الاحتلال الاميركي لغزة بعد الفشل "الاسرائيلي" _ د. نسيب حطيط

الأحد 10 آذار , 2024 10:28 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بعد خمسة أشهر من التوحش والقتل والحصار "الاسرائيلي" لغزة، والدعم الامريكي غير المحدود، والتعاون العربي المشؤوم، وصل الجيش والحكومة "الإسرائيليَّين" الى طريق مسدود، وعجزوا عن تحقيق الانتصار على المقاومة واهل غزة. ولأن مشروع القضاء على غزة عسكرياً وديموغرافياً  له اسبابه السياسية والاقتصادية، ولا سيما حقول الغاز وقناة "بن غوريون"، ومواجهة طريق الحرير الصينية، اضطرت الإدارة الأمريكية الى التدخل المباشر وانشاء قاعدة عسكرية اسمها "الشاطئ الأزرق" بعنوان ميناء بحري، لإيصال المساعدات لأهالي غزة (شبيه ببوابة فاطمة في جنوب لبنان)؛ في عملية خداع كبرى، وشراء غزة ببعض الوجبات الغذائية،  خصوصاً أن معبر "رفح" يتحكم به طرفان: مصري و"اسرائيلي"، وكلاهما يخضعان للقرار الامريكي، حيث فرضت اميركا على اسرائيل ومصر عدم فتح المعبر، لفتح الطريق امام الشاطئ الازرق (القاعدة العسكرية الأمريكية).
ان القرار الأمريكية بإنشاء الميناء البحري يحقق الاهداف التالية:
- إعلان امريكا قيادتها المباشرة للحرب وادارة المعركة في غزة بعد الفشل "الاسرائيلي".
- تامين قاعدة عسكرية أميركية على البحر المتوسط، تبعد عن قاعدة "حميم" الروسية في سوريا 400 كلم فقط لإحداث التوازن العسكري البحري .
- اعادة ترميم صورة الرئيس الامريكي "بايدن" عند الجمهور الامريكي لتحصيل نقاط قوة في الانتخابات الرئاسية التي بدأت مراحلها الأولى.
- الغاء دور "الاونروا" والامم المتحدة وحصر المساعدات لغزة بالإدارة الأميركية .
- الغاء دور "حماس" او اي فصيل فلسطيني في ادارة المساعدات ومن ثم ادارة الاعمار لغزة.
- تهميش الدور المصري والغاء وظيفة معبر "رفح" بعد انشاء الميناء البحري والجسر البحري بين قبرص وغزة.
- بدء الخطوات التنفيذية لقناة "بن غوريون" البديلة لقناه السويس.
- الاعلان ان غزة ستكون تحت الإدارة الدولية المتعددة الجنسيات لمرحلة انتقالية طويلة، تتعلق باستثمار الغاز والاعدام البطيء وتجفيف رقعة المقاومة المسلحة في فلسطين.
- التمهيد لدور تركي على الطرف الاخر للميناء، لطمأنة "حماس" وضمان صمتها، على ان ينضم اليه القطريون، بما يشبه قوات "الفصل" ولضمان عدم تعرّض العسكريين الامريكيين للخطر داخل اراضي غزة.
ان مشروع احتلال غزة بنسخته المتنوعة سواء الإسرائيلية او الأمريكية او العربية او المتعددة الجنسيات قد بدأ وان الحرب على غزة لن تنتهي، مهما طالت فترتها الزمنية ووسائل القتل سواء بالقنابل او بأكياس الطحين من الجو، فإن مشروع احتلالها، سيستمر حتى الغاء المقاومة المسلحة داخل فلسطين، خصوصاً في غزة، والتي ستتلازم مع تمشيط الضفة الغربية ونزع سلاحها وقتل مقاوميها او سجنهم او نفيهم.
دخلت معركة غزة او مرحلة الصراع العربي "الاسرائيلي" مرحلة خطيرة ومفصلية وتم اعادتها الى ما كانت عليه عام 93 عند اتفاقيات "أوسلو" ولتثبيت معادلة السماح بالحق الفلسطيني على المستوى السياسي والإقامة وسيكون سقفه دولة منزوعة السلاح والقرار والقدرات والثروات الاقتصادية شبيهة بما هي حال السلطة الفلسطينية التي تعيش على المساعدات الخارجية او الضرائب التي تجمعها سلطة الاحتلال، لتعطيها اياها ولتكون شرطة محلية تعمل لصالح الاحتلال وتبعده عن خطر المواجهة والمشاكل اليومية للفلسطينيين اي ان المسموح للفلسطينيين ان يكون "روابط قراى" لصالح المشروع "الإسرائيلي".
إن نجاح المشروع الامريكي "الاسرائيلي" العربي في غزة، بالقضاء على حركات المقاومة، فسيكون مختبرا تجريبيا، لتكرار هذا الهجوم على حركات المقاومة في المنطقة وسيكون لبنان الساحة الثانية المرشحة، لذلك ثم اليمن ثم العراق، وبعدها ايران.
لابد من التعامل الآن.. ان الحرب ليست مع إسرائيل، بشكل ميداني وانما تحّولت الحرب ميدانيا بمواجهة اميركا وحلف "الناتو" والتحالف العربي "الإسرائيلي"، مضافا اليه كل الادوات التابعة لهذا التحالف من مذاهب وجماعات تكفيرية وقوة وشخصيات سياسية في كل بلد لتوظيفها ضد المقاومة وتفعيل مواجهتها سياسيا وحصارها سياسيا واعلاميا وميدانيا إذا اقتضى الامر.
حرب غزة بداية المرحلة الثانية او النسخة المعدّلة من الربيع العربي وإذا كان الربيع العربي بنسخته الاولى امتد لعشر سنوات، فإنه يمكن للربيع العربي بنسخته الثانية ان يمتد 10 سنوات ايضا وعلى قوى المقاومة تبديل استراتيجيتها ومواجهتها للمشروع الامريكي على هذا الأساس.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل