"عملاء" الحرب الناعمة د. نسيب حطيط

الأربعاء 20 آذار , 2024 03:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تتوزّع الحرب بين الأطراف المتقاتلة على جبهتين؛ خارجية وداخلية، والحرب الخارجية تتّسم بالعنف والسخونة والقتل، ودوي المدافع وقصف الطائرات، مع اعمال أمنية - تجسسية، ويكون مسرحها الحدود بين الدول او الاراضي المحتلة، أما الحرب الناعمة فميدانها الساحة الداخلية، وادواتها مختلفة تماما، فجنودها لا يلبسون البزة العسكرية، ولا يحملون البنادق ولا الصواريخ، انما يحملون الاقلام، او يمتلكون الجرائد او شاشات التلفاز او الاذاعات، او يتحكّمون بالتجارة والاقتصاد، ويلبسون ربطات العنق، وربما ينخرطون في جبهة طرف المقاومة او المقاتل او الدولة بما يعرف بالاختراق، او الذي تم التعارف عليه اصطلاحا "الطابور الخامس".
وتدار قيادة افراد وجماعات او كتائب الحرب الناعمة من الخارج، سواء عبر العدو، او ربما من قبل أطراف حليفة للعدو تكون من اهدافها:
- تشتيت الرأي العام والوحدة الوطنية حول عدم جدوى مواجهة العدو وضرورة الاستسلام او السلام. 
- تأسيس جماعات ما يعرف بجمعيات المجتمع المدني او الطائفي او المذهبي، لمواجهة وتضعيف جماعات المقاومة والتوهين والتخويف من عواقب المواجهة.
- التركيز على نقاط ضعف الدولة او الجماعة المقاومة، بالتلازم مع اظهار نقاط القوة والغلبة للعدو وفق حملة ترهيب تتّسم مرات بعنوان بالدراسات العلمية او الأكاديمية او التحليل وادعاء امتلاك المعلومات.
- تزيين الانخراط في عمليات "السلام" لربح الاستثمارات والسياحة وتطوير الاقتصاد والتنمية الاجتماعية ورفع مستوى العيش واستثمار الثروات التي تهددها الحرب.
- تكوين راي عام او جماعات تعلن استعدادها للسلام مع العدو وربما تستعين به او تستدعيه بعنوان حرية الراي او حفظ امنها وافتعال الفتن المذهبية والطائفية 
- الاختراق على مستوى الدولة، فيتم اتخاذ بعض القرارات الضرائبية او المالية او الاقتصادية او التربوية وربما السياسية التي تحاصر المقاومة او تفتت الدولة وتفجرها من الداخل بأجهزتها المدنية والعسكرية، لتسهيل دخول العدو وزيادة الضغط والنقمة على المقاومة.
ان المنخرطين في الحرب الناعمة يتوزعون على عده انواع :
-  بعض المسترزقين الذين يحاولون بيع خيانتهم مقابل مال او منصب او وظيفة.
- بعض القوى العاجزة عن السيطرة على السلطة او التغلب على خصم منافس، فتتواصل مع العدو وتخوض نيابة عنه، الحرب الناعمة وربما وصلت الى مستوى الحرب الساخنة (كما حصل في اجتماع عام 82 )
- بعض الحاقدين الذين يطالبون الثأر لأنفسهم من الدولة او الجماعة المقاومة نتيجة خلاف او ظلم يفترضون انهم تعرضوا له او حق قد تم اغتصابه منهم.
- بعض المتورطين بقضايا اخلاقية او مالية او من المدمنين وتجار المخدرات، حيث يتم ابتزازهم واستغلالهم "بالعمالة"، مقابل التستر عنهم او عدم محاكمتهم والمشتركون في الحرب الناعمة على اختلاف مستوياتهم واعمالهم هم "عملاء" ينطبق عليهم القانون المتعلق بخيانة الوطن او اثاره الفتن الداخلية
المشكلة في لبنان ان العمالة وجهه نظر ورأي سياسي وحرية رأي وتشكل الطائفة في بعض الأحيان مظلة حماية وربما ايضا يشكل التنظيم حماية له، والأسوأ في لبنان ان السفارات تشكل مظلة حماية للعملاء الذين يعملون معها، وبالتالي فنحن نعيش في بيئة تزدحم بالعملاء والاسوأ من ذلك ان كثيرا من المرات تعرف "العملاء" ولا تستطيع محاسبتهم ،لاعتبارات مذهبية والاكثر خطرا انه يمكن ان تلقي القبض على العميل ويتم الضغط لإطلاقه من دول خارجية او من مؤسسات دينية او حزبية، كما حصل مع عميل سجن الخيام وغيره.
كلما زاد عدد جنود الحرب الناعمة، وكلما ازدادوا وقاحة وجرأة، زاد الخطر بنشوب الحرب الساخنة.
ان التساهل او المسامحة مع "عملاء الحرب الناعمة" تحت اي مبرر فهو نذير خطر كبير، وتوفير عناصر القوة والغلبة للعدو.
لابد من التعامل مع "جنود الحرب الناعمة" بنفس الجدية والحسم مع "جنود الحرب الساخنة".

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل