أقلام الثبات
بدأت معركة غزة تتفجّر في ساحات اخرى؛ فلسطينية وعربية، وبعد تفجّرها على جبهة لبنان واليمن والعراق بدأ المحور "الإسرائيلي" - العربي معركته في الداخل الفلسطيني والاردن، حيث بدأ بتفجير الساحة بين السلطة الفلسطينية "فتح" وحركتي "حماس والجهاد" في غزة والضفة، وتفجير الساحة الأردنية بين أنصار المقاومة والنظام والذين ينتمون في جذورهم الى اصول فلسطينية والى الجماعات الإسلامية من الاخوان المسلمين، الذين يؤيدون حركة حماس خصوصا.
ان تفجير الداخل الفلسطيني والساحة الأردنية ينقل الحرب في غزة الى منعطف جديد، قابل للتوسّع في العمق العربي نتيجة الوضع الجيوسياسي للأردن الذي ينفتح على ثلاثة ساحات اساسية (سوريا_ العراق_ السعودية) في العمق العربي وعقدة الوصل مع الكيان "الاسرائيلي" والضفة الغربية !
ان الصراع بين السلطة والمقاومة في غزة والضفة بعد دخول فرقة المخابرات العامة لتوزيع المساعدات، بالتعاون وتسهيل جيش الاحتلال "الاسرائيلي" والاشتباكات التي بدات تتوسع بين المقاومين في الضفة والسلطة الفلسطينية تُنذر بتوسع هذا الصراع، بعدما بدات اسرائيل تتصرف وكان ملف غزة قد انتهى ولابد للانتقال لتصفية الضفة الغربية وان تكون هذه التصفية او التحييد، اما بأيد فلسطينية تقتل بعضها البعض وتفتح الباب امام العدو "الاسرائيلي"، للقضاء على المقاومة حتى لا يصاب كما حدث في غزة ، بعدما استطاع استغلال الحرب في غزو وتمشيط الضفة وقتل حوالي 500 شهيد واعتقال الالاف، اضافة ان المعارك الفلسطينية_ الفلسطينية ستنتقل الى الخارج واولها لبنان والمخيمات الفلسطينية ويمكن ان تعود الاشتباكات الى مخيم عين الحلوة ..لتصفية فتح او العكس...حيث ستحاول حماس وفي خطوة استباقية وعلى سبيل الاحتياط الى تامين مساحات لجوء سياسي وعسكري في حال تم اخراجها من معادلة غزه والساحتين المؤهلتين لاحتضان هذا التهجير العسكري كما حدث مع منظمه التحرير الفلسطينية عام 82 من بيروت، هما الاردن ولبنان.
ان تفجير الصراع في الاردن سيقلب بعض الاوراق على مستوى سوريا والعراق والسعودية وحتى العدو الإسرائيلي، فانفلات الاوضاع في الاردن من باب مظاهرات التأييد للمقاومة في غزة_ بعد صمت استمر أكثر من سته أشهر _ سيجعل الحدود الأردنية _ "الإسرائيلية" الطويلة عرضة للاختراق، ويشتت قوى الاحتلال "الاسرائيلي" على هذه الجبهة والتي كانت آمنة والتي يمكن ان تنضم الى جبهة لبنان وبوتيرة اقل، لكنها ستفرض على "اسرائيل" نشر قوى عسكرية هي بحاجه اليها في غزة والضفة ولبنان.
تملك حماس القدرة على تحريك الشارع الاردني سواء في المخيمات الفلسطينية او في الشارع الاردني بشقيه الفلسطينية الاصل والجماعة الإسلامية الاخوانية وسيؤدي هذا التحريك الى الصدام بين النظام والمتظاهرين، ويربك النظام ويهدد الجسر البري العربي ويزعزع قبضة الامن الاردني على الحدود اضافة لانشغاله عن الحدود الأردنية السورية والأسوأ ان هذه الاضطرابات ستكون على حدود السعودية المفتوحة وان الحراك الاردني في حال استمرار ورعايته وقيادته بشكل هادئ وذكي يمكن ان يخلط الاوراق في المنطقة ،،لأنه سيستدرج اطرافا عربية للمشاركة في الحرب التي انطلقت من غزة وينذر بتوسع هذه الحرب و اطالة أمدها والانتقال من حرب غزة المحدودة الى الحرب المفتوحة طويلة الامد والمتنوعة الأطراف ويمكن ان تكون ضمن "عشرية" تشابه عشرية الربيع العربي "وعشرية الحرب على اليمن" لكن هذه المرة ستغرق فيها الأنظمة التي رعت وموّلت وحضنت الجماعات التكفيرية والربيع العربي .
بدأت المرحلة الاكثر حساسية وخطورة في حرب غزة والتي سيقاتل فيها أطراف اقليميون ودوليون (اسرائيل والعرب واميركا والغرب وحركات المقاومة) بعنوان الدفاع عن الذات والدفاع عن المشروع وستستخدم فيها كل الوسائل غير المشروعة والمتوحشة وربما نحن امام مرحلة من الحروب الثنائية والثلاثية والرباعية والشاملة التي لم يشهد العالم العربي مثيل لها!
خرجت حرب غزة عن اطارها الفلسطيني_ الإسرائيلي، لتصبح حربا بين مشروعين (الأميركي والمقاوم) ولابد من الاعتراف ان ما بدأت به الثورة الإسلامية في إيران قبل 40 عاما، بدا يظهر على ساحة الشرق الاوسط ولذا كانت الغارة على القنصلية الإيرانية في دمشق استدراجا لإيران القائدة لهذا المشروع المقاوم لضربها دون الانشغال بحركات المقاومة... لإنقاذ المشروع الأمريكي.. وبطبيعة الحال فان إيران الباردة والهادئة والذكية... لن تفتح الابواب ...لاغتيالها.