أقلام الثبات
مطرّزةً "بالأحلام" والأوهام، كانت الزيارة الاستطلاعية الأخيرة للموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين للبنان، الذي غادره خالي الوفاض، فلم ينجح الدبلوماسي الأميركي والخبير في الشأن اللبناني في تحقيق أحد أبرز أهداف الكيان "الإسرائيلي" في حربه على محور المقاومة، وهو أي (الهدف) محاولة إسقاط معادلة "وحدة الساحات"، بالتالي فصل جبهات المساندة عن فلسطين، خصوصًا جبهة جنوب لبنان المفتوحة على شمال فلسطين المحتلة، ليتسنى للعدو التفرغ لحرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة.
لا ريب أن هذه المحاولة الصهيونية- الأميركية الرامية إلى الاستفراد بمكونات محور المقاومة كلٍ على حدة، باءت بالفشل، وذلك بفضل تمسك المقاومة بحق الدفاع عن لبنان، ومساندة الغزيين الذين يتعرضون لحرب إبادةٍ على يد الصهاينة في فلسطين. كذلك "لا بد من الإشادة بالموقف اللبناني الرسمي الداعم لدور المقاومة في جبهة الجنوب"، على حد قول مرجع قريب من فريق المقاومة في لبنان. فقد أثمر التضامن الرسمي اللبناني مع الشعب الفلسطيني الجريح، ودور المقاومة اللبنانية المساندة له، موقفًا ثابتًا موحدًا لا يحمل أي التباس، تبلغه الموفد الأميركي من المعنيين في بيروت، فحواه: "أوقفوا حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الغزيين، قبل البدء في أي محادثاتٍ، تتعلق بالوضع على جبهة جنوب لبنان، أو ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة".
وفي تفاصيل زيارة الموفد الأميركي الأخيرة لبيروت، فقد سخّر "براعاته" الدبلوماسية من أجل إعادة عشرات الآلاف من المستوطنين الصهاينة إلى مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة، بعدما نزحوا عنها جراء العمليات العسكرية التي تقوم بها المقاومة اللبنانية على مواقع العدو في الأراضي اللبنانية المحتلة، وفي الشطر الثاني من الحدود. وهنا، لا ريب أن دور المقاومة، بالإضافة إلى أنه أدى إلى إشغال نحو ثلث جيش العدو على الجبهة الشمالية في فلسطين المحتلة، كذلك أسهم في تراكم الضغوط الشعبية والاقتصادية على الحكومة الصهيونية، جراء هذا النزوح، لذا بذل هوكشتاين قصارى جهده، لإعادة المستوطنين إلى الشمال، بعد تطمينهم باستتباب الوضع الأمني فيه، وذلك في محاولةٍ فاشلةٍ لتخفيف الضغوط عن جيش العدو وحكومته، كي تتفرغ لحرب الإبادة في غزة، وما قد يليها لاحقًا، ولأجل هذه الغاية حمل الموفد الأميركي في "زيارة جس النبض" الأخيرة للبنان، "أفكارًا" أو عروضًا لوقف القتال في الجنوب، لإراحة "إسرائيل". فقد طرح الموفد الأميركي الذي زار "تل أبيب" قبل قدومه إلى بيروت، على المعنيين في لبنان، "أفكارًا" تفضي إلى انسحاب العدو من النقاط الثلاث عشرة التي يحتلها في جنوب لبنان، بالإضافة إلى البحث في وضع قرية الغجر، كذلك البحث في إعادة التنقيب عن الغاز في "البلوك 9 "، من دون أن يأتي على ذكر الاحتلال "الإسرائيلي" لمزارع شبعا، مقابل انسحاب المقاومة مسافة عشرة كيلومترات في اتجاه شمال نهر الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل جنوب "النهر"، فجاء الرد اللبناني جازمًا: "أوقفوا حرب الإبادة على غزة أولًا".