أقلام الثبات
كشفت الصواريخ التي انطلقت من غزة وأصابت تل أبيب في ليلة رأس السنة الجديدة، زيف الادعاءات "الإسرائيلية" بأن "الإسرائيليين" قد "قضوا على قدرات المقاومة الفلسطينية"، أو أنهم احتلوا كامل شمال القطاع. ويبدو الاعلان عن سحب خمس ألوية "إسرائيلية" من القطاع بعد سحب قوات غولاني بسبب تكبده خسائر كبرى، أن "الإسرائيليين" باتوا في مرحلة دقيقة، حيث عليهم أن يوازنوا بين متطلبات الاقتصاد "الإسرائيلي" الذي يقول الخبراء إنه سينهار في حال استمرار الحرب أكثر من ثلاثة أشهر، وبين حاجتهم لتحقيق نتائج عسكرية ميدانية يستطيعون من خلالها فرض شروطهم على طاولة المفاوضات.
وبالرغم من ذلك، من المتوقع أن تستمر الحرب في غزة في الفترة القادمة، ولن يكون هناك إمكانية لتقدم المبادرات الاقليمية في المرحلة الراهنة، وذلك للأسباب التالية:
1- ما زال "الإسرائيلي" متمسكاً بالخيار العسكري لتحقيق أهدافه، والتي بدت منذ اللحظات الاولى عالية جداً ولا يمكن تحقيقها. لذلك، لا يمكن "للإسرائيلي" أن يخرج بصورة المهزوم من غزة.
2- لم يحقق "الإسرائيلي" أي نتائج عسكرية هامة لغاية الآن ليقايض عليها على طاولة المفاوضات، ولم "تنهار" البنية العسكرية لحماس بعد.
3- ما زالت الحكومة "الإسرائيلية"، متماسكة بالرغم من التباين بين أعضائها، وبالتالي لا يمكن التعويل على الانقسامات داخل "إسرائيل" لاستقالة نتنياهو أو دفعه الى الاستقالة عبر الانقلاب عليه من قبل اليمين "الإسرائيلي" أو المجتمع "الإسرائيلي" (أقلّه في المرحلة الراهنة).
4- استمرار الضوء الأخضر الأميركي للعملية العسكرية ولهدف القضاء على حماس بالرغم من التباين بين الأميركيين و"الإسرائيليين" حول مسار العملية والكلفة البشرية المدنية، وأهدافها، لاسيما ما يختص بالمدنيين في غزة، والتي يقول نتنياهو وأعضاء حكومته إنهم يريدون ترحيلهم الى مصر أو الى الدول الاوروبية.
5- يختلف "الإسرائيليون" أيضاً فيما بينهم على ترتيبات ما بعد الحرب، ولا يوجد توافق على مسار الحرب وعلى مسار ما بعد الحرب، كذلك هناك اختلاف بينهم وبين الأميركيين على تلك الامور نفسها.
6- يشارك الأميركيون في الحرب سياسياً وعسكرياً ومادياً، لذا يعتبرون أن من حقهم إبداء الرأي في مسار الحرب وأهدافها، ومرحلة "اليوم التالي"، بالرغم من ادعاء نتنياهو بأنه لا يقبل بتدخلات خارجية في هذا الإطار.
7- لغاية الآن، لا تجد المبادرات التي قدمتها كل من مصر وقطر أي نتائج ملموسة، بسبب تباعد سقف الشروط "الإسرائيلية" والفلسطينية، واستمرار كل طرف بالاعتقاد بأنه سيستطيع كسر إرادة الطرف الآخر.
8- لا يمكن للمبادرات أن تتقدم في ظل عدم توافق الفصائل الفلسطينية حولها، وحيث ظهر حجم الانقسام الفلسطيني واضحاً في تعامل السلطة الفلسطينية مع المبادرة المصرية.
9- لا يريد "الإسرائيلي" الاستعجال في إنهاء حرب غزة، بينما تبقى الجبهات الاخرى لم تحسم بعد – ما زال الأميركي لم يحسم أي من الجبهات اللبنانية واليمنية سواء عبر الضغوط أو التفاوض.
في النتيجة، يبدو أن مسار الحرب لن ينخفض قريباً، في ظل عدم قبول الاطراف بالنزول عن الشجرة لغاية الآن. وفي كل الاحوال، عادة ما تستعر الحرب وتتصاعد وتيرتها في ظل فترة التفاوض، حيث يحاول كل طرف أن يكسب في الميدان ليحصّل مكاسب على طاولة المفاوضات.
حرب غزة.. هل تنتهي قريباً؟ ــ د. ليلى نقولا
الثلاثاء 02 كانون الثاني , 2024 12:03 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة