أقلام الثبات
بالتزامن مع حرب غزة وجبهة لبنان والجبهات المساندة، بدا العدو "الاسرائيلي" منذ حوالي الشهر بحرب امنية قاسية على مستوى المنطقة، ليصطاد العقول والقيادات المحركة للميدان، ويقطع خطوط التواصل بين الجبهات، بما يحاكي قطع شبكات الاتصال لأي حركة مقاومة، لفصل القيادة عن القوات المقاتلة في الميدان وزعزعة منظومة السيطرة، بالإضافة الى إلغاء قيادات التخطيط وقيادات التنفيذ المرتبطة معها ميدانيا في ادارة المعركة، لترك المقاومين في الميدان بعيدا عن غرفة العمليات التي تدير المعركة تكتيكيا واستراتيجياً.
من الامور الخاطئة، تكرار مقولة ان العدو يهرب الى الامام نتيجة عجزه في الميدان، فيلجأ الى الاغتيالات، وهذا مفهوم يحاول التعويض المعنوي عن الخسارة المادية التي لحقت بنا، وفهمٌ منقوص لاستراتيجيات الحرب وادوات المعركة، فالحرب الأمنية أحد اعمدة الحرب، وفي أكثر المرات تسبق الحرب الميدانية، لتسهيل مجريات الحرب عند وقوعها، بعد استكمال جمع المعلومات عن العدو، بالإضافة الى تصفيه القادة والمخطّطين الاساسيين الذين يديرون معركة المواجهة.
الاغتيالات ليست هروبا للعدو الى الامام، بل قفز للطعن من الخلف؛ للشخصيات القيادية التي تدير المعركة.
ما يلفت الانتباه في هذه الاغتيالات انها تركز على اغتيال مشروع استراتيجي اسمه "فيلق القدس" الذي بذر بذرته الاولى الامام الخميني (رض) عندما اسس او عندما دعا لتأسيس جيش العشرين مليون لتحرير القدس، ويركز ايضا على قوه نخبوية في المقاومة اسمها قوة "الرضوان"، بمعنى ان محور المقاومة والجهاد الذي طرح القضاء على المشروع الصهيوني، تردّ "اسرائيل" عليه بنفس المستوى، وتحاول ان تقضي على مفردات المشروع الاستراتيجي لتحرير القدس!
إذا كانت اغتيالات عجزاً عن تحقيق الهدف في ساحة المعركة، فإنها تعلن الإصرار على تحقيق الهدف بأي وسيلة متاحة، إلى حدود المغامرة.. وهي تهديد للمشاركين في المعركة من الوراء دون ان تظهر وجوههم بان العدو سيطالهم ليشركهم بالمعركة علنا وبشكل مباشر.
الاغتيالات تحضير ما قبل الحرب، وتجهيز الميدان لحرب يستطيع العدو ان يربح فيها إذا وقعت، وليس سهلا تعويض القادة الذين يتم اغتيالهم، وان كان ليس مستحيلا، لكن لابد من فترة انتقالية تحتاج على الأقل لثلاثة أشهر او أكثر، وخلال هذه المدة يكون العدو في مرحلة التحضير وربما البدء بالحرب.
في استعراض للقيادات التي تم اغتيالها نرى انها طالت اغتيال قادة "الاتصال والتنسيق والارتباط" في محور المقاومة والجهاد وبدأت منذ أربع سنوات بيد امريكية وفق التالي:
- اغتيال الشهيدين المهندس وسليماني مع رمزية ودور الشهيد سليماني كقائد لفيلق القدس وضابط الارتباط والتنسيق والإدارة على مستوى المنطقة وحركات التحرر والدول وصولا الى روسيا.
-اغتيال قائد الحرس في سوريا وضابط الارتباط بين إيران وسوريا ولبنان.
- اغتيال الشهيد العاروري ضابط الارتباط بين حماس والمقاومة في لبنان وإيران.
- اغتيال الشهيد ابو تقوى من الحشد الشعبي ..لدوره في عمليات العراق .
- اغتيال الشهيد اميد زادة (الحاج صادق) ضابط استخبارات فيلق القدس في سوريا وعدد من معاونيه
- اغتيال الشهيد حدرج ضابط الارتباط بين المقاومة في لبنان وفيلق القدس والمقاومة الفلسطينية .
- اغتيال عدد من القيادات الميدانية التي كانت تمثل ضباط ارتباط وتنسيق ميداني في ساحات قتال خارج لبنان في سوريا في العراق وفلسطين وغيرها
ان الهدف الرئيس لهذه الاغتيالات تقطيع الاوصال بين حركات المقاومة التي اعلنت وحدة الساحات، فقامت اسرائيل بقطع منظومة التواصل البشري والقيادي.
لابد من المواجهة والاحتياط وتغيير السلوك ومنهجية الاحتياط الامني واعتبار كل مقاوم له صفه القيادة المدنية او المركزية "مشروع اغتيال" في الأيام والأسابيع القادمة (في كل الساحات ...في اليمن خصوصا) وعليه واجب شرعي بالاحتياط، فليست الشهادة مطلبا اوليا، بل الانتصار، وإذا ما حصلت فخير على خير، فالشهادة ربح شخصي، والانتصار ربح للجماعة والأمة.
وما النصر الا من عند الله.