أقلام الثبات
كان لافتاً ما نشره الاعلام "الإسرائيلي" بشكل مستفز بعد اغتيال الشهيد الشيخ صالح العاروري ورفاقه؛ بالإشارة الى ان الاغتيال تم قبل يوم واحد من لقائه سماحة السيد حسن نصر الله؛ في رسالة استفزازية واضحة للمقاومة في عقر دارها؛ في الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت، ولضيف من ضيوفه.
اغتيال الشيخ العاروري حقق أهدافاً متعددة، ويعتبر اغتيالاً ثمينا للعدو "الاسرائيلي" على المستوى المعنوي والامني والعسكري...
- الهدف الأول: التحدي والاستفزاز والاستدراج للمقاومة، حيث تم تجاوز، وبتعبير أدق: نسف القرار 1701، وتوسيع بقعه العمليات من جنوب الليطاني الى العاصمة بيروت، وضرب اهداف مدنية داخل الاحياء السكنية للضاحية، مما يضع المقاومة امام خيارين: اما الرد المباشر والوقوع في فخ التوقيت "الاسرائيلي" للحرب على الجبهة الجنوبية للبنان، لأنها تشكل قارب نجاه للقيادة العسكرية "الإسرائيلية" والسياسية للنجاة من مستنقع غزة، او استيعاب الضربة وعدم الرد الكبير، مما يجعلها عرضة للانتقاد والتضعيف!
- الهدف الثاني: تصفية "حماس" في الضفة الغربية، لان الشهيد هو مؤسس الخلايا الاولى، وقائد حماس في الضفة الغربية؛ في عمليه استباقية لوأد الانتفاضة المسلحة في الضفة.
- الهدف الثالث: معنوي ورمزي، لأنه صادف الذكرى الرابعة لاغتيال الشهيدين قاسم وابو مهدي، وبشكل مقصود استطاع العدو اغتيال قائد الحرس في سوريا؛ الشهيد موسوي وضابط الارتباط بين حماس ومحور المقاومة الشيخ العاروري، وبالتالي استطاع اغتيال اثنين من قيادة اركان محور المقاومة في اسبوع واحح.
- الهدف الرابع: كسر رأس المثلث لحماس - المقاومة التي تدير "طوفان الأقصى"، والتي لن تعترف "بإسرائيل"، والمثلث المقاوم هو: السنوار والضيف والعاروري، إضافة إلى بقية القياديين الذين يعملون معه، والتخلص منهم يسهّل الحل والمفاوضات..
بعد الاغتيال تم طرح تساؤلات واسئلة كثيرة حول موقف المقاومة:
هل هذا الاغتيال سيشعل حرباً؟ وهل ستردّ المقاومة على الاغتيال بعد تحذير سماحة السيد سابقاً بالرد على اغتيال في لبنان؟
يبدو ان المقاومة لن تُستدرج للحرب الشاملة بالتوقيت "الاسرائيلي"، وعندما تريد الحرب التي قالت إنها لن تعلنها الان كحرب شاملة، فإنها ستختار التوقيت المناسب، والرد وفق "ضربة بضربة"، بالإضافة إلى ان المقاومة ليست عشيرة تطالب بالثأر الشخصي المباشر، إنما ترد وفق جدول اعمالها العسكرية والسياسية والأمنية، وباسلوبها الناعم والهادىء والطويل زمنياً، والذي تعيد برمجة جزئياته ضمن العنوان العام، بالإضافة الى ان نهجها بالرد، والذي سلكته بعد اغتيال قادتها السابقين، لم يتخذ الرد المباشرة والحرب الكبرى، وحتى بعد اغتيال قائدين اساسيين الحاجَّين سليماني والمهندس، مع الإشارة إلى انه اذ لم تبادر المقاومة للتصعيد الكبير فإن العدو "الاسرائيلي" سيعيد تكرار الاستفزاز، لكن في منطقه أقرب لراس المقاومة، ولهذا قال الاعلام الصهيوني: "قتلنا ضيفك يا نصر الله... فانتبه!
استطاع العدو تنفيذ ضربتين مؤلمتين، وجنى نقطتي ربح على المستوى المعنوي والمادي مقابل اخفاقه وفشله في غزة، وسيوسّع دائرة الاغتيالات في كل الساحات، ويمكن ان يكون لبنان هو الساحة النموذجية، بسبب تعقيداته واختلاف في وجهات النظر حول مساندة غزة، والوجود المسلح للمقاومة الفلسطينية، مما يستدعي الحذر ومنع الثرثرة السياسية التي تثير الاختلافات والاحتياط لما سيحدث من توترات امنيه وفتنوية..
المقاومة بالإضافة إلى سلاحها المتطور وشجاعة مجاهديها تتصف بالحكمة والعقلانية والحسابات التي تحمي أهلها وترد كيد عدوها بعيداً عن العواطف التي تملكها وتحبس دمعها امام الناس.
الحرب طويلة وقاسية... وعلينا التحضير لها والصبر وعدم الانهزام.