أقلام الثبات
مع الترحيب بقرار مجلس الامن لوقف اطلاق النار رقم (2720) في غزة بعد ستة اشهر من الإبادة الجماعية، ويمكن للبعض ان يقع في فخ الامتناع الاميركي عن "الفيتو" وتسهيل صدور القرار، كبارقة امل لهدنة انسانية تلملم بعض الجراح وتوقف المجزرة المستمرة، لكن التجربة مع العدو الصهيوني خاصة، والأميركي، لا تشجع على كثير من التفاؤل، فالعدو "الاسرائيلي" الذي لم ينفذ القرار 242 و332 منذ عام 67 القرار الدولي 425 في عام 78، بل فرضته المقاومة بالقوة، بينما قرارات عام 67 الدولية استعيض عنها بالمفاوضات واتفاقيات "كمب ديفيد" و"وادي عربة" و"أوسلو" والكثير من التنازلات لصالح العدو "الإسرائيلي".
من السذاجة وحتى الغباء تصديق ان هناك خلافاً امريكيا - "اسرائيلياً" حول غزة، والأسوأ القناعة بان امريكا لا تستطيع الضغط على "نتنياهو" لوقف المجزرة، لكنها وفق مبدا ان (السارق لا يقطع يده) فإن السارق الأميركي للثروات لا يمكن ان يقطع يده العسكرية المسمّاة "إسرائيل"، لكن لماذا وافقت امريكا على تمرير وقف النار العام مع ربطه بتحرير "الرهائن" وليس الاسرى؟ في قراءة هادئة لأهداف هذا التسهيل الأميركي فانه يمكن ذكر الاهداف التالية:
- تسخير القرار ليكون ورقة اقتراع في انتخابات الرئاسة الأمريكية لصالح بايدن، مضافا الى "ميناء بايدن الانسان في غزة".
- التبرؤ من مسؤولية ما سيحدث في رفح قبل وقوعه واظهار امريكا بأنها ليست شريكة في المجازر.
- اعطاء مهلة زمنية جديدة "لإسرائيل" حتى تستطيع استكمال مشروع تهجير غزة والقضاء على المقاومة، وتأسيس مشهد سياسي واداري وديموغرافي جديد في غزة.
- اعطاء المبرّرات وحرية التصرف "لنتنياهو" لتنفيذ تهديده باقتحام رفح، ان لم تتنازل "حماس" عن موقفها وتعطي نتنياهو ما يريد مقابل بعض الخيم وزيادة عدد شاحنات المساعدات والسماح للبعض بالعودة الى شمال غزة!
ان القرار الدولي والذي اعقبه بيان وزارة الخارجية يكاد ينسف هذا القرار عندما أعلنت" انه قرار غير ملزم ويمكن تنفيذه عبر المفاوضات "..وبالتالي اعادت موضوع وقف إطلاق النار الى المفاوضات التي لم تستطع اقرار الهدنة والتي تماطل اسرائيل لعدم الوصول عبرها لأي اتفاق وحتى تستطيع كسب كثير من التنازلات من المقاومة تحت ضغط الوسطاء العرب المنحازين الى اسرائيل وتحت ضغط الحاجات الإنسانية للمحاصرين في غزة.
ان مخاطر اقتحام رفح صارت اكثر وضوحا بعد قرار مجلس الامن وبعد انفراط الحكومة الإسرائيلية وتشتتها فقد تحول نتنياهو الى "ملك" على "اسرائيل" مطلق الصلاحية وهو يرى ان فرصته الأخيرة بالمعطى السياسي والتاريخي ان يقتحم رفح، فاذا ما استطاع تحقيق احد اهدافه بقتل قاده حماس او تحرير الاسرى او قتلهم فانه سيبدو بطلا اسرائيليا تاريخيا وكان يسعى الى هذا اللقب ليضيفه الى لقب اطول رئيس مجلس الوزراء زمنيا والخطورة ان ما يشاع عن الخلاف الامريكي وزعزعة حكومة نتنياهو يحفز نتنياهو للتقدم اكثر الى الامام باتجاه رفح، فليس هناك شيء يخسره.. فان تراجع واستسلم خسر كل شيء وذهب الى المحاكمة والى مزبلة التاريخ اليهودي.. اما اذا تقدم باتجاه رفح، فربما يفوز بالجائزة الاولى سياسيا وتاريخيا.
هل تستيقظ الشعوب العربية في لحظة مفصلية وتكفّر عن صمتها وتخرج الى الشوارع والى السفارات الصهيونية متسلحة بقرار محكمة العدل الدولية وبقرار مجلس الامن حتى تُحرج انظمتها وتسمح لها بالضغط لقطع الجسر البري العربي لإسرائيل وحتى تفتح معبر رفح وتحاصر السفارات "الإسرائيلية".
ربما يكون هذا حلماً، ولن تتحرك هذه الشعوب لإنقاذ غزة ولم يبق مع غزة الا الله سبحانه.. وبعض اشراف هذه الامة في لبنان وسوريا في لبنان والعراق واليمن ومحور المقاومة الذين يقاتلون معها ويدعمون صمودها كشركاء في المعركة.
هل يكون وقف النار قراراً باقتحام رفح؟ ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 26 آذار , 2024 12:08 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة