أعوان "إسرائيل" في لبنان ـ عدنان الساحلي

الجمعة 05 كانون الثاني , 2024 10:55 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
اختصر الرئيس الأميركي جو بايدن، علاقة إدارته بالكيان "الإسرائيلي"، رغم كل إجرامه ومجازره بحق الشعب الفلسطيني، فقال أنه، أي بايدن، صهيوني. لكن حال بعض اللبنانيين أسوء من حال بايدن، فهم يرفضون تخوينهم، من جهة، ويمارسون سياسة تتفرع من سياسة بايدن، في خدمة الكيان الصهيوني والترويج له ولتوجهاته وعدوانيته.
وعند الإضطلاع على القوانين الأميركية، نجد أنها نظرياً، تضع الحرية الشخصية وتحرص على سلامة البشر وحياتهم وسعادتهم، في مقدمة اهتماماتها وأولوياتها. وتدين من يخالفها وتهدده بالعقاب، سواء في داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
لكن عندما يتم النظر للمواقف الأميركية، تجاه أسوأ نظام فصل عنصري وأشرس نظام في إرتكاب الجرائم بحق البشر، أي الكيان "الإسرائيلي"، من خلال حجم الدعم الأميركي له وحماية إرتكاباته، سابقاً وحالياً، ندرك أن تلك القوانين، ومنها قانون "ليهي"، الذي يمنع نظرياً تقديم المساعدة العسكرية للدول التي تنتهك حقوق الإنسان، تختفي أو يتم تحييدها وتجاهلها، عندما يتعلق الأمر بـ"إسرائيل"، فضمان أمنها، فضلاً عن خدمة حروبها الدموية هي قضية ثابتة في السياسات الأميركية.
وقانون "ليهي" سبق ان وافق الكونغرس الأميركي عليه عام 1997. والهدف منه، منع الولايات المتحدة من التورط في جرائم خطيرة ترتكبها قوات الأمن الأجنبية التي تدعمها، عن طريق قطع المساعدات عن وحدة عسكرية معينة في دولة ما، في حال توفرت لدى واشنطن معلومات موثوقة، بأن هذه الوحدة ارتكبت جريمة جسيمة، كانتهاك حقوق الإنسان.
وبحسب نص القانون، "لا تتمتع أي قوات أمنية، ولا حتى القوات الأميركية، بالحصانة الكاملة من ارتكاب مثل هذه الانتهاكات". لكن من الواضح إن قانون ليهي ينطبق على جميع البلدان، باستثناء "إسرائيل".
ويعترف مسؤولون سابقون، في الإدارة الأميركية بأن "قانون ليهي"، الذي حاول الديمقراطيون التقدميون تفعيله في أعقاب العدوان على غزة، لعرقلة المساعدات العسكرية لـ "إسرائيل"، لم يكن له أي تأثير ضدها، على الرغم مما حدده خبراء حقوق الإنسان، سواء داخل الحكومة الأميركية أو خارجها، كدليل ثابت على أن "إسرائيل" ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان سابقاً؛ وحالياً تنفذ مذابح وحرب إبادة وتطهير عنصري في قطاع غزة.
وتؤكد أصوات عديدة، إن القوانين الأميركية الحالية التي تهدف إلى حماية حقوق الإنسان، كان ينبغي أن تقيد تدفق المساعدات العسكرية إلى "إسرائيل" لفترة طويلة، إلا أن الرئيس بايدن يصرّ على تجاهل قانون "ليهي"؛ ويواصل الضغط من أجل تقديم مساعدات إضافية وغير مشروطة. وقد قال مؤخراً للمانحين الديمقراطيين: "لن نقوم بأي شيء سوى حماية إسرائيل في هذه العملية". كما أنَّ مسؤولي إدارة بايدن أكدوا لشبكة CNN أنهم لا يفكرون حالياً في وضع شروط على المساعدات لـ"إسرائيل". ولذلك، تواصل واشنطن حتى يومنا هذا، منح "إسرائيل" نحو 3.8 مليار دولار سنوياً. كما تحايل بايدن مؤخراً على الكونغرس، لبيع ذخيرة دبابات لتل أبيب بقيمة 106 ملايين دولار. ويريد من الكونغرس أيضاً، الموافقة على مساعدة إضافية بقيمة 14.3 مليار دولار.
