أقلام الثبات
تعتمد الاستراتيجية الأميركية على منظومة الحروب البديلة والناعمة من نافذة الفتن والصراعات الداخلية، والتي تصل في بعضها للحروب الأهلية او التصادم والقتال بين الدول المتجاورة، او الانقلابات العسكرية، واخر نسخ الحرب الناعمة كانت ثورات "الربيع العربي"، والثورات الملونة في اوروبا .
يبدو ان الإدارة الأمريكية العاجزة عن حسم الامور، والتي لا زالت في حال الصدمة والمفاجأة من قدرات حركات المقاومة خارج فلسطين، لاسيما في اليمن وحركة "انصار الله"، فإنها ومن مبدأ عدم التسليم بالوقائع السلبية، فستلجأ الى الحروب البديلة، وفي مرحلتها الاولى الصراعات الداخلية، لمشاغلة حركات المقاومة في بيئتها، وستبدأ في فلسطين بشكل خاص، وقد بدأت ارهاصات هذه الصراعات الداخلية في غزه بين حركة حماس والعشائر التي تضمر الثأر من حماس بسبب إلغاء دورها ونزع سلاحها مع بداية سيطرة حماس على السلطة في غزة والطموح لدور اجتماعي مستقبلاً، ثم الصراع التاريخي بين فتح وحماس، والذي بدأ بالبيانات المتبادلة، والتي نسفت جهود الوساطة في موسكو، وصولا الى مجريات الاحداث في الضفة الغربية، والتي وصلت الى حد الاشتباك بين السلطة الفلسطينية مع ومقاومي جنين!
ستكون المساعدات واعمار غزة النافذة الرئيسة للصراع، بانتظار ما سيصدر من نتائج عن اجتماع (مصر وقطر والامارات والسعودية والأردن والسلطة الفلسطينية) في القاهرة، والذي سيحدد الموقف من كيفية ادارة السلطة لغزه والضفة واعاده تعويمها كسلطة مشرفة ومفاوضة عن الفلسطينيين، بالتلازم مع استمرار الحصار والتهديد باقتحام "رفح" وتأخير المفاوضات، حيث يحاول الاسرائيليون اطالة الحرب لكسب المزيد من التنازلات من المقاومة بسبب الوضع المعيشي الخطير الذي تعيشه غزة وتحقيق بعض الاغتيالات المفصلية لقادة المقاومة.
بالتلازم مع اشعال الصراع الفلسطيني - الفلسطيني، بدأ الامريكيون مع حلفائهم العرب والجماعات التكفيرية وبقايا نظام "علي صالح" لإعادة اشعال الحرب الأهلية في اليمن كقناع للحرب عليها مع دعم امريكي وبريطانيا مباشر بالقصف وبعض العمليات البرية ردا على ما يقوم به أنصار الله في باب المندب.
اما في لبنان، فبدات ارهاصات التحريض على المقاومة، بالتصريحات العلنية والوقحة لاستدعاء العدو "الاسرائيلي"، وتأسيس صفحات التواصل الاجتماعي المحرّضة ايضاً، بعنوان "الشيعة ضد الحرب" و"القرار 1701"، وبقية الصفحات المماثلة، وسيتم التحشيد المسيحي لتوحيد الموقف ضد المقاومة بعنوان "عدم جر لبنان الى الحرب"، واتهام المقاومة باغتصاب السلطة ومنع انتخاب رئيس للجمهورية، مع إمكانية افتعال بعض الاحداث الأمنية المذهبية والطائفية، وربما ضد النازحين لتحشيدهم، مادامت امريكا وحلفاؤها يمسكون بمفاتيح الجماعات التكفيرية وبعض القوى السياسية في لبنان.
لابد من التحضير والاعداد لمواجهة هذه الحرب الناعمة في لبنان خصوصا، فلا يكفي ان يكون هناك ردع على الحدود الجنوبية ولكن لابد من العمل لإعداد خطة لمواجهة الحرب الناعمة والفتن النائمة في الداخل حتى لا يتم طعن المقاومة في الظهر ومشاغلتها في معارك ثانوية.
ندعو للمبادرة لإطلاق حوارات سياسية وزيارات للخصوم او المحايدين، والتوضيح للرأي العام، ومن المفيد التواصل ايضا مع بعض الاحزاب والجماعات والشخصيات السياسية اليسارية او الإسلامية والمسيحية التي كان لها دور في المقاومة ولا يمكن تصنيفها في الخندق الاسرائيلي او الامريكي، والتي احتجبت او ان الظروف منعتها من المشاركة في المقاومة، ويمكن الاستفادة منها للتعاون لمواجهة الحرب الناعمة في الداخل، خصوصاً ان لها امتداداتها الحزبية في كل الطوائف والمناطق وعلاقاتها الدولية.
اننا ندعو لتشكيل "جبهة المقاومة الناعمة" للتصدي للحرب الناعمة، وحشد الكفاءات واهل الاختصاص والخبرة للتعاون وهم كثيرون وخارج إطار العمل الحزبي... لكنهم داخل إطار العمل الوطني والعداء لإسرائيل والمؤيدون للمقاومة.
المرحلة القادمة تستوجب القتال على جبهتين... الجبهة الساخنة على الحدود الجنوبية والجبهة الناعمة داخل الساحة اللبنانية.
لتشكيل جبهة المقاومة الناعمة ــ د. نسيب حطيط
الخميس 21 آذار , 2024 12:03 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة