"إسرائيل"... هزائم استراتيجية وعدم انتصار تكتيكي ـ د. ليلى نقولا

الإثنين 18 كانون الأول , 2023 11:12 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
أطلق المسؤولون الأميركيون تحذيرات "لإسرائيل" معتبرين أن الاستمرار في الحرب على المدنيين واستمرار آلة القتل "الإسرائيلية" بارتكاب المجازر سوف "تحوّل نصرهم التكتيكي إلى هزيمة استراتيجية".
لا شكّ أن الأميركيين يدركون أكثر من غيرهم المعنى الحقيقي لتمرد الشعوب وعدم قدرة جيش نظامي على السيطرة على بيئة معادية، ففي كل من العراق وأفغانستان لم يستطع الأميركيون تحويل الانتصار الميداني الذي حققوه على الجيش العراقي وعلى حركة طالبان (وبسرعة قياسية نوعاً ما) الى استقرار لقواتهم في البلدين، بل تحوّل كل من العراق وأفغانستان الى ساحات مكلفة بشرياً ومادياً وسياسياً للأميركيين.
لقد استخلص الاميركيون العِبر من الحروب الانتقامية التي شنّوها بعد 11 أيلول / سبتمبر كما قال الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي نصح "الإسرائيليين" بعدم تكرار الاخطاء الاميركية، والتعلم والاستفادة منها، لكن العنجهية والغرور "الإسرائيلي"، ورغبة الانتقام ووهم التفوق جعلوهم يصمون آذانهم عن تلك النصيحة.
- في "الانتصار التكتيكي":
بالرغم من ان "الإسرائيليين" يقولون إنهم استطاعوا التوغل في شمال غزة ومحاصرة مدينة غزة، ومحاصرة خان يونس، إلا أن إرادة القتال الفلسطينية ما زالت مرتفعة، وما زال المقاومون يكبدون الجيش "الإسرائيلي" خسائر كبيرة باعتراف "الإسرائيليين" أنفسهم، وهذا يعني أنه حتى النصر التكتيكي لم يزل بعيد المنال بالنسبة "للإسرائيليين" لغاية الآن.
-الهزيمة الاستراتيجية:
وعليه، إن عدم الانتصار في معركة غزة تكتيكياً، بالإضافة الى الهزيمة الاستراتيجية التي يتحدث عن الأميركيون، سترتب على "اسرائيل" تكاليف باهظة، ليس أقلّها فقدان الثقة بقدرة الجيش "الإسرائيلي" على حماية الأمن القومي "الإسرائيلي"، ناهيك عن سقوط الدور الوظيفي الذي كانت تضطلع به "اسرائيل" كقاعدة متقدمة للغرب في الشرق الاوسط.
وكان بن غوريون (أول رئيس وزراء) اعتبر أن "انتصار إسرائيل النهائي سيتحقق عبر الهجرة اليهودية الكثيفة من كافة أنحاء العالم"، ولكن سقوط الثقة بالاستقرار وبقدرة الجيش على حفظ أمن المستوطنين "الإسرائيليين" وبقاء الدولة سوف يخلق هجرة اسرائيلية معاكسة. وكانت بعض التقارير أشارت الى مغادرة حوالى مليون يهودي من "إسرائيل" منذ حرب غزة ولغاية اليوم، وهذا يعني أن "إسرائيل" ستخسر استراتيجياً أيضاً في الهجرة المعاكسة حتى لو حققت انتصاراً تكتيكياً عسكرياً في غزة.
بالنتيجة، إن الانتصار في الحرب يعني أن تكسر "إسرائيل" إرادة القتال لدى الشعب الفلسطيني، وأن ترغمه على التخلي عن خيار المقاومة، وهذا أمر من المستحيل حصوله، بدليل أن استطلاعات الرأي الأخيرة في الشارع الفلسطيني أظهرت تزايد التأييد لحماس في صفوف الفلسطينيين سواء في غزة أو في الضفة الغربية.
 لقد راهن الاسرائيليون دوماً على كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وراهنوا كما قال أحد المسؤولين "الإسرائيليين": "بعض القضايا لا تنتهي ولكنها تبلى وتشيخ وهذا ما سيحصل للقضية الفلسطينية"، لكن الرهان سقط، وها هو الشعب الفلسطيني يسطر ملاحم في الصمود والمقاومة، وما بعد "طوفان الأقصى" غزة لن يكون كما قبله.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل