انتصارات غزة... ضحية النفاق العربي والتوحش "الإسرائيلي" ـ د. نسيب حطيط

الإثنين 12 شباط , 2024 11:45 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد اربعة أشهر من الصمود والانتصار والتعرّض للقتل والتدمير، يبدو ان غزة كنموذج للمقاومة ورائدة لمشروع التحرير الفلسطيني او ما تبقى منه، ستكون ضحية النفاق والتآمر العربي، والصمت الدولي المؤيد "لإسرائيل" والتسلط الامريكي الذي لا زال يمسك بالهيئات الدولية ويقود معركة اعدام المشروع الفلسطيني الوطني والدولة المستقلة.
الجميع شركاء في دم غزة، لا تستثني منهم احدا، ما عدا حركات ودول محور المقاومة والجهاد، والتي لا يتجاوز عددها الخمس من كل هذا العالم، حتى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لا زالت على الحياد السلبي، مما يجعلها في جبهة المحاصرين والقاتلين لغزة.
"رفح" هي المنازلة الأخيرة في غزة والمعركة التي ستقرّر من الرابح، وقد أعلن نتنياهو ان خسارة معركة رفح خسارة للحرب في غزة ولن نتحمّله، وبالتوازي فإن خسارة المقاومة في "رفح" ...خسارة للانتصارات للشهداء وللتضحيات وخسارة لحلم المشروع الوطني التحرري.
التحالف "الإسرائيلي" - العربي - الاميركي لا يريد انتصار المقاومة في غزة، كهدف اساس وموضعي لتامين الكيان وامنه داخل فلسطين المحتلة، لكنه لا يريد انتصار المقاومة كهدف استراتيجي لإعادة احتواء المنطقة والبدء بإخماد ساحات المقاومة واحده تلو الاخرى، مع ان هذا المشروع (الأميركي - "الإسرائيلي" - العربي حاول في تجربته الاولى اطفاء ساحة المقاومة في لبنان في حرب تموز 2006 فلم ينجح، ثم حاول اطفاء ساحة المقاومة في اليمن طوال تسع سنوات ولم ينجح، وحاول اطفاء ساحة المقاومة في العراق ولم ينجح، ولا زال يحاول في سوريا ولم ولن ينجح، وكذلك في إيران.
المعركة في "رفح" هي المعركة الفاصلة بين مشروعين؛ المشروع "الإسرائيلي" - الامريكي و"صفقة القرن" والمشروع المقاوم وتحرير فلسطين، لكنه يدور على بقعة جغرافية صغيرة من غزة هي "رفح"، ووقودها مليون ونصف مدني فلسطيني، فإن سقطت رفح وعاد الفلسطينيون الى مخيمات وخيم النازحين كما هو الحال عام 48 بعد نزوحهم في النكبة الاولى، سيعزز هذا الخيار مشروع القضاء على حركات التحرر ضمن برنامج من الحروب الناعمة والساخنة، ويمكن ان يكون لبنان هو الساحة الأولى المرشحة على جدول وغرفة عمليات الحرب
 "الإسرائيلية" - الأمريكية -العربية

انتصار العدو "الإسرائيلي" في غزة وتثبيت مشروع التهجير والقضاء على حركات المقاومة الخطوة الأولى لإعادة مشروع "اسرائيل الكبرى" للحياة بعدما تلقى ضربات متتالية من تحرير الجنوب 2000 وحرب تموز 2006 وطوفان الاقصى.
من يرى في حرب غزة حرب "تحرير الاسرى" فانه قصير النظر مع الخطأ بالتشخيص لقد تحوّلت معركة غزة .. من معركة ظرفية مؤقتة بأهداف محددة ومرحلية الى معركة بين المشروع الصهيوني، والمشروع المقاوم، ولذا فان ايامها ستطول، وساحاتها ستتوسّع، وحروبها ستكون أكثر شراسة وتوحشا!
ولأن العدو انتقل من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم وبأهداف استراتيجية كبرى، لابد لمحور المقاومة ان يعيد النظر في ادارة عملياته ضد العدو الاسرائيلي والانتقال من مرحلة الاسناد لغزة الى مرحله تحضير موجبات الدفاع للحروب القادمة من الامام او من الخلف بالفتن والمعارك الداخلية، او استيعاب الاندفاع "الاسرائيلي" واجهاض مشروعه الانفعالي الهجومي، خصوصاً أنه لم يكن مستعداً او مقرّراً لحرب واسعة وشاملة (كما صرح اركانه الاساسيون)، وحتى لا يتم استدراجه لحرب غير مضمونة النتائج، ولايمتلك  الظروف الضامنة لانتصاره في هذا الظرف ولكسب بعض الوقت لتعديل الخطط والتجهيز والتحضير لحرب يكون فيها مستعداً في المكان والزمان والامكانيات..
أسابيع خطرة ومفصلية تحتاج إلى الحكمة والموضوعية بعيدا عن الانفعال والعاطفة..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل