أقلام الثبات
ضمن الحرب الدعائية والنفسية التي تشنّها امريكا وحلفاؤها على محور المقاومة والجهاد، تم تسريب اخبار عن لقاءات بين قائد قوة القدس؛ الجنرال قاآني والمقاومة في لبنان، وحركات المقاومة في اليمن وسوريا والعراق، وكان اللافت ان وسائل الاعلام الناطقة باسم المحور الامريكي سواء العربية او الأجنبية ركّزت على نقطتين اساسيتين تدعي انهما تمثل جوهر اللقاءات والقرارات وهي:
- الرغبة الإيرانية لتجنب الحرب الشاملة وضبط الميدان.
- ابلاغ المقاومة في لبنان الطرف الايراني انها ستخوض المعركة في حال وقوعها منفردة دون توريط إيران بعنوان (هذه معركتنا)!
إن نشر هذه الاخبار يأتي ضمن الحرب الدعائية لتقسيم وتشتيت محور المقاومة بعد الضغوط الأمريكية على المقاومة العراقية والتي اضطُرّت لإعلان وقف عملياتها ضد القواعد الامريكي وتوسّع امريكا حربها، لتشتيت وتجزئة محور المقاومة عبر الفصل بين جبهه لبنان و ايران، لإثاره الجمهور المؤيدين للمقاومة، خصوصاً من الشيعة ضد ايران، بالتلازم مع حملة اعلامية وسياسية لاستثارة وتحريض هذا الجمهور، ليتهم ايران بالتخلي عن المقاومة في لبنان في لحظات حرجة وخطيرة وبعدها سيتم الفصل بين المقاومة في غزة ومحور المقاومة لاعتبارات مذهبية او اتهامات بعدم الاسناد الكافي وتأتي هذه الخطة ضمن سياق تجزئة القوى المقاومة للمشروع الأمريكي - "الاسرائيلي" ضمن كل ساحه وتم بدية الانقلاب على اجتماع موسكو بين الفصائل الفلسطينية خصوصاً بين "فتح وحماس" بعد تعيين رئيس وزراء من السلطة الفلسطينية دون مشاركة "حماس" وبدء الحرب الإعلامية والاتهامات المتبادلة وربما الى الاشتباك الامني سواء في الداخل او في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
تحشد امريكا كل قواها الإعلامية والسياسية والعسكرية والدولية، لإنقاذ اسرائيل العاجزة والفاشلة والمفكّكة ولإنقاذ المصالح الأمريكية في المنطقة والتي يتم تهديدها بشكل حقيقي وخطير لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.
تخوض امريكا الان حربها، بشكل مباشر سواء بالقصف على اليمن او بالميناء البحري في غزة او القواعد العسكرية في العراق وسوريا والخليج ولبنان، حيث وجدت اميركا نفسها ولأول مرة امام حرب حقيقية مع حركات المقاومة، بما يعرف بمعركة" عش الدبابير".
ان تسريب الموقف الايراني بعدم المشاركة في الحرب هو جزء من التهويل والتهديد اضافة الى بعض الاشارات عن النية الأمريكية "الإسرائيلية" بشن الحرب على لبنان بعدما يعتقد الامريكيون ان حرب غزة، بلغت مداها وان اسقاط غزة بالمعطى السياسي قد حصل وان اسقاطها عسكريا يحتاج الى اشهر بعنوان القتل البطيء والهادئ وهذا الاعلان هو محاولة "جس نبض" لإخراج ايران والمقاومة في لبنان من دائرة الصمت والوقوع بفخ التصريح العلني، سواء الاعتراف بصحة هذا التسريب او نفيه وفي كلا الامرين فان اميركا هي الرابحة، فإن نفت ايران والمقاومة هذا التسريب وصحة عدم مشاركه ايران فهذا سيُضعف الجبهة في لبنان ومحور المقاومة واذا اكد الطرفان ان ايران ستكون شريكة كاملة، فيمكن ايضا ان تبادر امريكا الى اجبار "اسرائيل" على الحرب في لبنان قطع راس ايران وشن الحرب عليها.
ان هذه المحاولة الأمريكية تأتي في سياق الرد على الاستراتيجية الإيرانية التي استطاعت توريط واستدراج اميركا وبريطانيا، للحرب بالمعطى الميداني دون ان تنزلق إيران الى المواجهة الميدانية المباشرة والبقاء في دائرة النصح والتحذير والعمل الدبلوماسي العلني الذي يغطي الدعم السري لحركات المقاومة !
ستلتزم إيران والمقاومة في لبنان الصمت ولن تجيبا على التسريبات الأمريكية، ليبقى الموقف الايراني ضمن عنصر المفاجأة ومن أدوات الحرب التي يريد "الاسرائيلي" ان تندلع ولذا فهو يزيد استفزازاته ويوسّع جغرافيا العمليات، بالتزامن مع انضباط المقاومة العالي والمحسوب الذي يحفظ معنوياتها وامنها ولا يعطي العدو فرصة الحرب.
لابد من التعامل مع الحرب على انها ستمتد لأشهر مقبلة، سواء على مستوى بقاء القصف الناري او الحذر وعدم الاستقرار، ضمن حرب الاستنزاف وبقاء المناطق الحدودية في حاله حرب.