محور "فيلادلفيا".. آخر محاور المواجهة التاريخية في قطاع غزة ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 03 كانون الثاني , 2024 09:57 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ليس محور فيلادلفيا جبهة عسكرية بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، بل هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً وعرضه بضعة عشرات من الأمتار يفصل القطاع عن الأراضي المصرية، وهو يقع ضمن المنطقة (د) العازلة بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع "إسرائيل" عام 1979، وسيطرت سلطات الإحتلال على هذا الشريط من الجهة الفلسطينية الى حين الانسحاب من غزة عام 2005.

هذا الشريط حُفرت تحته أنفاق بين مصر وقطاع غزة لعدة استخدامات، ومنها تهريب المواد الاستهلاكية والغذائية الى القطاع المحاصر، الى أن قررت السلطات المصرية في العام 2013 إغراقه بالمياه المبتذلة، بذريعة منع تهريب السلاح والنشطاء من غزة الى مصر، وقد أتت الخطوة المصرية في فترة عانت فيها مصر من صعوبات اقتصادية خانقة نتيجة تعثُّر المساعدات أمام الكونغرس الأميركي، وحاولت السلطة المصرية آنذاك برئاسة محمد مرسي الظهور بمظهر الحليف الكبير للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب.

إغراق الأنفاق إذاً هو إجراء مصري مسبوق، حاول العدو الصهيوني خلال العدوان الحالي على غزة استنساخه، وإغراق أنفاق غزة بمياه البحر، لكن حسابات ارتفاعات التضاريس للقطاع مقارنة بمستوطنات الغلاف هي التي منعت العدو الصهيوني من ارتكاب حماقة خوفاً من إغراق المستوطنات، لكن هذا لم يمنع نتانياهو من استذكار أنفاق فيلادلفيا، والتصميم على إعادة السيطرة على هذا المحور، لتضييق الخناق على القطاع.

معركة محور فيلادليفيا من المفترض أن تكون بين مصر والكيان الصهيوني، رغم أنه شريط فاصل بين أرض مصرية وأرض فلسطينية، تماماً كما هو وضع معبر رفح الذي يحكم العدوان الصهيوني حركته؛ في تحدٍّ لكل الدول العربية والإسلامية التي تغدق المساعدات على القطاع وتتكدس في الجانب المصري من المعبر إلى حين سماح "إسرائيل" بعبور هذه المساعدات، وما دامت الولايات المتحدة تحكم واقع الدول النامية، ومن ضمنها مصر، فلا إمكانية لتطبيق مبدأ السيادة العربية لا على معبر رفح ولا على محور فيلادلفيا، خصوصاً أنه ينتهي عند معبر كرم أبو سالم، حيث ملتقى الحدود بين مصر و"إسرائيل" وقطاع غزة.

تبقى مسألة محور فيلادلفيا، رغم أهمية أنفاقه، مؤجلة، ما دامت أنفاق قطاع غزة الداخلية ما زالت تعمل من شماله الى جنوبه، وحتى قبل انتصاف ليل العام 2024، كان العدو الصهيوني قد أعلن سحب خمسة ألوية من القطاع بهدف إعادة عناصرها الى دورة الحياة الإقتصادية، سيما أن العام الجامعي في "إسرائيل" قد تعطل لوجود 100 ألف طالب في صفوف الاحتياط منذ عملية طوفان الأقصى، لكن سحب الألوية ترافق مع تصريحات "جيش الدفاع" بأنه قضى على ثمانين بالمئة من فرص المقاومة في إطلاق صواريخ بعيدة المدى، وجاء رد المقاومة في الدقائق الأولى للعام 2024 بإطلاق صليات من عشرات الصواريخ على تل أبيب، والمفاجأة أن نصف هذه الصواريخ أطلقتها المقاومة من شمال قطاع غزة، الذي أدَّعت "إسرائيل" أنها تمتلك السيطرة النارية عليه، فيما المقاومة من قلب أنفاقه ومن خلف أنقاض العدوان ما زالت تعمل بشكل طبيعي، والصفعات الكبيرة التي تتلقاها "إسرائيل" على مدى ثلاثة أشهر تقريباً أنها فشلت في الوصول الى شبكة الأنفاق، وأن محاولاتها خصوصاً الآن في خانيونس لن تجني منها سوى جعل الأنفاق مقابراً لجنودها...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل