل" وفرنسا قد هاجمت التيار القومي العربي برئاسة الرئيس عبد الناصر، حيث تم تكفيره ايضا من قبل "الاخوان المسلمين" ومحاوله اغتياله (بعدما كانا شركاء في الانقلاب) وتوجت هذا المواجهة بالعدوان الثلاثي على قناة السويس عام 1956.
عادت اميركا لتكرار تجربة افغانستان في "الربيع العربي" وحشدت كل الجماعات التكفيرية بعنوان ديني ضد "الشيعة" في العراق، وضد "العلويين" في سوريا، "لنصرة اهل السنة"؛ وفق رأيها الخادع والكاذب والمضلّل فأثخنت جسد الامة ودمرت عمرانها وسرقت خيراتها وزعزعت تدينها ومزقت شعوبها ولا يزال الربيع الدموي يذبح الامة حتى الان.
تعتمد امريكا استراتيجية "الحروب البديلة" التي لا تستدعي تدخلاً امريكيا مباشرا الا بشكل محدود، فتكون اميركا هي القائد والمخطط والمفاوض والرابح الذي يحصد النتائج، بينما يدفع الاخرون الاثمان، ويبدو ان امريكا تقود الآن حربا عالمية ضد "الشيعة" بالمعطى السياسي والعسكري، وليس ضمن الطقوس والعبادات.
لا يهم اميركا كيف يصلي الشيعة وكيف يزورون وكيف يحجّون وكيف يصومون، وكذلك لا يهم اميركا كيف يصلي اهل السنة بمذاهبهم المختلفة، ما يهم امريكا كيف يفكر المسلمون الشيعة، وموقفهم من الاحتلال "الاسرائيلي" ومن الغزو الاميركي ومن الاستعمار الغربي.. وما هو موقف الشيعة من صفقة القرن ومن التطبيع ومن السلام مع "إسرائيل".
اثبتت الاحداث ان "الفكر الشيعي التحرري" يمثل راس الحربة بمواجهة المشروع الاميركي وتهويد القدس والتطبيع والسلام والصلح مع "اسرائيل" واستطاع هذا الفكر الثوري ان يتجاوز الحدود المذهبية ويتكامل مع حركات المقاومة ذات العقيدة السنية في غزه من الجهاد وحماس الذين غادروا مذاهبهم السياسية المتصالحة مع "اسرائيل" وامريكا الى "المذهب المقاوم" دون مغادرة عقائدهم الدينية فهم سنّة في العبادات، وشيعة في المقاومة ولذا فهم يتعرّضون للتكفير والعتاب والاتهام بأنهم أصبحوا شيعه ليسهل حصارهم بالمعطى المذهبي.
لقد ساند الفكر الشيعي الثوري مسلمي البوسنة "السنّة" امام الصرب وقاتلوا معهم، بينما سكت الاسلام السياسي السني عن جرائم الحرب ضد المسلمين السنّة في البوسنة.. وساند الفكر الشيعي الثوري فنزويللا المسيحية والاشتراكية.
بدأ الامريكيون الحرب على "الثورية الشيعية" بإذاعة البلاغ "الإسرائيلي" على منصة مجلس الامن الذي وصف الشيعة "الإسلاميون النازيون" وانهم يريدون اقامة امبراطورية شيعية مثل الإمبراطورية النازية وانهم اخطبوط شيعي يريد اسقاط العالم إذا امتلك السلاح النووي.
بعد عجز اميركا و"اسرائيل" عسكريا واقتصاديا على اعدام هذا الفكر الثوري سيبدأ الامريكيون استكمال حربهم البديلة بتحريض الأخوة اهل السنّة على الشيعة بعنوان اجتياح الشيعة لأهل السنة لتشييعهم، وسيلجأ الامريكي ايضا الى استيلاد شخصيات وجماعات شيعية تنادي بعدم نصرة فلسطين، ووجوب حفظ الشيعة، وعدم القتال والموت من اجلهم، وستقوم امريكا وادواتها بإشعال هذه الفتاوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وايقاظ مشايخ التكفير الذين كانوا يجوبون العالم الاسلامي ليجمعوا التكفيريين لإسقاط النظام العلوي في سوريا، واسقاط الحكم الشيعي في العراق، واستطاعوا تجنيد عشرات الالاف من المقاتلين متعددي جنسيات وآلاف الانتحاريين.
تحاول اميركا و"اسرائيل" تغطية العجز عن القضاء على حركات المقاومة بإعادة مقابلة "الشيعة الكفار" من "السنّة المؤمنين"؛ كما قاتلت السوفيات الكفار بألسنّة "المؤمنين"، وكما قاتلت عبد الناصر بالسنّة من "الاخوان المسلمين".
لابد لأهل الوعي والثقافة والدين المبادرة لمقاومة هذه الحرب الإعلامية والدينية ونشر الوعي ومحاصرة اي لسان فتنة حتى نُغلق على اميركا ابواب القتال الداخلي ويبقى القتال المشروع هو قتال الجميع مسلمين ومسيحيين احرارا وعلمانيين وشرفاء لمواجهة هذا المشروع الأخطبوطي الاستعماري
صل وفق مذاهب.. وقاوم معي عدوّي وعدوّك.. اميركا و"اسرائيل".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل