أقلام الثبات
منذ احتلال فلسطين عام 1948 امسكت "اسرائيل" بقرار الحرب والاجتياحات ضد لبنان، وكانت هي من تقرر الاجتياح، وكثيرا ما كانت تمتنع عن الانسحاب الا بالقوة والمقاومة!
اعتادت "اسرائيل" ان يكون التهجير والقصف والتدمير والحرائق في الداخل اللبناني، وأن يبقى المستوطنون في حالة المشاهدة والتفرج والسماع دون اي ضرر مادي او بشري يلحق بهم، وكان الناس يخافون ان ينظروا للداخل الفلسطيني عند مرورهم على الحدود خوفا ورعبا!
بدأت المعادلة بالانقلاب بيد المقاومة التي اجبرت "اسرائيل" على الانسحاب دون مفاوضات عام 2000، ثم هزيمة حرب 2006، الى ان وقعت "اسرائيل" بالمشكلة الكبرى بعد بدء عمليات (على طريق القدس)، وخسرت قرار الحرب لأول مرة وكذلك قرار وقف إطلاق النار بعد عملية "طوفان الأقصى"   بادرت المقاومة في لبنان للمشاركة في الحرب اسناداً ودعماً للمقاومة في غزة، وكضربة استباقية لأي عدوان "اسرائيلي"، حيث بدأت عمليات المشاغلة للعدو وجذب بعض قواته بعيداً عن غزة، ثم تطوّرت لحرب استنزاف دون توغلات برية، وبعد "هدنة غزة الأولى" اعلنت المقاومة التزامها وقف إطلاق النار، فتحوّل العدو من مقرّر للحرب الى متلقي ومن فاعل للحرب الى مفعول به!
تحاول "اسرائيل" الان استعادة قرار الحرب على جبهة لبنان عبر اعلانها فصل "جبهة لبنان" عن "جبهة غزة"، وان هدنة غزة لن تسري على لبنان حتى لو التزمت المقاومة في لبنان، وتهدف "اسرائيل" من هذا الاعلان الى ما يلي:
- استعادة قرار الحرب لترميم الصورة المعنوية التي يحتاجها الجيش والحكومة، لطمأنة المستوطنين ليعودوا الى بيوتهم.  
- فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة (التي لن تهدأ بعد إطلاق الاسرى) وستستمر بأشكال ومستويات قتال مختلفة، وذلك ضمن إطار تفكيك وحدة الساحات.
- تثبيت الامر الواقع الحالي وانشاء "المنطقة العازلة" في الداخل اللبناني بالنار وحرب الاستنزاف التي يمكن ان تستمر شهوراً، مما يفرض على اللبنانيين الذين غادروا أي "النازحين" تأسيس حياة جديدة بعيدة عن الحدود مادام أنه لا توجد حلول في الافق القريب (تكرارا لتجربة اجتياح عام 1978).
  بالنسبة للعدو "الاسرائيلي" فان جبهة لبنان هي الجبهة الاساس وليست "الجبهة الرديفة" او "جبهة الاسناد" وان اي انتصار يحققه العدو ولو كان جزئيا على جبهة لبنان سيغطي فشله في حرب غزة ويستعيد هيبته المعنوية وثقة الداخل الاسرائيلي بقيادته السياسية والعسكرية والأمنية!  
    الحرب على لبنان قرار "إسرائيلي" - اميركي دائم سيتم تنفيذه عندما تتوفر الظروف والامكانيات التي تؤمن الانتصار على المقاومة، لأن مفتاح اجهاض وهزيمة المشروع المقاوم للمشروع الامريكي "الاسرائيلي" من صفقة القرن الى التطبيع الى السيطرة على العالم العربي و"اسقاط إيران" خصوصاً لا يمكن ان يتم الا بالقضاء على المقاومة في لبنان، مع تواضع عديدها وامكانياتها بالنسبة للقوى المضادة، ومع تواضع جغرافيا لبنان بالنسبة لجغرافيا المنطقة!
انطلاقا من مخاطر القرار "الاسرائيلي" الذي يحوز على موافقة أمريكية وبعض العرب، لابد للمقاومة ان تنحاز للحكمة والهدوء (كما هو ماضيها)، والحفظ الاستراتيجي لقوتها واهلها واجهاض المشروع "الاسرائيلي" الذي يريد ان يثأر لنفسه، خصوصاً ان العدو لن يتوغل برياً في جنوب لبنان وسيقاتل عن بعد، معتمدا بشكل اساس على سلاحه الجوي واسلحة الجو الحليفة له المتعددة الجنسيات.
لن تنسى "اسرائيل" هزيمتها وفرارها من جنوب لبنان، ولن تنسى "اسرائيل" هزيمتها في تموز 2006.. ولن تسامح "اسرائيل" المقاومة في لبنان التي كانت الاساس في تسليح واحتضان المقاومة في غزة، سواء اعترف البعض او لم يعترف!
مفهوم المقاومة وجوهرها وهدفها وتكليفها حفظ الدين والأهل والأرض وفق التكليف الإلهي  {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا..}، دون أي أسباب ودوافع أخرى يمكن ان تكون جوهرية في التكتيك ..خاطئة في الاستراتيجيا... نقاتل العدو وجودياً ويقاتلنا مع غيره وجودياً.. وعلينا خوض المعركة ومفرداتها على هذا الأساس.. وما النصر الا من عند الله..