أقلام الثبات
تعرّض السلم الاهلي في لبنان خلال اليومين الماضيين لهزة خطيرة، لم تنته بعد، ويبدو انها لن تنته ضمن سلسلة مشروع خطير لإشعال الفتنة في لبنان، تمهيدا للعدو "الاسرائيلي" قبل البدء بحربه التي يتوعّد المقاومة فيها ومقدمة لسلب المقاومة ما تبقى من وحدة وطنية وتعايش وسلم اهلي.
الاخطر في هذه الهزه الأمنية والاجتماعية انها اعطت فريقا سياسيا لبنانيا الفرصة لإشعال الفتنة وطرح شعاراته السياسية ضد المقاومة، والتي تحصّن طائفياً لإطلاقها، مدعوما من قوى اقليمية ودولية، فبادر منذ اللحظات الاولى لجريمة الخطف، لاتهام فريق سياسي لبناني دون اي دليل، وقبل جلاء الحقيقة، وجاء هذا الاتهام بعد عظة نارية في بكركي، التي اتهمت البعض بأنهم متعطشون للدماء، وانهم يتفرّدون بقرار السلم والحرب.
لابد من دراسة ما حدث، وعدم تجاوزه او تغطيته بالمجاملات، فإن ما حصل يؤكد وجود جمر لاهب؛ لا نعرف متى يقوم الذين يملكونه برميه لإحراق حقول القمح اللبناني.
ان مسارعة هذا التنظيم اللبناني لحرق المراحل، بحيث خلال ساعة واحدة اتهم وأعلن النفير العام، وقطع الطرقات، وهدّد بالويل والثبور، حتى بدا وكأن الحادث كان مدبرا بعلمه، فهذا الحادث يشابه عشرات الاحداث في لبنان، وتعرّض مواطنون من كل الطوائف لجرائم خطف وسلب وقتل واخرها في بيروت في الأشرفية، ولم يبادر اهل الضحايا او طوائفهم او احزابهم لتهديد السلم الأهلي، حيث تم ربطه وخلال لحظات بالحرب والسلاح مع انه لا علاقة بين الاثنين.
الخطير فيما حدث ان البعض يحاول تثبيت معادلة ان الصراع الآن بين المسيحيين و"الثنائي الشيعي"، وهذا مجافٍ للحقيقة، لكنه يؤشر الى ما سيحدث فيما بعد، خصوصاً ان العلاقة السياسية بين الثنائي الشيعي والقوى المسيحية تعيش حالة فتور وخصومة، بعد التمايز والخلاف حدود الطلاق السياسي بين الحزب والتيار الوطني الحر، حيث تم تدمير اخر جسور التواصل، ولم يبق بين الثنائي الشيعي والقوى المسيحية واحزابها سوى "رأس جسر" متواضع في زغرتا.
ان ظهور العامل السوري في عمليه الخطف وما تبعه من ردأت فعل غير منصفة لكل السوريين الذين لا علاقة لهم بالحادثة لتوتير الاوضاع وتهديد السلم الاهلي وادخال الوجود السوري كعامل مؤثر في الاحداث التي يمكن ان تندلع، حيث ستستغله المعارضة السورية ومن يحركها امريكيا وإقليميا، للإعلان عن تشكيل قوة مسلحة لحماية السوريين الذين يتقاسمون لبنان مناصفة من حيث الاعداد والذين في اكثرهم يضمرون العداء ويطلبون الثأر من المقاومة.
لابد من المبادرة لوأد هذه الفتنة التي تمهد الطريق امام العدوان "الاسرائيلي"، وحتى لا تكون مسالة الخطف مشابهة لمحاولة اغتيال السفير "الاسرائيلي" في لندن، والذي اعقبه اجتياح عام 1982 والذي كان مخططا.
لابد ان تكشف القوى الأمنية الضبابية والغموض عن هذه العملية المركّبة وغير البسيطة، لإنقاذ السلم الاهلي، ولابد من المبادرة الى ما يلي:
- تحذير هذا التنظيم اللبناني الذي يتنقل من رميش الى الطيونة الى جبيل، والى مناطق اخرى لإشعال الفتنة.
_ ان يبادر الثنائي الشيعي لترميم العلاقة مع القوى المسيحية المعتدلة، وللتواصل مع البطريركية المارونية والبطريركية الكاثوليكية والأرثوذكسية لمعالجة هذه القطيعة .
-العمل لإصدار القرارات الحكومية والنيابية بشان النزوح السوري الذي بات يهدد الديمغرافيا اللبنانية والسلم الاهلي والمقاومة.
_الطلب من كل الانصار التزام الصمت على وسائل التواصل الاجتماعي، التي سيستخدمها العدو وعملاؤه وحلفاؤه في لبنان، للتحريض على المقاومة واشعال النيران حتى يتم اغراق المقاومة بالفتنة الداخلية، ليسهل عليه العدو هضم وتشتيت قوتها، علّه يحرز انتصارا يتوق اليه هو وامريكا وحلفاؤه الإقليميين والمحليين.
الاوضاع ليست بخير، فجمر الفتنة تحت الرماد الطائفي.. نسأله تعالى اللطف بالعباد والبلد.