أقلام الثبات
قبل 45 عاما في العام 1979 أعلن الامام الخميني (رض) البلاغ رقم "1" (يوم القدس) لتحرير القدس والمسجد الأقصى قبل عودة منظمة التحرير الفلسطينية الى فلسطين المحتلة واسّس الدولة الفلسطينية الحديثة، عندما فتح سفارة فلسطين في طهران بديلاً للسفارة "الإسرائيلية" فيها معلنا ايضا البلاغ رقم "2" لإزالة الكيان الصهيوني، في الوقت الذي بادر العرب بعقد اتفاقية "كامب ديفيد" والاعتراف بدولة "إسرائيل".
لم يكن أحد من العرب والاحزاب الإسلامية يفكر او يقوم بأي خطوة على طريق تحرير القدس، فبادرت امريكا وبتمويل عربي واعلنت الحرب على الثورة الوليدة وتم اسناد مهمة "وأد الثورة" الى صدام حسين، فكانت الحرب العراقية على إيران التي استمرت حوالي عشر سنوات، والتي التهمت مقدّرات العراق وايران وانتهت بغزو اميركا للعراق واعدام صدام حسين وقبل ذلك اعلن الامام الصدر لياسر عرفات عام 1976 ان "شرف القدس يأبى ان يتحرّر الا على ايدي المؤمنين الشرفاء"، فتم خطفه وتغييبه في ليبيا عام 1978، وبعدها قال المرجع الشهيد السيد محمد باقر الصدر: "إن من يقبل الصلح مع إسرائيل فقد خرج من الإسلام"، فأعدمه صدام سين.
من المؤسف أن اليد العربية هي التي امتدت لقطع الألسن والرؤوس التي نادت بتحريره فلسطين وعدم الاعتراف بالعدو "الاسرائيلي" ويبدو ان التاريخ يعيد نفسه الآن، حيث تبادر القوى العربية للتحالف مع العدو "الاسرائيلي" سواء بالتطبيع واتفاقيات السلام وفك الحصار بالجسور البرية للقضاء على المقاومة وعلى مشروع تحرير فلسطين وعوده اللاجئين.
ان طوفان الاقصى هو حلقة من سلسلة "ايام القدس" وكان قبله تحرير الجنوب عام 2000 بالقوة وحرب تموز 2006 وحرب غزه 2014 و "سيف القدس".
ان الصراع العربي - "الاسرائيلي" مصطلح منقوص وحتى الصراع العربي الاسلامي منقوص لان التوصيف الحقيقي يجب ان يكون الصراع بين الاحرار وإسرائيل في هذا العالم صراع بين الإنسانية والتوحش صراع بين العدالة والظلم صراع بين الاخلاق وبين الفساد الفكري والديني والتلوث الحضاري ولابد من توسعة جبهة مقاومة المشروع الصهيوني، لإخراجها من دائرتها الضيقة الفلسطينية او العربية او الإسلامية والمسيحية الى الفضاء الاوسع عبر عولمة هذا الصراع لحماية القيم الإنسانية والأخلاقية والحضارية ،لأن الصهيونية وفكرتها التي تعتمد استراتيجية الاحتلال وطرد الشعب، تمثل وباء حضاريا وانسانيا يجب القضاء عليه حتى لا ينتشر في هذا العالم ويصبح قانون القوة والتوحش هو القانون الحاكم للعلاقات الإنسانية وهدم الدول كما حاولت امريكا ان تفعل في الربيع العربي عبر الجماعات التكفيرية التي تمثل الجيل المهجّن للصهيونية...كوباء جيني وفكري يصيب الحضارة والإنسانية بالشلل والتشويه.
لابد من ارتقاء الصراع وتوسعته وعدم حصره بالميدان العسكري الى ساحة الصراع الفكري والثقافي والاخلاقي والاقتصادي والاجتماعي، لأن الصهيونية فكرة تُنتج الاحتلال والتوحش والسيطرة على الاعلام وتهشيم القيم الأخلاقية والإنسانية وتعميم الانحراف وتحطيم الأسرة وتهديم ما يملكه الاخرون ان لم تستطع سرقته وفق اللصوصية المقنّعة بالقانون الدولي!
الصراع مع الصهيونية بنسختها الإسرائيلية طويل المدى والصراع مع الصهيونية بنسخها العالمية من الماسونية والديانة الإبراهيمية وغيرها صراع طويل المدى ومتعدّد المحاور والانتصار على هذا الوباء الفكري ،يستوجب حشد الطاقات لكل احرار العالم بعيدا عن العصبية الدينية او الحزبية او القومية، لأن جميع الاحرار في العالم من امريكا اللاتينية الى افريقيا الى آسيا هم اهداف مرسومة للصهيونية.. الواحد تلو اخر او الواحد قبل الآخر او الجميع... مرة واحدة!
"يوم القدس" صراع بين "طوفان الأحرار" و"طوفان التوحش" ــ د. نسيب حطيط
الجمعة 05 نيسان , 2024 11:26 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة