"إسرائيل"، بين خيبة قطاع غزة ورهبة القطاعات اللبنانية... ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 19 كانون الأول , 2023 11:26 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

مع بلوغ العدوان الصهيوني على غزة فترة شهرين ونصف، أجمع أكثر من خبير عسكري على أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي" اعتقد بدايةً، أن القصف الجوي والبحري والبري لقطاع غزة سوف يمهد لدخول هذا الجيش الى القطاع بعملية برية دون مقاومة، وأنه سوف يكون من السهل عليه اكتشاف الأنفاق والوصول الى حيث يتواجد الأسرى، لكن ما حصل لغاية الآن يؤكد، أن التوغل داخل القطاع بشماله وجنوبه لا يعني تحقيق السيطرة الأمنية، بدليل الإشتباكات المباشرة التي ما زالت تحصل في شمال القطاع وعلى أطراف مدينة غزة، بين المقاومة الفلسطينية وجيش الإحتلال.

خيبة العدو الصهيوني في غزة عكستها صحيفة "هآرتس"، التي حذٌَرت من أن "إسرائيل" ستجد نفسها غارقة في حرب استنزاف في ظل غياب أي أفق أو خطط لإنهاء الهجوم البري على غزة، كذلك تناولت هذه الصحيفة مخاوف "الإسرائيليين" المدنيين والعسكريين، أن يطول أمد الحرب على غزة بهذه الوتيرة البطيئة، خصوصاً أن حرب المدن مع وجود أنفاق سيكون مكلفاً، ولا يملك الجيش "الإسرائيلي" خبرة كبيرة في إدارتها، سيما وأن حركة حماس ما زالت لديها قدرة إطلاق الصواريخ من غزة على الداخل الصهيوني.

وفيما تناولت صحيفة "التايمز" البريطانية، مسألة اعتماد الجيش "الإسرائيلي" في القطاع على قذائف غير موجهة الى أهداف محددة، رأت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن المذبحة التي تسببت فيها الحرب "الإسرائيلية" في قطاع غزة تُحوِّل الدعم الأميركي إلى انزعاج متزايد.

وبات الإنقسام في الرأي سِمَة الداخل الصهيوني، سواء على المستوى الحكومي أو مجلس الحرب، بحيث يرى بعض الوزراء أن الأولوية هي لتحرير الأسرى عبر المفاوضات، والبعض الآخر المحسوب على أقصى اليمين المتطرف، يُطالب بإفراغ قطاع غزة من سكانه، عبر تدمير كل البنى التحتية.
هذا الإنقسام ينسحب أيضاُ على عائلات القتلى والأسرى، بحيث أن العائلات التي سقط منها قتلى تريد من الحكومة الإستمرار  في العدوان إنتقاماً لقتلاها، بينما عائلات الأسرى الذين على قيد الحياة، يطالبون بوقف إطلاق النار ومبادلة الأسرى بكافة السجناء الفلسطينيين.

وإذا كانت حماس ومعها بعض فصائل المقاومة الفلسطينية، قد نجحت بإغراق "جيش الاحتلال" في وحول غزة دون بلوغ هذا الجيش غايته من المعركة البرية، لجهة تفكيك حماس وتحرير الأسرى عسكرياً، فإن وضع الحُكم في غزة ما بعد الحرب، هو الذي يُشغل بال "الإسرائيليين" بعد رفض أهل غزة بديلاً عن غزة، مع استبعاد منح سلطة رام الله الحق بإدارة شؤون القطاع بعد سقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين بين شهيد وجريح ودمار أكثر من 70% من الأبنية والبنى التحتية.

وبما أن كل ورطات ومسؤوليات العدوان تنهمر على رأس بنيامين نتانياهو، المُطالَب بالإستقالة في كل تظاهرة، نتيجة انصياعه للوزراء اليمينيين العنصريين في حكومته، فإن تهديداته للمقاومة في لبنان تدعو للسخرية، وإذا كان يواجه في الداخل الفلسطيني قطاع غزة المُنعزل والمُحاصر، فإن ما ينتظره في لبنان ثلاثة قطاعات على الحدود، الشرقي والأوسط والغربي، على امتداد مئة وعشرة كيلومترات من الناقورة حتى جبل الشيخ، وتُتقن المقاومة في لبنان إدارة معاركها، والصاروخ الذي أطلقته طائرة معادية بالقرب من جنازة شهيد لحزب الله يوم الإثنين، حتى ولو لم ينتج عنه إصابات بشرية أو أضرار مادية، جاء رد المقاومة صاروخياً على كريات شمونة، مع بيان لحزب الله لتذكير العدو الصهيوني بمعادلة مدنيين مقابل مدنيين، والحسابات مع لبنان دقيقة أكثر من غزة، وما على "إسرائيل" سوى أن تتوقع ردوداً صاروخية فورية على عدوانها، ووضع الجيش لديها على جبهة لبنان، شبيه بأوضاع المستوطنين المرتعدين، الذين لا عودة قريبة لهم طالما أمن لبنان في خطر.

ختاماً، ومع التنويه بالصداقة مع فرنسا، ونشاط الدبلوماسية الفرنسية تجاه لبنان، لا نرى من داعٍ لبناني للإغتباط بالقرار 1701 الذي تسوِّق فرنسا لتطبيقه على لبنان فيما "إسرائيل" تخرقه يومياً، والمقاومة باقية في جنوب الليطاني طالما هناك أراضٍ لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، والجزء اللبناني من بلدة الغجر والنقاط المُختلف عليها في الترسيم، وستبقى المقاومة الداعم الأوحد للجيش اللبناني بمواجهة الإحتلال، وما على المُطبِّلين للقرار 1701 سوى العمل على قياسهم، والاحتفال بنجاحهم في التمديد لقادة القوى الأمنية وهذا ما يُعتبر أقصى إمكاناتهم...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل