أقلام الثبات
بدأت تظهر ملامح الحلول السياسية لما بعد انتهاء الحرب على غزة (والتي ليست بالمدى المنظور) وفق الخطة "الإسرائيلية" الأمريكية والموافقة العربية وكان عنوانها ما صرّح به وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي قال: "إن حماس خارج الاجماع الفلسطيني والاعتراف الاسرائيلي ويجب محاسبة من عمل على تعزيز قوتها وتمويلها في غزة.. وان مصر ضد تهجير أهالي غزة الى سيناء لكن إذا فُرض عليها الامر الواقع لاعتبارات انسانية مؤقتة، فلن تستطيع الرفض، مع انها تفضل ان يتم تهجير اهالي رفح الى وسط وشمال القطاع".
إعلان مصر موقفها من "حماس" يثير الاستغراب والدهشة والاستنكار لجهة التوقيت والمفهوم في لحظة تهديد العدو "الاسرائيلي" باجتياح رفح؛ اخر معقل المقاومة وملجأ المدنيين الفلسطينيين، وفي ذروة الرفض "الاسرائيلي" لمشروع حل "الدولتين"، والدعم العربي للموقف "الاسرائيلي" برعاية وقيادة أمريكية، وبالتزامن مع الحديث عن مفاوضات ستبدأ في موسكو بين الفصائل الفلسطينية للانضمام الى منظمة التحرير الفلسطينية، شرط الالتزام بكل اتفاقياتها ومواقفها، ومن ضمنها الاعتراف "بدولة إسرائيل"، ليكون لهذه الفصائل حق المشاركة في حكومة من الخبراء والتقنيين غير السياسية لتدير الضفة والقطاع معاً!
هذه التصريحات والمؤشرات تهدف الى ما يلي:
- شطب حركات المقاومة المسلحة من المستقبل الفلسطيني لان حل الدولتين يشترط ان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح.
- انهاء حكم سلطة "حماس" في غزة واستقلالية قرارها السياسي واعادة السلطة الفلسطينية بقياده "فتح" ، لكن ضمن "اتفاقيات أوسلو" وملحقاتها على كل اراضي السلطة الفلسطينية المحددة.
- تفكيك وحده الساحات في محور المقاومة .
- انتزاع الورقة الفلسطينية من يد محور المقاومة وابعاده عن المفاوضات السياسية ايضا بخصوص مستقبل القضية الفلسطينية، بعنوان عدم أهمية وعلاقة موقفه من اي قرار فلسطيني مستقبلا سواء لجهة "صفقة القرن" او "الاعتراف" بدوله "اسرائيل" او "التطبيع" العربي والاسلامي معه
ستبقى معركة "رفح" قائمة وان طالت في مرحلتها الأولى لاستغلالها كورقة ضغط، لقبول حماس بشكل خاص بالشروط "الإسرائيلية" والمشروع السياسي الذي اطلقته مصر نيابة عن الجميع عن امريكا و"اسرائيل" والتحالف العربي المطبّع، فان رفضت حماس وقوى المقاومة سيزيد الحصار لأشهر قادمة حتى انتزاع اوراق القوة من المقاومة في غزه سواء ورقة الاسرى او ورقة الصواريخ مع انقاذ اسرائيل لجنودها بتخفيض الاجتياحات البرية واستبدالها بالقصف والعمليات الأمنية، بالتزامن مع احداث "بلبلة" في الشارع الفلسطيني والذي ستقوم به اطراف فلسطينية وعربية تحت عنوان محاسبة حماس على طوفان الاقصى والمطالبة بإزاحتها ومحاسبتها والمطالبة ايضا بإنهاء الحرب لإنقاذ ما تبقى من الفلسطينيين ويمكن ان نشهد بعض التحركات الشعبية التي تديرها بعض الاطراف الفلسطينية لإرباك المقاومة.
هذا هو المشروع والمخطط الامريكي الاسرائيلي العربي الذي يعتقد هذا التحالف ، انه يمتلك القدرات العسكرية والسياسية لتمريره وانهاء ظاهرات المقاومة العسكرية او الكفاح المسلح داخل فلسطين وفي حال نجاح هذا المخطط ،سيكون نكبة وانتكاسة خطيرة للقضية الفلسطينية على طريق بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وصولا لتحرير كل فلسطين وزوال الكيان.
ويبقى الامل بان تستطيع قوى المقاومة في فلسطين الصمود بإسناد محور المقاومة والجهاد قبل ان تستطيع امريكا وحلفائها استعاده زمام المبادرة.
الملامح السياسية الخطيرة لما بعد حرب غزة ــ د. نسيب حطيط
الإثنين 19 شباط , 2024 11:04 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة