"إسرائيل" تريد الحرب التي لا تريدها المقاومة ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 13 شباط , 2024 03:17 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ شهر تقريباً، وبالتزامن مع التحضير لعملية "رفح"، تغيّرت الخطط "الإسرائيلية" باتجاه لبنان؛ بعد رفض المقاومة تلبية الشروط "الإسرائيلية" التي حملها الموفد الاميركي "هوكشتاين" والموفدون الفرنسيون والاوروبيون؛ بإنشاء منطقة عازلة داخل لبنان حتى حدود الليطاني، ثم تم تعديلها لتكون بعمق 10 كلم، بحجة تامين عودة المستوطنين الى شمال فلسطين، دون ذكر النازحين اللبنانيين.
خلافا لما يشاع من خلاف امريكي - "اسرائيلي"، سواء بالحرب على غزة او بالحرب على لبنان، فالقرار "الإسرائيلي" - الامريكي قرار واحد وخطة مشتركة برعاية وتسليح امريكي كامل، لكن ضمن منظومه التضليل والخداع وبيع المواقف الإعلامية للعرب وللعالم بأن خلافاً بين امريكا و"اسرائيل"، لتبرئة امريكا من الدم الفلسطيني واللبناني، والاكثر  تضليلا هو الخلاف "الإسرائيلي" - "الاسرائيلي"، الذي يوحي بوجود معتدلين ومتطرفين، لكن الحقيقة ان الموقف "الاسرائيلي" تاريخيا كان منقسما بين حزب العمل والليكود، وكان العرب يظنون ان حزب العمل اقل توحشا، لكن اكثر الحروب شنها حزب العمل "الإسرائيلي".
كل الاحزاب والشخصيات "الإسرائيلية" والجيش والطاقم السياسي متفقون على قتل العرب، لكنهم يختلفون احيانا حول وسائل القتل، بالإضافة للتنافس؛ من يتولى عمليات القتل والتهجير؟
 كان لافتاً ما نقله قائد الجيش وصرح به اعلاميا عن تبلّغه من القوات الدولية رسالة "إسرائيلية" ان مدينه النبطية دخلت في دائرة الاستهداف، مع ان النبطية ليست قرية او مدينة حدودية، ولا تطلَق منها الصواريخ، والاكثر استغرابا ان هذا التصريح لم يلق اي صدى داخل الحكومة اللبنانية او القوى السياسية، او اي تحرك او استنكار..
ستزيد "اسرائيل" من عدوانها على لبنان، وتنتقل الى الهجوم الشامل؛ بما يخدم مصالحها ويقلّل خسائرها والذي سيعتمد على الضربات و"الصيد الجوي"، وتدمير المنازل والمساجد والاغتيالات لتحويل الجنوب الى منطقة عسكرية، وتوسعة المنطقة العازلة بالنار، والتي بدأت تتوسّع شيئا فشيئا للضغط على المقاومة والحكومة اللبنانية للقبول بالشروط المفروضة "إسرائيلياً"، او العودة لتنفيذ القرار 1701، بما فيه المنطقة العازلة الخالية من السلاح ما بين الليطاني والحدود اللبنانية.
"إسرائيل" وامريكا تريدان الحرب على لبنان وفق الاسلوب الذي يؤذي المقاومة واهلها ولا يصيب العدو بخسائر كبرى، ويطلبون خداعا ويضغطون تضليلا بالطلب ان لا تقوم المقاومة بتوسعة الحرب، لتحميلها مسؤولية ما يحصل الان، بحيث ان اسرائيل توسّع الحرب وامريكا تتهم المقاومة، وصولا لمعادلة تشبه معادلة "رفح": اما التسليم بالشروط "الإسرائيلية" أو استمرار وتصعيد الحرب وزيادة عدد المنازل المدمرة والبدء بافتعال بعض المجازر ضد المدنيين ولن تتوقف الحرب في لبنان حتى لو التزمت المقاومة باي هدنة يمكن ان تبدأ في غزه والتي لن تكون قريبة، حيث يقول الاسرائيليون والامريكيون ان التفاهمات في لبنان تحتاج الى عده اسابيع وكذلك في غزة ولو بدأت هدنه غزة ..فلا يعني انهاء الحرب!
بادرت "اسرائيل" لتغيير ونسف قواعد الاشتباك في الجنوب لجهة الجغرافيا ولجهة تدمير البيوت حيث اعلنت تدمير أكثر من 3000 موقع عسكري للمقاومة في لبنان لكنها في الحقيقة 3000 بيت مدمّر ومتضرر، فبالنسبة لها كل بيت يلجأ اليه مقاوم او يملكه، فهو موقع عسكري وبالتالي صارت كل بيوت القرى المحاذية للحدود او حتى البعيدة عنها مواقع عسكرية وهذا خلاف تفاهمات نيسان1996وخلاف القرار 1701 وخلاف القوانين الدولية بينما هو قانون غزة التدميري الذي ستنقله اسرائيل الى لبنان.
مع تغيير العدو لقواعد الاشتباك وتزايد التدمير والقتل، لابد للمقاومة من تغيير خطتها ايضا للردع واجهاض المشروع الاسرائيلي لشن الحرب والانتباه للداخل اللبناني والمبادرة لإرسال الوفود للحوار مع كل القوى السياسية والشخصيات المحايدة او المتخاصمة مع المقاومة ومبادرة الحكومة اللبنانية والقوى السياسية والطائفية لمعالجه ملف النازحين السوريين الذين سيتم استغلالهم بأوامر خارجية في لحظة قاتلة للإطباق على المقاومة !
لابد من تحصين المجتمع المقاوم لمعالجه قضاياه واراحته اقتصاديا ومعالجة اوضاعه المعيشية ،فربما ستطول الحرب أشهرا قادمة وربما حتى نهاية العام.. فلابد من تامين مقومات الصمود حتى لا يكون الوضع المعيشي والانساني عبئاً وورقة ضاغطة على المقاومة، كما هو الحال في غزه.
لتحقيق الصمود والانتصار نحتاج إلى منظومة المجتمع المقاوم .... لا مقاومون فقط.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل