أقلام الثبات
بعيدًا من الشأن الميداني، تتصدر مسألة ملء الفراغ في قيادة الجيش، إثر بلوغ قائده العماد جوزف عون سن التقاعد القانوني، وعدم التوافق على أي صيغةٍ بديلةٍ لملء هذا الفراغ، على ما عداها من مختلف المسائل والتطورات السياسية على الساحة الداخلية.
وفي هذا الشأن تؤكد أوساط نيابية متابعة أن فريق المقاومة وحلفاءه لديهم حرص كبير على ضمان سير مختلف مؤسسات الدولة اللبنانية، وفي مقدمها المؤسسة العسكرية، وأن ليس لدى هذا الفريق أي خلافٍ مع الجيش وقيادته الراهنة، رغم الدعم الغربي، وتحديدًا الأميركي لها، إذا كان الهدف من وراء ذلك دعم المؤسسة العسكرية وتقديم المساعدات والإمدادات اللوجستية وبرامج التدريب لها، لا مصادرة قرارها، بالتالي محاولة زجها في مخططاتٍ مشبوهةٍ، تستهدف المقاومة والعيش الواحد في آنٍ. وتلفت الأوساط عينها أنها التقت رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي جدد التأكيد بدوره أنه "مع أي صيغة حلٍ تؤمّن التوافق بين الأفرقاء المعنيين بمسألة ملّ الفراغ المرتقب في قيادة الجيش، سواء كان تعيين قائدٍ جديدٍ للجيش، أو تأجيل تسريح العماد عون، ريثما يتم انتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية، يكون له رأي أساسي في اختيار القائد الجديد، ما يتناسب مع موقف بكركي والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي يرفض في شكلٍ قاطعٍ "التعيين" قبل "الانتخاب"، حفاظًا على موقع الرئاسة الأولى دورها، على اعتبار أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، بحسب أحكام الدستور اللبناني.
كذلك تؤكد أن فريق المقاومة وحلفاءه لا يمانعون أيضًا تعيين رئيسٍ لأركان الجيش، على أن يتولى قيادته لحين تعيين قائدٍ جديدٍ، غير أن هذا الأمر هو غير متاحٍ أيضًا، كونه لم يلق تأييدًا مسيحيًا. كذلك فإن المعنيين في المكوّن الدرزي، لديهم بعض الريبة من أن تطول مدة الفراغ في قيادة الجيش، في ضوء استمرار الفراغ الرئاسي، وانعدام فرص التفاهم على ملء هذا الفراغ في المدى المنظور، خصوصًا بعد حرب الإبادة الصهيونية المتمادية على الغزيين في فلسطين.
أما عن حماسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتأجيل تسريح العماد عون، فتعتبر أن الأوساط عينها أن هذه الحماسة ناجمة عن التأييد الغربي، وتحديدا الأميركي والأوروبي، والخليجي أيَضًا، لإبقاء قائد الجيش في موقعه لأسبابٍ عبّر عنها بوضوحٍ الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، الذي أكد من جهته أن "وجود العماد عون في قيادة الجيش، يؤمّن الضمان للأمن الأوروبي، لناحية هجرة النازحين السوريين غير الشريعة إلى دول الإتحاد الأوروبي"، وتختم بالقول: "كذلك لا يمكن الغياب عن المحاولات الغربية لإبعاد المقاومة عن جنوب نهر الليطاني تحت مظلة الشرعية الدولية، وعودة طرح تطبيق القرار الأممي 1559، وتعديل القرار 1701، الأمر الذي ترك نقزةً لدى فريق المقاومة"، تختم الأوساط.