حال بعض اللبنانيين أكثر تعقيداً من حال كبار المسؤولين الأميركيين. فالأخيرين إما هم صهاينة يهود، يستغلون مناصبهم لحماية "إسرائيل"؛ وإما هم أسرى اللوبي اليهودي المتحكم بمفاتيح السلطة والحكم في أميركا، الذي يفرض عليهم سياسات ليسوا بالضرورة مقتنعين بها، لقاء وجودهم في مناصبهم. وهذا نلمسه في تصريحات بعض رؤساء أميركا المنتقدة لـ"إسرائيل"، لكن بعد خروجهم من الحكم.
في لبنان لم يقتنع البعض بعد، بأن "إسرائيل" عدوة للبنان، رغم كل الجرائم التي إرتكبتها منذ تأسيس كيانها عام 1947. وعلى الرغم من إحتلالها منذ ذلك الوقت 13 قرية لبنانية ( يقال خطأ أنها القرى السبع: هونين وصلحة والمنارة والنخيلة وغيرها) وتهجيرها أهلها إلى داخل لبنان. ثم توسع إحتلالها عام 1967 بالإستيلاء على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وبعد "الإجتياح الأول"، عام 1978 والإجتياح الثاني عام 1982، ثم إنسحاب العام 2000، بقي الإحتلال متمسكاً بالبقاء في نقاط عدة لبنانية، لذلك سمي خط الإنسحاب ب"الخط الأزرق"، في حين أن الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين المحتلة، مرسمة منذ أيام الإنتدابين الفرنسي والإنكليزي على لبنان وفلسطين.
مشكلة بعض اللبنانيين أنهم حتى الساعة لم يغيروا مواقفهم من "إسرائيل"، فهم أو آباؤهم، تعاونوا مع الوكالة اليهودية قبل إنشاء الكيان، ثم واصلوا علاقاتهم السرية معها، بعد إغتصاب فلسطين. وكشفوا قناعهم عندما أنشأ العدو ما يسمى "جيش لبنان الجنوبي" (جيش العميل أنطوان لحد)، فتعاونوا معه وأمنوا له تغطية متنوعة. ثم كانت الفضيحة الكبرى، عندما حمت الدبابات "الإسرائيلية" إنتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهورية، في ثكنة الفياضية، ثم إنتخاب شقيقه أمين بعد إغتيال الأول، الذي حاول دفع الثمن للعدو بإقرار إتفاق 17 أيار. واليوم لا يخجل هؤلاء من الدعوة للحياد في الصراع مع الكيان الصهيوني المجرم، أو يصرون على تنفيذ الشق اللبناني من القرار الأممي 1701، بما يعني إفراغ الجنوب من المقاومين، الذين يتولون وحدهم مهمة الدفاع عن لبنان واللبنانيين، في وجه العدوانية التوسعية "الإسرائيلية"، نظراً لإنعدام قدرة الجيش اللبناني عن القيام بهذه المهمة، فهو يفتقر للسلاح الفعال والحديث، بل هو يفتقر للرواتب، فيمد يده  لقطر حيناً ولأميركا حيناً آخر، لتمويل رواتب عسكره. ولا يخجل اعوان "إسرائيل" في لبنان، من تجاهل إسم ومصطلح "فلسطين المحتلة" كحق لا يسقط بمرور الزمن، بل يسمون بكل وقاحة، تلك الأرض السليبة "إسرائيل". وآخر إبداعات خيانتهم، إعتبار أي عمل مقاوم ضد "إسرائيل" مشروعاً إيرانياً، على إعتبار أن إيران الإسلامية تساعد المقاومين ضد الإحتلال "الإسرائيلي" وضد الإحتلال والهيمنة الأميركية، في مختلف المواقع، إنطلاقاً من إنتمائها الإسلامي ونهجها الثوري.
وتتجاهل تلك الأصوات المتصهينة، أن الصراع العربي-"الإسرائيلي" وإغتصاب فلسطين والإعتداءات "الإسرائيلية"، سابقة كلها لوجود النظام في الإسلامي في إيران. كما هي سابقة لتأسيس حزب الله في لبنان. وحروب 1948و1956 و1967 و1973 وعدوان 1978 ثم عدوان 1982، كلها حدثت قبل إطاحة الثورة الإسلامية في إيران بنظام الشاه المتصهين، الذي كان حليفاً للعدو الصهيوني وتابعاً ذليلاً للسياسات الأميركية. ولعل هذا السبب الخير هو علة حقد هؤلاء على إيران وحزب الله.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل