بوابه فاطمة... والميناء الأميركي في غزة ــ د. نسيب حطيط

الإثنين 18 آذار , 2024 11:07 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

قبل الاجتياح "الإسرائيلي" عام 78 للبنان، فتح "الاسرائيليون" بوابة في السياج الحدودي الشائك بين لبنان وفلسطين المحتلة لمعالجة امرأة (اسمها فاطمة) اصيبت في رصاصهم اثناء اعتدائهم على الجنوب، وبما ان الحرب الأهلية كانت قد اشعلت المناوشات بين الميليشيات المسيحية والمقاومة الفلسطينية وشركائها اللبنانيين، فقد عملت "اسرائيل" للتواصل مع هذه الميليشيات، لدعمها بعنوان انساني، لكن الامور تطوّرت، لتجتاح "اسرائيل" الجنوب اللبناني بما سمي "عملية الليطاني" واعلان "دولة لبنان الحر" بقيادة الرائد سعد حداد، والتي باركتها بعض القيادات والاحزاب المسيحية، وتطورت الامور لاعلان "الحزام الأمني" او الشريط الحدودي وأعقبه اجتياح عام 1982.
يتكرر المشهد الآن، بقرار اميركي عبر ميناء "الشاطئ الأزرق" في غزة، لإيصال المساعدات للفلسطينيين المحاصرين، الذين اوصلتهم "اسرائيل" وامريكا وحلفائهم العرب الى حافة الموت جوعا او مرضا او عطشاً.
الميناء الاميركي هو جزء من حملة دعائية لانتخابات الرئاسة الأميركية، وتقليل الضرر والخسارة للرئيس المرشح "بايدن"، ومحاولة خداع وتضليل للراي العام العالمي، لان امريكا بادرت لاستحداث ميناء بحري لدعم غزة، بينما بادر العرب المسلمون لإقامة جسر بري لدعم "إسرائيل"، بالتلازم مع اصرار مصر "المسلمة" الى اغلاق معبر "رفح" حتى في شهر رمضان المبارك.
من الغريب ان ينخدع البعض بالميناء الانساني الأمريكي، فالحرب على غزة حرب أمريكية - "إسرائيلية" مشتركة؛ تقصف "اسرائيل" بأسلحة أمريكية وتقوم اميركا بتعطيل المجلس الامني وانهاء الحرب، ثم تقوم بإعطاء اكياس الطحين للذين تقصفهم جواً.
هل تحوّلت اميركا الى جمعية خيرية في الإطار الانساني، ام ان الميناء البحري هو "بوابه فاطمة" الإسرائيلية التي فتحت الباب اللبناني لاجتياح عام 78 واجتياح عام 1982 الذي وصل للعاصمة بيروت ونصّب رئيسا للجمهورية، لكن المقاومة اخرجته وحرّرت الاراضي اللبنانية عام2000؟
يبدو ان اميركا تحاول استنساخ التجربة "الإسرائيلية" في جنوب لبنان؛ الميناء البحري كجسر عبور الى الداخل الفلسطيني على المستوى الاجتماعي ثم السياسي ثم الامني، فالميناء البحري يستدعي تواجدا امنيا لحماية المساعدات داخل غزة ويستدعي ايجاد منظومه ادارية من جمعيات وشخصيات لتوزيع المساعدات في الداخل ويحتاج الى مخازن وحرّاس لها، ولذا لابد من قوات مشتركة يقبلها الفلسطينيون و"الاسرائيليون" لحمايه الميناء والمساعدات والدول المقبولة من الطرفين يأتي في مقدمتها (تركيا مصر قطر الإمارات) وبعدها يمكن ان يفرض المانحون ان يكون وجود السلطة الفلسطينية اساسيا لإعمار غزة ..وقد بادرت السلطة للاعلان انها بدأت حركة اصلاح واعادة ترتيب للسلطة لكي تكون  صاحبة الاشراف الاداري والسياسي على غزة والضفة.
اضطُر الامريكيون، للجوء الى هذا الاجتياح الانساني بسبب وصول الاجتياح العسكري الاسرائيلي الى طرق مسدودة ويعتقد الامريكيون انه لابد من تخفيف الضغط العالمي وعدم السماع بالمجازر الإسرائيلية ولابد من انقاذ اسرائيل من مازقها في غزه ولذا كان لابد من التدخل المباشر، لإسقاط غزة في الحرب الناعمة دون ايقاف للحرب العسكرية الساخنة مع فارق ان لا تتحمل امريكا ورئيسها "بايدن" على ابواب الانتخابات الرئاسية مسؤوليه الجرائم التي يرتكبها نتنياهو ضمن مسرحية اتسّاع الهوة بين نتنياهو وبادين او الخلاف الأمريكي - "الاسرائيلي" او ما شابه ومن يصدق هذا الخلاف يكون من الساذجين او المخدوعين او المضلّلين
وصلت امريكا واسرائيل وشركائهم الى نقطه خطيرة لا يريدون التسليم بنتائجها الكارثية ،فيصرّون على الاستمرار في الدفاع عن مصالحهم ولذا فان المعركة ستطول وستتعدد محاورها واساليبها ،لأن المقاومة في غزة وصلت لخيار واحد هو الاستمرار في المقاومة لحفظ ما أنجزته.. وحماية ما تبقى.
لو ان العرب وتركيا وقفوا الى جانب غزة، كما وقف محور المقاومة والجهاد او على الاقل لو وقفوا على الحياد دون الانحياز والدعم للعدو الإسرائيلي، كانت ظروف المعركة أفضل ولاستطاعت المقاومة ان تصمد أكثر وتحقق انجازات أفضل.. لكن انحياز العرب وتركيا الى جانب "اسرائيل" وصمت وحياد جماعة الاخوان المسلمين في العالم العربي وبقية الشعوب، فقد سلب المقاومة في غزة اوراق قوة ،كانت بحاجة لها ولا زال الوقت متاحا لتغيير الموقع تكفيرا عما اقترفه هؤلاء.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل