تهديد لبنان بالعصر الحجري، ذاكرة صهيونية مُتحجِّرة.. ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 12 كانون الأول , 2023 08:52 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كان يجب على بنيامين نتانياهو بعد السابع من أكتوبر الماضي، إستغلال صدمة "طوفان الأقصى"، وتذكير "الإسرائيليين" بواقعة محرقة الهولوكوست النازية، وأن يبني على كذبة الفيديوهات المُلفَّقة حول جرائم قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث والإغتصاب في مستوطنات غلاف غزة، وتصوير حركة حماس أنها نسخة عن داعش، وقَطَف فعلاً من حكومات المجتمع الغربي التعاطف مع عدوانه على القطاع والضفة الغربية، وحلَّل كل المحرمات بفضل شبكات الإعلام اليهودي عبر العالم، وباتت موقعة السابع من أكتوبر هي "هولوكوست القرن" وكأنها طَوَت آلاف الجرائم التي ارتكبتها "إسرائيل" بحق العرب منذ نشوء كيانها القبيح.

وبصرف النظر عن الحقد العنصري في الخطاب الصهيوني المواكِب للعدوان، من نعتِ "الحيوانات البشرية"، الى المطالبة بإلقاء قنبلة نووية على غزة، وصولاً الى شرعنة تسليح المستوطنين، فإن ذاكرة نتانياهو التي استحضرت الهولوكوست من القرن الماضي، أغفلت استحضار "الهولوكوست" على الطريقة اللبنانية عامي 2000 و 2006، قبل أن تُسوِّل له نفسه تهديد لبنان بإعادته الى "العصر الحجري" وتدميره على شاكلة قطاع غزة.

وإعلان رئيس أركان الجيش الصهيوني عن ضرورة "تغيير الوضع" على الحدود مع لبنان، لتأمين عودة سكان المستوطنات الشمالية، يأتي ضمن سياق تهدئة الخواطر  ليس أكثر، نتيجة التظاهرات التي ينظمها هؤلاء ومطالبتهم الحكومة بضرورة تحقيق الأمن في هذه المستوطنات للعودة الى منازلهم، بما يعني حرباً محدودة ضد  المقاومة في لبنان، لكن لا أحد يضمن أن هذه الحرب لو اندلعت سوف تكون لها حدود!

وعلى هذا الأساس، بدا الحرص الأميركي- الفرنسي المشترك، إبقاء الحدود اللبنانية - "الإسرائيلية" خاضعة لقواعد الإشتباك المعتمدة منذ العام 2006، لكن البحث في تطبيق القرار 1701 وتراجع المقاومة من جنوب الليطاني إلى شماله هو حلم كيان العدو، وغير قابل للبحث مع لبنان قبل الإنسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر، إضافة الى ترسيم النقاط الثلاث عشر المُختلف عليها، إضافة الى أن خرق القرار 1701 حصل ويحصل من طرف "إسرائيل" آلاف المرات خلال السنوات الماضية.

 المُلفت في الإستفاقة الغربية والإقليمية لتنفيذ القرار 1701، أن العدوان على غزة حفَّز أصحاب الشأن للعب أدوارهم:
الرئيس الأميركي جو بايدن عبر المبعوث آموس هوكستين، بصفته "المهندس الناجح" في ترسيم الحدود البحرية، الذي جاء منذ فترة لجسّ نبض لبنان حول إمكانية ترسيم الحدود البرية مع الكيان الصهيوني، ثم جاءت زيارة مسؤول المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيميه الى لبنان و"إسرائيل" ومن ثم الى السعودية، ليتبين أن المملكة معنية أيضاً بتنفيذ القرار 1701، كما أميركا وفرنسا.

أميركا تريد تسجيل إنجازٍ خارجي جديد عبر مهمة هوكستين، يكون دسماً لصناديق الإقتراع في الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي سيبدأ الرئيس بايدن معركتها في يناير  المقبل، وفرنسا تعتبر لبنان موطىء القدم الوحيد لها في الشرق الأوسط وتكفيها الخسارات في إفريقيا، أما المملكة السعودية فهي تُقارب أمر القرار 1701 من منطلق وزنها الإقليمي الذي تعزز أكثر بعد التفاهم مع إيران.

التفاهم الإيراني السعودي أعاد تصويب بوصلة التطبيع، وأكدت المملكة اشتراط قيام دولة فلسطينية قبل بحث أي أمر مع العدو فوق الطاولة وتحتها، عسى تستفيق أميركا على واقع الكيان الصهيوني الهجين الذي كرسته المقاومة في لبنان بعد العام 2000، وهنيئاً للبنان بشعبه الذي لا يستسيغ الحرب ولكن، مَن يهدد بإعادة هذا الوطن الى العصر الحجري عبر تدمير بيروت، لا يضمن أن يبقى في تل أبيب حجر على حجر عندما تنطلق من لبنان صليات صواريخ بمعدل ألف صاروخ في اليوم الواحد، وتُضاء سماء "إسرائيل" بنجوم الظهر.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل