أقلام الثبات
تتنوّع محاور ووسائل القتال في الحرب، وان كان أكثرها وضوحا هو القتال في الميدان على الجبهات، يؤازره ما يُعرف بالحرب الأمنية الاغتيالات او التفجيرات، وهناك سلاح اخر فتاك يكون جنوده الناس، وكذلك يكونون من ضحاياه، وهذا السلاح هو الإشاعة، التي تستطيع اشعال فتنة او زعزعة الصفوف وزرع الشك في مصداقية قادة الجماعة وانصارها.
الإشاعة هي بث اخبار كاذبة ومضللة، لمحاولة نسف الحقائق، وتوجيه الناس نحو الفتنة والارباك، او اشغالهم بأمور تساعد العدو.
الإشاعة هي أحد ركائز الحرب النفسية التي يشنّها العدو، ويمكن ايضا ان يتم استعمالها ضده، وقد ساهمت الإشاعة والتضليل وفبركة الاخبار بإحراز نتائج مهمة في "الربيع العربي"، عبر الأقنية التلفزيونية والصور المفبركة، واشاعة سقوط بعض الأنظمة او هروبها، وقد نجحت في أكثر من ساحة، وكانت لها نتائج مأساوية ودموية.
تتميز الاشاعة في عصرنا بالسرعة والانتشار الكبير، نتيجة تتطور وسائل التواصل الاجتماعي، ..وسهولة الوصول لكل الناس على اختلاف مستوياتهم، ودون كلفة او تعب.. وصار للجيوش وحدات تخصصية بالإشاعة والتضليل المدعوم بالصور والأفلام المفبركة.
تبدأ الإشاعة بهمس بسيط وكلمات بسيطة يمكن ان تكون اتهاما لشخص او قيادي بالعمالة للعدو او أحد افراد عائلته، ويمكن ان تكون مقتل مسؤول او فرد اما اغتيالا وبظروف غامضة او على يد أحد مساعديه او رؤسائه او مرؤوسيه..
كلما ازدادت الإشاعة غموضا واهمية ازداد انتشارها سريعا، ومن مميزات الإشاعة انها تولد صغيرة وتكبر وتتضخم عند انتقالها من شخص الى اخر، فيضيف تفاصيل جديدة ويضع علامات استفهام وأسئلة ضمن الإشاعة حتى تصل الى الجمهور العام خلاف ما بدأت به!
يقول وزير الدعاية النازي "غوبلز" الألماني: "اكذب، واكذب، ثم اكذب؛ حتى يصدقك الناس"، ويقول أيضاً: "لو كانت لدي 100 دولار لصرفت جلها على الدعاية وأبقيت قليلها للأمور الأخرى".
سيعمد العدو بالإضافة للمواجهة المباشرة على الحدود والاغتيالات المتنقلة في المناطق الى حرب الإشاعة، خصوصاً في مجتمع متنوع ومتناقض وطائفي في لبنان، مما يجعل الامر أكثر سهولة، لأن الجمهور المتنوّع والمتخاصم على استعداد ان يقبل اي خبر مسيء عن خصومه السياسيين وانصارهم، لأن الحرب الأهلية في لبنان لم تنته بعد، وان كان قد تم اعلان انتهائها رسمياً.
سيعمد العدو لاستخدام سلاح الإشاعة والتضليل وزرع الفتنة لإرباك الساحة الداخلية، كعامل مساعد لإضعاف المقاومة واهلها في حال وقعت الحرب، وستتناول الاشاعات كل الجماعات سواء اشاعات لإثارة الفتنه داخل الطائفة نفسها، ثم بين الطوائف، ثم بين الاحزاب واشاعات بين اللبنانيين والفلسطينيين، واشاعات بين اللبنانيين والنازحين السوريين، واشاعات عن تورط افراد ومجموعات داخل الدولة، حتى يختلط الحابل بالنابل وتسقط الثقة المتبادلة بين الحلفاء وبين الأصدقاء
لقد "سقط" النبي آدم وحواء (عليهما السلام) بفخ الاشاعة التي اغواهما بها الشيطان، وأكلا من الشجرة المحرّمة عليهما.
سقط الفلسطينيون بإشاعة ان خذوا مفاتيح بيوتكم، وستعودون قريباً.
لا تكونوا جنودا للعدو دون قصد، فتكونوا جنود وضحايا الاشاعات.
تأكدوا من الخبر قبل نشره، ومن المصادر الموثوقة.
تأكد من الخبر ولا تكن جنديا للعدو بغير قصد...
يقول الامام علي (عليه السلام): "فَرُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً، وَجَلَبَتْ نِقْمَةً".