أقلام الثبات
ما يلفت الانتباه، مشهدية اهمال وتجاوز ما يجري على الجنوب من حرب "إسرائيلية" تتوّسع شيئا فشيئا في الجغرافيا، وفي الاهداف، ويكاد التفاعل الاعلامي والشعبي والسياسي والحكومي مع احداث الجنوب يشابه ما كان يعانيه اهل الجنوب في منذ خمسينيات القرن الماضي منذ احتلال فلسطين، حيث كان القصف والقتل والاجتياحات لا يعرف فيها الا اهل الجنوب، الذين يُقتلون وتُدمر بيوتهم وتُحرق مزروعاتهم!
بعد أكثر من 70 يوما من الحرب على الجنوب، نرى ان الحرب لا تنعكس على اهتمام اللبنانيين سياسيا او حكوميا او شعبيا، وكأن الحرب في منطقة معزولة بعيدة عن لبنان، ولا قرارات حكومية تواكب الاثار السلبية للحرب.. فلا زالت شركة الكهرباء تأخذ رسوم عدادات الكهرباء لبيوت مهدمة او مهجورة، وهذا ينطبق على آلاف الوحدات السكنية في لبنان، ولم تبادر القوى السياسية او الحكومية الى اصدار قرار بتجميد هذه الرسوم واعفاء هذه الوحدات السكنية من الرسوم المالية.
لا تزال المدارس في القرى الحدودية وطلابها اما مهملة او انها لا تستفيد من قرارات استثنائية على مستوى قرارات وزارات التربية؛ ماليا، او كدوام او برامج!
تذوب اخبار الجنوب بين سطور اخبار "حرب غزة"... صحيح ان المأساة في غزة كبيرة وكارثية، لكن تهميش الحرب في الجنوب وتهميش او تسخيف او الاستهزاء بما قدمته ضمن اسناد المقاومة في غزة يثير الحزن والاستنكار والمرارة وخيبه الامل!
نذكّر الحكومة والقوى السياسية والشخصيات السياسية والإعلامية
ان أكثر من 130 شهيدا ومئات الجرحى ارتقَوا في الجنوب ..
نذكّرهم بان عدد النازحين في الجنوب جاوز "السبعين الفا"، وان عدد المتضررين في الجنوب أكثر من 60 قرية، يقطنها حوالي ال 400,000 نسمة، تعطلت مصالحهم ومدارسهم وبارت حقولهم، وتوزعوا على أقاربهم (العاجزين عن استضافتهم لشهور او سنة) او في شقق اثقلت كاهلهم او في مدارس رسميه ومبانٍ عامة!
نذكرهم ان حوالي ثلاثة الاف وحده سكنية في الجنوب بين تدمير كامل او جزئي حصيلة 70 يوما من الحرب على الجنوب!
نذكّرهم ان مئات الطلاب الجامعيين والثانويين غادروا مقاعد دراستهم .وذهبوا للقتال!
الحرب في الجنوب يتحمّلها اهل الجنوب فقط... ويتحملها المقاومون من طائفه المقاومة، اما الباقون فإما خصوم يهاجمون المقاومة، أو محايدون يساوون بين المقاومة والعدو "الاسرائيلي" بأنه ما خرق ال 1701!
أما المنتقدون والعاتبون فلم يكفهم ما قدمته جبهة الجنوب، مع صمت وتواطئ على جبهات العرب والمسلمين، لان الحرب يمكن ان تستمر شهورا، وربما يكون الأسوأ ان تتحول الى حرب شاملة على الجنوب واخواته من طائفة المقاومة في الجغرافيا اللبنانية!
ربما تتحول حرب غزة الى حرب استنزاف بين المقاومة والعدو، ويتحوّل العدو وحلفائه للتركيز بالحرب على لبنان..
نطالب الحكومة اللبنانية ونطالب القوى السياسية الممثلة لأهل الجنوب نواباً ووزراء واحزاباً ان يبادروا لتقديم قوانين وقرارات الى الحكومة اللبنانية، لإصدار قرارات استثنائية تراعي وضعهم لجهة الاعفاء او تجميد رسوم الكهرباء والماء، ومعالجه وضع طلاب المدارس في القرى الحدودية لعدم ضياع العام الدراسي، والمبادرة الى تامين المساعدات لأهل الجنوب النازحين والصامدين من كل القوى الصديقة والشقيقة.
حتى لا يبقى الجنوب وحيدا في المعركة يتلقى القذائف "الإسرائيلية" في صدره، والطعنات الداخلية في ظهره والقلق من اشعال فتنة داخلية في لحظة الحرب على لبنان، لابد من التحرك لقيام جبهة وطنية تجمع كل الوطنيين من كل الطوائف والاحزاب لمواجهة المشروع الامريكي الإسرائيلية المضاد على لبنان.
لا بد من اعلان حالة الطوارئ في الجنوب على كل المستويات، فالجنوب منطقة حرب.. ينتظر تصعيدا أكبر؛ وفق تهديدات الموفدين... وغدر بعض الداخل.
ذكّركم... هناك حرب في الجنوب ـ د. نسيب حطيط
السبت 23 كانون الأول , 2023 12:19 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة